العدسة – ياسين وجدي:

مر عام 2018 بجروح عربية وإسلامية لم تندمل ، بسبب أطماع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وفق المراقبين.

“العدسة ” يسلط الضوء على جانب من هذه الجروح وجانب من هذه الأطماع ، والتي قد يحمل العام الجديد خطوات في سبيل اندمالها أو خطوات في سبيل زيادتها ، وإن كانت الأخيرة أرجح وفق تقديرات موقف مبدئية.

اليمن الحزين !

أسدلت السنة الحزينة “2018” ستائرها على شعب اليمن وسط خراب ودمار شارك فيه بشكل بارز وموثق التحالف السعودي الإماراتي.

 

 

وصارت الطفلة اليمنية بثينة منصور الريمي أحد رموز توابع الأطماع المتزايدة لولدي “سلمان ” و”زايد” في اليمن في العام 2018 ، بحسب وصف وكالة الأنباء الفرنسية ، والتي وصل عدد الضحايا فيها بحسب مراقبين منذ مارس 2015 وحتى اليوم بـ16.200 قتيل على الأقل فيما تذهب تقديرات إلى سقوط 35 ألف قتيل ، كما سجلت سجلات الأمم المتحدة تورط  التحالف السعودي الإماراتي في انتهاكات بحق أطفال اليمن وصلت نسبتها إلى 51%  من إجمالي الضحايا ، لكن بحسب احصائيات رسمية فإن إجمالي عدد القتلى والمصابين والمختطفين المدنيين، خلال الفترة من سبتمبر 2014 إلى الفترة ذاتها من عام (2018)، تجاوز 67 ألف شخص.

 

ولم تكن مجزرة صعدة، في أغسطس الماضي إلا مجرزة واحدة ضمن سلسلة من عشرات المجازر ارتكبت في حق الشعب اليمني من قبل التحالف السعودي الإماراتي ، فيما سبقها في أبريل 2018، استهداف الطائرات السعودية تجمع للنازحين في الحديدة أسفر عن مقتل 20 قتيلًا مدنيًا بينهم 7 أطفال.

الطمع وصل بحسب تحقيق استقصائي أجرته وكالة “أسوشيتد برس” إلى تورط السعودية والإمارات في نهب معظم المساعدات الدولية مؤكدا أن المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة والتحالف، تتعرض للنهب الممنهج ، وتوزيعها على الموالين فقط أو وضعها للبيع في السوق السوداء رغم أن الأوضاع الإنسانية المأساوية في البلاد التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.

استهداف فلسطين !

وشهد عام 2018 طعنات غادرة بحسب المراقبين من ولدي “سلمان” و”زايد” للقضية الفلسطينية، ويستند المراقبون في ذلك على كواليس لعدوان الصهيوني الأخير على غزة والتطبيع الإماراتي غير المسبوق مع دولة الاحتلال الصهيوني.

 

 

وبحسب الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” فقد كانت الحرب على غزة من بين السيناريوهات التي اقترحها فريق عمل “الحد من الأضرار” السعودي والذي أنشئ لتقديم المشورة إلى ” بن سلمان” في أعقاب تصفية الصحفي المعارض جمال خاشقجي، مضيفا أن “بن سلمان” حاول إقناع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو ببدء ذلك لدعمه أمريكيا وصرف الأنظار عنه وذلك نقلاً عن مصادر داخل السعودية.

وكشفت صحف عبرية في أبريل 2018 عن تهديد ” بن سلمان” للفلسطينيين إما القبول بـ”صفقة القرن”، وإما “التوقف عن الشكوى” بحسب ما أذاعت القناة العبرية العاشرة، وجاء ذلك وقتها بعد أسابيع قليلة من مقابلة مثيرة للجدل لولي العهد السعودي مع رئيس تحرير مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية، جيفري غولدبرغ، اعترف بن سلمان فيها بوطن لـ”إسرائيل”، خلال زيارته واشنطن في 20 مارس 2018 التي أقر فيها بضرورة تنفيذ مخطط “صفقة القرن”.

وفي الجانب الموازي ، كان نشاط “محمد بن زايد ” لزيادة التطبيع مع الكيان الصهيوني ، غير مسبوق ، وهو ما كشفه رئيس المنظمات اليهودية الأمريكية “مالكوم هوين” التي كشف في أواخر عام 2018 بتفاصيل كاملة مخطط الإمارات لتعزيز التطبيع مع الكيان الصهيوني.

 

 

 

وشهد العام كذلك في شهر أكتوبر جولة مستفزة لوزيرة الرياضة والثقافة الصهيونية، ميري ريغيف، داخل الإمارات دنست فيها مسجد الشيخ زايد، أكبر مساجد الإمارات بجانب ترديد النشيد الوطني الصهيوني في فعاليات تطبيعية رياضية .

ملاحقة تونس !

تونس الخضراء .. مهد ثورات الربيع العربي ، كانت ولازالت ، وفق المتابعين للشأن التونسي والعربي، شوكة في حلق “المحمدين” ، ولذلك كانت في بؤرة الاستهداف والأطماع السعودية والإماراتية.

