للعام الخامس على التوالي، تغلق السلطات المصرية ضريح الإمام الحسين بن علي وسط القاهرة، تزامنًا مع احتفالات الشيعة بذكرى (عاشوراء) التي بدأت الجمعة وتنتهي الأحد 1 أكتوبر الجاري.
وتجددت حالة الجدل مرة أخرى بين الشيعة الذين يرغبون في الاحتفال بالذكرى، والسلفيين الذين لا يرفضون الاحتفال فحسب بل لا يرون للضريح ذاته مبررًا ويدعو بعضهم لهدمه.
السلطات الأمنية توخت الحذر بين الطرفين، وشددت من إجراءاتها التأمينية على مسجد الإمام الحسين خشية وقوع مناوشات خلال الاحتفال.
فإلى أي مدى تعبر الإجراءات المصرية عن تخوفات حقيقية ليس من المناوشات المتوقعة فحسب، بل من انتشار التشيع في حاضنة الإسلام السني؟، وما حقيقة ما يقال بشأن المد الشيعي، وعلاقته بالمسار السياسي بين القاهرة وطهران؟.
مصر “خائفة”؟
مصدر أمني في محيط مسجد الحسين قال في تصريحات صحفية إنه “سوف يتم توقيف أي مصلٍ يدخل المسجد يشتبه في ممارسته للطقوس الشيعية، فضلاً عن منع توزيع أي مطبوعات عليها عبارات تدعو لنشر التشيع”.
وزارة الأوقاف، أعلنت غلق الضريح لمنع إقامة أي مظاهر شيعية، وقالت إنها “لن تسمح بأي ممارسات طائفية أو فتن، وإن أي خروج على حرمة المساجد سيواجه بكل حسم من خلال محاضر رسمية”.
النشطاء الشيعة، قليلو العدد في مصر، أعلنوا أنهم سيزورون ضريح الحسين إحياء لذكرى عاشوراء، وقال يحيى مهدي، عضو “رابطة شباب الشيعيين المصريين”: “سنزور منطقة الحسين رغم غلق الضريح، وسوف نجتمع في أقرب مكان للمسجد قد يكون في مناطق الجمالية أو باب الشعرية أو الدراسة”.
أما مصطفى زايد منسق ائتلاف الطرق الصوفية، فقال: “لن نسمح للشيعة ببث سمومهم في المجتمع، وملتزمون بالوجود في نطاق المسجد لحمايته من أي خروقات من قبل الشيعة”، مضيفًا أن الاحتفالات الشعبية بمولد الحسين بدأت أمس بمسيرات من مناطق الدراسة والجمالية والدرب الأحمر وباب الشعرية إلى المسجد”.
ولا يوجد حصر دقيق لأعداد الشيعة في مصر، لكن قيادات بارزة في الشيعة تدعي أن عددهم 3 ملايين نسمة، أما المصادر غير الرسمية فتشير إلى أن أعدادهم لا تزيد على 18 ألفًا فقط، وأنه جراء خوفهم من إعلان اعتناقهم للمذهب الشيعي يمارسون عقيدتهم في الخفاء ولا يعلنون عن ذلك.
في المقابل عادة ما تثير الذكرى حفيظة قطاع من السلفيين، فقبل أيام طالب الداعية السلفي والقيادي السابق بحزب النور “سامح عبد الحميد”، بإزالة ضريح الحسين من مسجده في القاهرة، مشيرًا إلى أن “الشيعة يستغلون هذا المسجد لنشر التشيع والتوغل بين الناس وغزو المجتمع ببدعهم وخرافاتهم ويسبون الصحابة”.
الدعوة أغضبت عددًا كبيرًا من مشايخ الطرق الصوفية، واعتبروه تهديدًا صريحًا لهم مع كل مناسبة، مؤكدين أنهم سيحمون الضريح وغيره من الأضرحة.
ورغم رفض الصوفية لكثير من معتقدات المذهب الشيعي، إلا أن “حب آل البيت” ومسألة الأضرحة الخاصة بهم تعتبر عاملًا مشتركًا بينهما.
