العدسة – باسم الشجاعي
يبدو أن “عبد الفتاح السيسي”، يؤسس لمرحلة جديدة في الصراع القائم بين جهاز المخابرات العامة ونظيره العسكري، ليصبح اليد العليا للمخابرات الحربية، وذلك مع قرب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في مارس المقبل.
“عباس كامل”، كان هو عنوان هذه المرحلة الجديدة؛ حيث أصدر “السيسي”، قرارًا جمهوريًا، “الخميس” 18 يناير، بتكليف مدير مكتبه بتسيير أعمال جهاز المخابرات العامة.
والمعروف أن “كامل” ينتمي لجهاز المخابرات الحربية، وليس له علاقة بجهاز الاستخبارات العامة.
وقد شغل اللواء “عباس كامل”، منصب مدير مكتب رئيس الجمهورية “عبد الفتاح السيسي”، ومن قبله كان مدير مكتبه في وزارة الدفاع، وذلك بعد تدرجه في الوظائف بجهاز المخابرات الحربية.
ويبدو أن الخطة الحالية هي الأنسب لحسم الصراع القديم بين الجهازين، لتغيير موازين القوى، وخاصة مع قدوم الانتخابات الرئاسية المقلبة، لتصبح للمخابرات الحربية اليد العليا في مصر.
ويشار إلى أن “السيسي”، دأب منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، الذي أطاح بالرئيس “الأسبق، “محمد مرسي”، على إجراء تعديلات واسعة في أجهز الاستخبارات من حين لآخر.
ففي آخر 3 سنوات، أقال “السيسي” 119 مسؤولا من جهاز المخابرات العامة، بينهم قيادات رفيعة، كان آخرها، في ديسمبر 2014؛ حيث أقال رئيس المخابرات العامة اللواء “محمد فريد التهامي” إلى التقاعد بعد أكثر من عام على توليه منصبه، وعين بدلا منه “خالد فوزي”، الذي ظل في المنصب نحو 3 سنوات فقط.
والخلاف بين المخابرات العامة والحربية الذي ينتمي لها الرئيس المصري، واللواء “عباس كامل”, يتعلق بأمور كثيرة أهمها اختلاق الرؤى فيما يخص التعامل الكثير من الملفات.
سيناء
ووفقا لما كشفت عنه النشرة الاستخباراتية الفرنسية، إنتليجنس أونلاين، في 2015، فإن العلاقة بين المخابرات العامة والعسكرية، تشهد توترا بشأن الوضع المتدهور في شمال سيناء، الذي تنتشر فيها قوات الجيش والشرطة.
وأوضحت النشرة أن المخابرات الحربية تتهم نظيرتها العامة بالتدخل في نطاق صلاحياتها بسيناء، موضحة أن “السيسي” يميل إلى جانب العسكرية على حساب العامة، التي لا يثق في ولاء رجالها، واصفة ما حدث “بالهزة العنيفة في جهاز المخابرات العامة”.
وانعكس هذا الصراع على أداء القوات الموجودة في سيناء؛ حيث كان واضحا ذلك الضعف الهيكلي للاستخبارات المصرية بشقيها “العام والحربي”، وضعف التنسيق بين مختلف خدماتها، في الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة 307 أشخاص في مسجد في سيناء في 25 نوفمبر الماضي.
ومع ذلك فإن جهاز المخابرات الحربية لا يزال يحظى بدعم “عبد الفتاح السيسي”، ففي ديسمبر 2016، وسع الرئيس المصري صلاحيات “الشحات”، مما أتاح له مسؤولية مكافحة الإرهاب في المدن المصرية، وهي مهمة كانت مسؤولية حصرية لـ”فوزي” وجهاز المخابرات العامة.
رئاسيات 2018
الصراع بين جهاز المخابرات العامة والحربية التي ينتمي لها “السيسي” و”كامل” يمتد للخوف الأكبر من وجود اتصالات بين الطواقم القديمة للجهاز وبين لاعبين سياسيين إقليميين بما يهدد بقاء نظام السيسي واستمراره.
كذلك القلق وجود اتصال بعض كبار النخبة العسكرية المتقاعدة “غير المرحب” بها، من قبل “السيسي”، مثل رئيس الأركان الأسبق “سامي عنان”، المرشح الرئاسي المحتمل في انتخابات 2018، مما يشكل خطرا على دائرة الحكم التي يقودها الرئيس الحالي.
ووقفا لما أورد موقع “الخليج الجديد” على لسان مصادر خاصة له، فإعلان رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، الفريق “سامي عنان”، خوص السباق الرئاسي، هو السبب الحقيقي وراء إقالة رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، اللواء “خالد فوزي”.
وأضافت المصادر التي وصفها بأنها قريبة من حملة “السيسي” الانتخابية، أن الخطوة التي أقدم عليها “عنان”، جاءت بضوء أخضر من جهاز المخابرات العامة، بعد انسحاب رئيس وزراء مصر الأسبق، الفريق “أحمد شفيق” من المعركة الانتخابية قبل أيام.
