عملية كان الهدف منها إعادة الشرعية إلى اليمن انطلقت قبل أكثر من عامين ونصف، لكنها لم تفشل فقط وإنما خلفت وراءها مأساة إنسانية، وبات الكثير من الناشطين اليمنيين يطلقون مصطلح “احتلال” على قوات التحالف العربي الموجودة في اليمن.

ومع اقتراب نهاية العام الثالث لا تزال جماعة الحوثي وحليفها الرئيس السابق علي عبدالله صالح يسيطرون على العاصمة اليمنية صنعاء وغالبية المدن والمحافظات، كما أن نيران تحالف الحوثي لا تزال مصوبة باتجاه المملكة العربية السعودية.

أما المشكلة الرئيسية في اليمن بعد فشل الحرب في الوصول إلى أهدافها فتتمثل في عدم قدرة التحالف العربي بقيادة السعودية في إدارة المناطق المحررة وأبسط مثال على ذلك المأساة التي يعيشها اليمنيون في مدينة عدن في الجنوب بعد انهيار القطاع الصحي والتعليمي وانهيار شبكة المياه والكهرباء.

يقول المحلل السياسي الأمريكي والباحث بمعهد كاتو للدراسات دوغ باندو إن بن سلمان دخل الحرب اليمنية على أساس أنها حرب خاطفة وسريعة لكنه “تجسد في صراع طائفي مطول قتل فيه أكثرمن 10 آلاف مدني معظمهم بسبب الهجمات الجوية السعودية”.

وأشار “باندو” إلى أن السعودية برغم تعثرها في الحرب إلا أنها لم تبذل جهدا يذكر لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين”.

تكلفة الحرب في اليمن

وعلى صعيد الموقف الرسمي من تكلفة الحرب لم تعلن المملكة أي أرقام رسمية إلا أن تقريرا لقناة “العربية” التابعة للنظام السعودي قال على لسان خبراء إن تكلفة الضربات الجوية في الشهر الواحد تصل إلى مائة وخمسة وسبعين مليون دولار شهريا في حال استخدام مائة طائرة فقط.

وأشار التقرير الذي أذاعته بالتزامن مع إطلاق “عاصفة الحزم ” إلى أن التدخل البري لمدة 5 أشهر سيكلف الرياض نحو 3 ملايين دولار يوميا.

وفي حالة استمر نشر القوات على المدى الطويل يرى المحللون بحسب التقرير أن التكلفة سترتفع على غرار إنفاق الأمم المتحدة لقواتها البالغ قوامها 123 ألف جندي حول العالم، إلى 8 مليارات و500 مليون دولار، دون الإشارة إلى المدة الزمنية لهذه التكلفة.

ويقول الدبلوماسي اليمني السابق عباس المساوي أن السلاح السعودي دمر الحضارة والآثار اليمنية التي تعود لآلاف السنين مشبها ما فعلته السعودية في اليمن بما فعله تنظيم الدولة في سوريا والعراق.

وأشار خلال لقاء له على قناة الجزيرة منتصف يوليو الماضي إلى أن السعودية شنت 130 ألف غارة على اليمن خسرت فيها السعودية 150 مليار دولارحتى الآن”.

وأشار المساوي إلى أن اليمن كان يكفيه منها عشرة مليارات لإعادة البلاد إلى عهد الازدهار، “لكن الحرب أدت فقط إلى تدمير اليمن وتمكين الحوثي الذي لم يكن يملك شيئا وأصبحت لديه صواريخ تتجاوز الرياض”.

ما بعد الفشل

ومع استمرار تلك الحرب تحولت اليمن إلى بقايا دولة بعد أن دمرت طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية البنية التحتية واستهدفت المدارس والمصانع والمستشفيات ومحطات المياه والكهرباء.

وتجاوزت الخسائر الاقتصادية اليمنية 110 مليارات دولار فضلا عن التسبب في معاناة إنسانية وانتشار الأوبئة والكوليرا التي حصدت حياة أكثر من ألفي شخص وأصابت نحو 600 ألف آخرين.

وبعد أن تسبب بن سلمان في حرب اليمن وحولها إلى أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم يريد الأمير الطائش الخروج من مستنقع الحرب.

حيث كشفت تسريبات البريد الإلكتروني للسفير الإمارتي في واشنطن يوسف العتيبة عن رغبة ولي العهد السعودي في الخروج من الحرب بعد أن تأكد أنها لم تحقق الغرض منها، بالإضافة إلى التغيرات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها المملكة في ظل الأزمة الخليجية والخلاف مع إيران.

ويرى محللون أن الخسارة في حرب اليمن ربما تؤدي إلى انهيارات سياسية سعودية على المستويين الداخلي والخارجي في ظل عدم إحراز أي مكاسب.

إلا أن قرار الخروج لم يعد في يد التحالف العربي وحده بعد ظهور خلافات بين السعودية والإمارات وتباين المواقف بين الحليفين في اليمن حيث تهدف الأجندة الإماراتية إلى دعم التيار الانفصالي في الجنوب وتعمل على عرقلة حكومة عبدربه منصور هادي التي تتخذ من الرياض مقرا لها.

 

إدانات دولية

وفي سياق الانتهاكات التي تسبب فيها التحالف العربي في اليمن دعت 57 منظمة حقوقية غير حكومية، بينها “هيومن رايتس ووتش”، الأمم المتحدة لـ”فتح تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات التي ترتكبها كل أطراف النزاع في اليمن”.

وقالت المنظمة في رسالة وجهتها إلى الممثلين الدائمين للدول الأعضاء والمراقبين في “مجلس حقوق الإنسان” التابع للأمم المتحدة، إن على المجلس فتح تحقيق دولي في الانتهاكات المرتكبة في اليمن.

واتهم التقرير الذي أصدرته المنظمات “التحالف العربي بقيادة السعودية” بشن عشرات الضربات الجوية غير القانونية، التي قد يرقى بعضها إلى جرائم حرب، فيما استخدمت قوات الحوثي – صالح الأسلحة عشوائيا في المناطق المأهولة وفي المدن مثل تعز (جنوب غرب) وعدن (جنوب)، ما قد يرقى أيضًا إلى جرائم حرب”.

وأشار التقرير إلى أن “الحكومة اليمنية والتحالف العربي بقيادة السعودية، لم يجريا تحقيقًا مستقلا أو شفافًا في انتهاكات قواتهما المزعومة”.

كما طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة منتصف العام الماضي لتعليق عضوية السعودية لارتكابها انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان خلال فترة عضويتها بالمجلس.

وقالت “رايتس ووتش” في بيان لها بتاريخ  29 يونيو 2016 “إن المملكة وظفت موقعها في المجلس لتحصين نفسها في وجه المساءلة عن انتهاكاتها في اليمن” بعد شنها هجمات جوية عشوائية وغير متناسبة قتلت وجرحت العديد من المدنيين، وأنها “دأبت وبصورة متكررة، على استعمال الذخائر العنقودية المحرمة دولياً، بما في ذلك في المناطق المأهولة بالسكان المدنيين”.