جدلية الاختراق الشيعي
أزمة الضريح وذكرى عاشوراء تلقي بظلالها على القضية الجدلية الخاصة بالمد أو الاختراق الشيعي لمصر السنية.
فمصر بمثابة أرض خصبة، للمد الشيعي، ليس اعتبارًا لوجود عدد كبير من معتنقي المذهب الشيعي فيها، لكن لوجود “الصوفية”، الأقرب لهم من المذهب السني، وهي طرق متعددة ولها أتباع بالملايين في مصر.”
المَدُّ الشيعِيُّ في مِصر/ آليَّات التغلغُل وطَرائِق المُدافَعة” عنوان كتاب صدر عام 2013، يتناول بشيء من التفصيل مخاوف المصريين من التغلغل الشيعي.
وفي نطاق ذلك يلقي الكتاب الضوء على ما قال إنه بعض الثغرات التي يحاول الشيعة النفاذ منها إلى قلب المجتمع المصري السني، ومنها مسألة السياحة الدينية وزيارة الأضرحة.
البحث يكشف من خلال إثباته بمنهج البحث العلمي، وفق الكاتب، أن “كثيرًا من الأضرحة التي يدعي الشيعة أنهم بنوها في مصر هي مجرد أوهام لا أصل لها”، ويخص الباحث قضيتي دفن رأس الحسين والسيدة زينب رضي الله عنهما في مصر.
هذا البعد أعاد للأذهان تصريحًا منسوبًا لمصدر مسؤول في وزارة السياحة، في نوفمبر من العام الماضي، أعلن فيه نية مصر عودة السياحة الإيرانية إلى المقصد السياحي المصري، وفقًا للضوابط والاشتراطات الأمنية التى سيتم إعلانها.
المصدر، قال إن السماح بدخول السياح الإيرانيين مصر، سيكون من خلال شركات السياحة الحكومية وعددها 5 شركات، مشيرًا إلى أن إنفاق السائح الإيراني يمثل 3 أضعاف إنفاق السائح الأوروبي.
216 فضائية
الثغرة الثانية التي لفت الكتاب الأنظار إليها بكثير من الاستفاضة البحثية هي تلك المتعلقة بالفضائيات الشيعية المنتشرة في البيوت السنية من حيث عددها وهويتها وفلسفتها وتحليل محتوى أطروحاتها، وبخاصة فضائيات الأطفال.
وفي الإطار نفسه يتحدث الباحث عن ثغرة الدراما الشيعية وما قد تحدثه من خلخلة لعقيدة المصريين؛ ليحلل محتوى بعض المواد الدرامية الشيعية لإثبات خطورتها على الهوية والعقيدة ويقدم حلولًا عملية لمواجهتها.
ائتلافات سلفية أطلقت في هذا الإطار حملة لحذف القنوات الشيعية على قمر نايل سات المصري، وقدرت أعدادها بنحو 216 قناة بين الدينية والإخبارية والأطفال، وكذا الدرامية.
وفي حلقة من برنامج “على هوى مصر” عبر فضائية النهار one، أشار الإعلامي خالد صلاح إلى أن هناك برنامجًا يبث على قناة “فدك” الشيعية يُدعى “مصر الفاطمية” يخاطب المجموعات الشيعية داخل مصر، ويتلقى اتصالات هاتفية من الشيعة المصريين.
وبحسب الفيديو الذي أذاعه البرنامج، فإن شيخ شيعي عراقي يزعم أنه لا يستطيع أحد أن ينكر المد الشيعي في مصر، وأن أغلب أهل مصر على مذهب الشيعة.
كما يتناول الكتاب تفصيلًا أيضًا ثغرة زواج الشيعة العرب من فتيات ونساء مصريات، وكيفية سد هذه الثغرة التي تقع فيها العديد من الأسر المصرية دون أن تشعر، على حد تعبيره.
اضف تعليقا