وظهرت الأيدي الإماراتية السعودية في الخلافات الفكرية والثقافية بين الإسلاميين والعلمانيين ، وبين معسكري رئيس الجمهورية قائد السبسي ورئيس الوزراء يوسف الشاهد ، فقد كان المتاح الأوحد أمام المحور الإماراتي السعودي حتى نهاية العام 2018  بحسب المراقبين هو استثمار الصراعات الأيديولوجية بين الإسلاميين والعلمانيين.

ومع ظهور حملة السترات الحمراء في تونس ، سقطت ورقة التوت سريعا ، وظهرت المؤامرة الإماراتية بوضوح ضد الثورة التونسية ، وسعيها وفق مخطّط لإدخال البلاد في الفوضى والعنف ، وتأكد بحسب تقارير ووثائق متواترة أنها الجهة الراعية والممولّة لهذا المخطط حتى أن قناة الغد الإماراتية تحدّثت عن توقعات بتفاعل شعبي كبير مع حملة السترات الحمراء.

المخطط الإجرامي السعودي الإماراتي لم يتوقف منذ الربيع العربي ، ولكن عاد بوجه واضح في نهايات عام 2018 ، وهو ما رصدته صحيفة بريطانية مؤكدة أن السعودية والإمارات تُعدان انقلاباً في تونس، وحذّر الكاتب ديفيد هيرست، في مقال له بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، من أن تونس “منطلق الربيع العربي” تواجه خطر انقلاب محتمل بدعم سعودي إماراتي ومصري، وتواطؤ أطراف داخلية.

وسجل يوم 11 يونيو 2018 كاشفا جديدا لأطماع الحلف السعودي الإماراتي انفردت به مجلة “موند أفريكا” الفرنسية المهتمة بالشؤون الأفريقية مؤكدة أن هذا الحلف قاد بمساعدة وزير الداخلية لطفي براهم، مخطط إقليمي كبير يستهدف إحداث “انقلاب” على السلطة القائمة في تونس.

النقم على قطر !

وشهد العام المنصرم ، نقما سعوديا إماراتيا بارزا ضد قطر ، رغم فشل الحصار الرباعي ضد الدوحة ، وهو ما ظهر في استمرار عرقلة إجراءات الكويت لرأب الصدع الخليجي.

 

 

هذا المشهد لفت انتباه الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئيس وزراء دولة قطر السابق، مع نهاية العام ، وغرد أنه مازال مؤمناً بابتعاد أبناء قطر عن الشماتة وعن الإساءة، رغم أن حلف الحصار لم يقصر في الشماتة والتمنيات السيئة لقطر قيادةً وشعباً، موضحا أن هذا لا يعني أن ننسى ما حدث.

ورغم أن هذا العام شهد إقرار “بن سلمان” لقطر بالاقتصاد القوي في إقرار ضمني بالهزيمة إلا أن موجة الهجوم لم تتوقف حتى نهاية العام ، إلا أن وزير الخارجية السعودي السابق عادل الجبير، شن في آخر تصريحاته قبل مغادرته في ديسمبر 2018 لمنصبه هجوما على الدوحة مشترطا استجابة قطر “لمطالب الدول الأربع” لوقف المقاطعة.

وأرجع مراقبون النقم السعودي الإماراتي على قطر بسبب تسجيل عام 2018  صعودا في برنامج النجاح القطري في التغلب على الحصار الاقتصادي المفروض عليها منذ يونيو 2017، عبر عمل دؤوب لدبلوماسية ذكية استطاعت تطويق دول الحصار وإحراز تقدم قضائي دولي بحكم لافت من محكمة العدل الدولية.

دماء “خاشقجي”!

تصفية الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، كان أحد الجروح الكبرى التي شهدت رفضا دوليا لازال مستمرا بالتزامن مع استمرار الشكوك حول دور الإمارات في تلك الجريمة التي لم يسدل الستار عليها عبر رجل المافيا محمد دحلان.

 

 

ولازال تركيا ترفض التستر السعودي على صاحب القرار الأول في عملية التصفية ، ووجه  وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، رسالة إلى السعودية بشأن ضرورة الإعلان عن “المتعاون المحلي”، الذي استلم جثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي ، كما أكد وزير العدل التركي عبد الحميد غل، إن بلاده ستتابع إلى النهاية قضية “جمال خاشقجي” وستلجأ في هذا الإطار إلى كل الآليات الدولية الممكنة بما فيها الأمم المتحدة.

الجروح كثيرة !

القائمة طويلة للجروح التي أحدثتها التحركات السعودية والإماراتية في المنطقة ، ومنها بحسب المراقبين ، استمرار الدعم المفتوح للنظام المصري المتورط في جرائم إبادة بشرية وانتهاكات مستمرة ومتصاعدة في العام 2018 لحقوق الإنسان فضلا عن انقلابه العسكري.

 

 

وينضم لتلك القائمة التدخل الخطير في الشأن الليبي باستمرار دعم اللواء خليفة حفتر قائد الانقلاب العسكري والغدر بالثورة السورية والتطبيع العلني والسري مع النظام السوري المتورط في جرائم حرب وإبادة بشرية ، بجانب الإضرار بحقوق شعبي السعودية والإمارات بشكل غير مسبوق ، والسيطرة على الوضع البحريني والحيلولة دون إحداث تسوية ديمقراطية في البلاد ، وإن كانت إيران مرشحة الفترة المقبلة لاستقبال أطماع ولدي سلمان وزايد في حال استعدت الولايات المتحدة الامريكية لضربتها لطهران.