في ظل تصاعد الانتقادات الدولية للممارسات القمعية داخل الإمارات، دعا المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان لفرض ضغوط فاعلة على سلطات الإمارات، مطالباً بالإفراج عن معتقلي الرأي فيما يُعرف إعلامياً بقضية “الإمارات 84”.
تأتي هذه الدعوة بالتزامن مع انطلاق مؤتمر المناخ (كوب 29) في أذربيجان، في حين كانت دبي تستضيف النسخة السابقة للمؤتمر (كوب 28)، وهي مفارقة تؤكد التناقض الواضح بين تصريحات الإمارات عن الديمقراطية وواقع القمع المتواصل.
وبحسب المركز، فإن بدء محاكمة معتقلي الرأي في “الإمارات 84” تزامن بشكل لافت مع انعقاد مؤتمر المناخ COP28 في دبي ، حيث انطلقت المحاكمة في 7 ديسمبر 2023، وسط تغطية إعلامية محدودة، بينما كانت السلطات الإماراتية تقدم نفسها كدولة منفتحة وديمقراطية خلال المؤتمر.
وعلى الرغم من هذا الادعاء، يرى مراقبون أن الإمارات تسعى إلى إظهار وجهها “الديمقراطي” للعالم، بينما تقمع في الداخل كل أشكال المعارضة، وتُخضع النشطاء لأساليب قمعية تهدف إلى إسكاتهم تماماً.
محاكمات جائرة ومعاناة إنسانية
طبقا للمركز الأوروبي، فإن الأحكام الصادرة على المعتقلين في قضية “الإمارات 84” تعكس نمطاً ممنهجاً من انتهاكات حقوق الإنسان، حيث حُكم على 69 من المتهمين بالسجن، بينهم 43 بالسجن المؤبد، بتهمة “إنشاء وتأسيس وإدارة منظمة إرهابية”.
ووصف المركز هذه المحاكمة بأنها صورية وغير عادلة، إذ تمت دون اتباع الإجراءات القانونية اللازمة، وشملت احتجاز المتهمين في الحبس الانفرادي لفترات طويلة، ومنعهم من الوصول إلى تمثيل قانوني كافٍ، فضلاً عن تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة.
وتعتبر قضية “الإمارات 94” في عام 2013 سابقة مشابهة، حيث اتُهم عدد من المواطنين بمحاولة تحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، لكنهم تعرضوا لمحاكمة صورية وحُكم عليهم بالسجن لمدد طويلة.
ويرى المركز أن السلطات الإماراتية تستغل القوانين الداخلية، مثل قانون مكافحة الإرهاب وقوانين الجرائم الإلكترونية، لإضفاء الشرعية على محاكماتها الجائرة، بينما تُقيد حرية التعبير التي يُفترض أن تكون محمية بموجب المادة 33 من الدستور الإماراتي.
ازدراء حقوق الإنسان
يؤكد المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان أن الإمارات ملزمة بالالتزام بالحقوق الإنسانية الأساسية للمتهمين، رغم عدم توقيعها على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
فقد وقعت الإمارات على الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي ينص بوضوح على حق كل إنسان في محاكمة عادلة، وهو ما لم يُحترم في هذه القضية، حيث تشير التقديرات إلى أن 53% من معتقلي “الإمارات 84” كانوا قد وقعوا على عريضة تؤيد الديمقراطية في عام 2011، مما دفع السلطات إلى احتجازهم تعسفياً.
ويشدد المركز على ضرورة إعادة النظر فوراً في التهم الموجهة للمعتقلين وإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي، وتعديل القوانين القمعية التي تُستخدم لتكميم الأفواه وسجن المعارضين.
ويدعو المجتمع الدولي إلى مواصلة الضغط على أبوظبي، ويطالبها بتغيير القوانين الجائرة، مؤكداً أن الاستمرار في انتهاك حقوق الإنسان يُعد إخلالاً جسيماً بالتزاماتها الدولية.
اقرأ أيضًا : لماذا أطاح محمد بن سلمان بالرئيس التنفيذي لمشروع “نيوم” نظمي النصر؟
اضف تعليقا