حالة من الارتباك شهدها الإعلام السعودي إثر مقتل عبدالرحيم الحويطي بدم بارد في تبوك بعد اعتراضه على التهجير القسري من قبيلة الحويطات لإقامة مشروع نيوم.

جاء مقتل الحويطي بعد حملة كبيرة لأبناء قبيلة الحويطات في يناير/ كانون الثاني 2020 للتعبير عن رفضهم الانتقال من أراضيهم تحت وسم #الحويطات_ضد_ترحيل_نيوم، اتهموا خلالها قوات الأمن “بتشريد أبناء القبيلة لتحقيق أهداف ولي العهد محمد بن سلمان”.

إقرار بالقتل بعد ارتباك

ورغم تأخر البيان السعودي الرسمي حول مقتل الحويطي، إلا أنه بعد يومين كاملين من حديث ناشطي مواقع التواصل عن الحادثة، اضطرت رئاسة أمن الدولة إلى إصدار بيان وصفت الحويطي بالمطلوب أمنيا، وزعمت أن قتله تم بعد مبادرته بإطلاق النار على القوات التي جاءت للقبض عليه بمنطقة تبوك”.

كما خرج اللواء السعودي، بسام عطية، المتحدث باسم رئاسة أمن الدولة في مداخلة على قناة الإخبارية السعودية قال فيها: “أمن الإنسان في كافة احتياجاته هو الأمر الذي لا نساوم عليه إطلاقا، لا نفاوض ولا نناقش بقضية الأمن، فالأمن قضية بقاء ووجود” ، وتابع: “لا نقبل المجادلة في أمننا ولا نقبل ضعفا أو هوانا في أمننا، لن يكون بإذن الله هذا الأمر، هذه البلد في حفظ خالقها بإذنه تعالى وفي حفظ قيادتها وحفظ شعبها وفي حفظ رجال أمنها..”

من جانبه، رأى الناشط الحقوقي السعودي فهد الغويدي أن الحكومة لم تُرد في البداية نشر أي خبر عن حادثة القتل، لكنها اضطرت لإصدار بيانها بعد أن رأت الانتشار السريع والمؤثر للحدث في وسائل التواصل الاجتماعي، والغضب الذي صاحب الفيديو الذي أعدّه الحويطي قبل رحيله”، مضيفا أن البيان “كُتب بارتباك واضح، ولم يشتمل على تفاصيل مقنعة”.

كما اتهم الدكتور محمد الصغير، مستشار وزير الأوقاف المصري السابق، السلطات السعودية “بقتل مواطن لبناء مشروع سياحي”.

نبوءة الحويطي

وكان عبدالرحيم الحويطي قد نشر عدة مقاطع على منصات التواصل يدعو فيها إلى وقف عملية التهجير بالمنطقة، وتنبأ في أحد الفيديوهات التي سجلها قبل قتله بالسيناريو ذاته الذي ذهب إليه الأمن السعودي،.

حيث قال إنه يتوقع أن يتم سجنه أو قتله واتهامه بالإرهاب وتصوير أسلحة إلى جانبه. وأضاف “لا أستغرب أن يقتلوني في بيتي الآن، ثم يُلقوا في بيتي سلاحا -كما يجري في مصر- ويتهموني بالإرهاب”.

وقد تبادل ناشطون مقاطع فيديو لما قالوا إنه استمرار لعمليات تهجير تقوم بها السلطات لقبيلة الحويطات التي ينتمي إليها، لصالح مشروع مدينة نيوم.

رفض التخلي عن داره وأرضه .. فقتله بن سلمان .

رفض التخلي عن داره وأرضه .. فقتله بن سلمان #شهيد_الدار

Publiée par ‎العدسة The Lens‎ sur Mardi 14 avril 2020

ماذا بعد قتل الحويطي؟

من جانبه، حمل المعارض السعودي عمر بن عبد العزيز، محمد بن سلمان مسؤولية قتل الحويطي، معتبرا أن مشروع نيوم سيحول المنطقة لتصبح مفتوحة أمام الإسرائيليين بحرّية على حساب أملاك وبيوت المواطنين.

وتساءل عبدالعزيز هل يجوز إخراج أي مواطن من منزله قسرا؟ معتبرا أن ما يحدث في بلده هو تهجير قسري، وأن الادعاء بإخراج الناس من أراضيهم لأجل المصلحة العامة يتطلب إثبات ذلك عبر قضاء مستقل.

ولفت إلى أن المواثيق الدولية تحظر التهجير القسري، وأن الشريعة الإسلامية تحرّمه أيضا، مذكّرا بالحديث النبوي الشريف “من قُتل دون ماله فهو شهيد”، مضيفا أن أول ما بُني في مدينة نيوم هو القصور الملكية، وأن ولي  العهد السعودي محمد بن سلمان استكثر على المواطنين بيوتهم.

واعتبر المعارض السعودي أن جزءا من الأموال التي أنفقتها هيئة الترفيه الحكومية على الحفلات الغنائية كان كافيا لدفع التعويضات لأهالي تلك المنطقة، وشكك في أن يحصلوا على حقهم من التعويضات، قائلا إن أهالي مدينة مكة المكرمة لم يحصلوا على حقوقهم بعد هدم منازلهم لتوسعة الحرمين قبل سنوات.

 

ما هو مشروع نيوم؟

في إطار رؤية 2030، يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى بناء مشروع ”نيوم“ العملاق لينافس وادي السيليكون في مجال التكنولوجيا والترفيه.

تبلغ كلفة المشروع 500 مليار دولار، ويقع على مساحة 26 ألفاً و500 كيلومتر مربع.

وتقطن في هذه المساحة قبيلة الحويطات العربية العريقة، كما تتوزع في الأردن وفلسطين وسيناء بمصر.

وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن أول بلدة في منطقة نيوم الاقتصادية، ستكون جاهزة في عام 2020 على أن تكتمل المنطقة كلها بحلول 2025.

وأضاف بأن المشروع سيضخ مبلغ 100 مليار دولار في الإنتاج الاقتصادي.

اقرأ أيضاً: لحى النفاق .. كيف يطوع علماء السلطان الدين لخدمة مصالح بن سلمان؟