ومن المعروف أن الفريق المؤيد للسيسي بشكل أساسي، يديره مساعده اللواء “عباس كامل” الذي عين مؤخرا مديرا للمخابرات العامة.
ومن الطبيعي أن لا يثق “السيسي”، سوى في “كامل”، الذي يتمتع بخبرة في إدارة ملف الانتخابات الرئاسية منذ 2014؛ حيث كان يمسك بزمام كافة التحركات في هذه المهمة، بدءا من حملات السوشيال ميديا، والتنسيق مع رجال الأعمال لحشد البسطاء، والتنسيق مع الإعلاميين، في حين كانت كافة الشخصيات الأخرى في حملة السيسي مجرد مناصب على ورق فقط”.
كما أن “السيسي”، يريد إعادة النظر في الخريطة الإعلامية ووسائل الإعلام التي يمتلكها الجهاز وتحديد مدى الاستفادة من كل وسيلة على حدة، وخاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية، وهذه المهمة تعتبر بسيطة لخبرة “عباس كامل” في هذا الملف، فقد سبق، وأن أذيع تسريب له، وهو يوجه دفة الإعلام المصري الخاص كما يحلو له.
سيناريو خشن
محاولات “السيسي” لجعل اليد العليا لمخابرات الحربية سياسيا واقتصاديا واستخبارتيا على حساب المخابرات العامة، ربما يقود الأمور لسيناريو أكثر خشونة، من خلال التصفيات بطريقة غير مباشرة، بين الطرفين، عبر تمرير معلومات للجماعات المسلحة، كما يتوقع أكثر المتشائمين.
ويتسق هذا مع ما ألمح له، رئيس الجامعة العربية، “أحمد أبوالغيط”، إلى أن شخصية كبيرة فى المجلس العسكري تولت التبرير للحادث مقتل رئيس جهاز المخابرات الأسبق اللواء “عمر سليمان”، وأكد أن التاريخ سيكشف الحقيقة، وذلك فى كتابه “شاهد على الحرب والسلام”، وخلال لقاء تلفزيوني اتهم جهة رسمية بشكل صريح بالوقوف وراء الحادث.
وكان اللواء “عمر سليمان”، توفي في 19 يوليو 2012، عن عمر يناهز 77 عاما، بعد مروره بأزمة صحية مفاجئة، بحسب ما أعلن.
وقالت التقارير الطبية الأمريكية وقتها إن سبب وفاة “سليمان” هو إصابته بسكته قلبية مفاجئة، وذلك أثناء قيامه بإجراء فحوصات طبية في مستشفى كليفلاند، إلا أن كبير الأطباء الشرعيين، ورئيس مصلحة الطب الشرعى “سابقا”، الدكتور “فخرى صالح”، أكد أن هناك شبهات ودلائل تؤكد مقتل “سليمان”، في حوار له مع موقع “بوابة فيتو”، المقربة من النظام الحالي في مصر.
فالتقارير الطبية الأمريكية وقتها قالت إن اللواء “عمر سليمان” مصاب بمرض “النشواني” وأن سبب وفاته هو إصابته بسكته قلبية مفاجئة؛ أثناء قيامه بإجراء فحوصات طبية في مستشفى كليفلاند، وهذا الأمر غير منطقي لأن هذا المرض يؤدي إلى قصور في عضلة القلب، وكان عمر سليمان رجلا رياضيا، وينوي الترشح في الانتخابات الرئاسية، فضلا عن أنه يسافر ويتحرك كثيرا، وإذا كان مصابا بهذا المرض لأقعده ومنعه من النشاط الزائد والحركة المستمرة، فنتيجة التقارير الطبية لا تتناسب مع حالة صحته العامة وحركته ونشاطه، والدلائل كلها تشير إلى مقتله.
لكن المعارض السوري البارز “هيثم المالح“، رئيس مجلس أمناء الائتلاف الوطني السوري المعارض، كان كشف أن رئيس الاستخبارات المصرية الأسبق “عمر سليمان”، كان موجودا بالفعل في التفجير الذي استهدف اجتماع الخلية الأمنية الذي انعقد بمقر مجلس الأمن القومي السوري في حي الروضة بدمشق، وفقا ما نقل عنه.
وقاسمه الاتهامات بالخيانة وتسريب معلومات للمسلحين للهجوم على الجيش والشرطة كثيرة، من خلال تمرير معلومات موثوقة للمسلحين.
وكان ذلك واضحا، وقفا لما صرح به رئيس وزراء مصر الأسبق، الفريق “أحمد شفيق”، عقب حادثة الواحات البحرية الذي وقع في أكتوبر الماضي.
وتساءل “شفيق”: هل ظلمتهم الخيانة؟” وفي تعليقه على الحادث، قال مساعد وزير الداخلية السابق “أحمد جاد منصور” إن رائحة الخيانة تزكم الأنوف.
كما لم يمر سوى شهرين، حتى استهداف مطار العريش في محافظة شمال سيناء، بقذائف صاروخية، في محاولة اغتيال فاشلة، باستهداف مباشر لطائرة وزيري الدفاع الفريق “صدقي صبحي”، والداخلية اللواء “مجدي عبد الغفار”.
اضف تعليقا