عبد الله العودة: والدي الذي لم يدعو إلا للإصلاح في السعودية مهدد بالإعدام بسبب تغريدة

إذا تم إعدام سلمان العودة فسيكون إعدامه جريمة قتل عمد ارتكبتها الدولة

نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية مقالاً كتبه الباحث القانوني بالولايات المتحدة، عبد الله العودة نجل الداعية الإسلامي، والمصلح السعودي البارز سلمان العودة، تحدث فيه عبد الله العودة عن ملابسات وظروف اعتقال والده داخل السعودية، والانتهاكات القانونية والحقوقية التي يتعرض لها على أيدي الجهات الأمنية والقضائية في المملكة بسبب آرائه السياسية المعارضة للنظام.

بدأ عبد الله العودة مقاله بالتحدث عن الأسباب الحقيقية وراء اعتقال أبيه، حيث قال إنه في سبتمبر/أيلول 2017 قام والده بنشر تغريدة على حسابه الرسمي على “تويتر”، والذي يتابعه عليه نحو 14 مليون شخصا، وكانت التغريدة بمثابة دعوة للحكومة السعودية لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع قطر، إلا أنه وبعد ساعات قليلة من نشر تلك الغريدة، تم مداهمة المنزل بعدد من القوات الأمنية الذين اعتقلوا العودة الأب، الذي يواجه الآن احتمالية الحكم عليه بالإعدام بعد اتهامه بإثارة الفتنة وتكدير الأمن العام والتحريض ضد الحكومة والاستهزاء بإنجازاتها، ونشر الفساد؛ “بسبب دعوته لملكية دستورية” كما قال العودة الابن.

وتحدث العودة الابن عن ظروف احتجار والده، حيث قال أنه منذ اليوم الأول لاعتقاله وهو رهن الحبس الانفرادي، حيث ظروف الاحتجاز الغير الآدمية، فضلاً عن سوء المعاملة، فهو يظل طوال اليوم مكبل اليدين، معصوب العينين، ومقيداً بالسلاسل، كما يُحرم من النوم بأوامر من إدارة السجن، هذا بالإضافة إلى تعريضه لإهمال طبي متعمد بسبب حرمانه من تناول الأدوية اللازمة لحالته الصحية، ما أدى إلى تدهورها ونقله للمستشفى في حالة خطرة بعد خمسة أشهر من اعتقاله.

وأضاف العودة الابن أن التضييقات طالت أفراد العائلة أيضاً، حيث مُنع 17 فرداً من العائلة من السفر، وقبض على عمه خالد بسبب تغريده حول اعتقال سلمان العودة، وذكر عبد الله أن السفارة السعودية في واشنطن -محل إقامته الحالي- طلبت منه العودة إلى المملكة لتجديد جواز سفره “الذي تم تجميده.

وذكر عبد الله في مقاله، أنه بعد مرور عام على اعتقال والده، بدأت محاكمته أمام المحكمة الجزائية الخاصة، سيئة السمعة، بحسب وصف عبد الله، الذي قال إنها تأسست عام 2008 لهدف وحيد، وهو محاكمة المشتبه في أنهم إرهابيون، إلا أن الواقع أنها لم تحاكم سوى المعارضين، حيث أصبحت أداة في يد النظام للتنكيل بالمعارضين والتضييق على أي نشاط معارض داخل المملكة، كما تستخدمها السلطات لإسكات المعارضة بالترهيب عن طريق سمعة المحكمة المرعبة، أو إسكاتهم بصورة دائمة بعد الحكم عليهم بالإعدام.

وأشار العودة الابن إلى أن التهم التي يُحاكم على إثرها المعارضون أمام هذه المحكمة ذات دوافع سياسية بتهم غامضة غير واضحة من الناحية الجنائية، كتهمة “السخرية” الموجهة لـ “والدي”.

وتحدث عبد الله العودة عن المادة 30 من قانون مكافحة الإرهاب في السعودية، والتي تجرم توجيه أي انتقاد للملك أو ولي العهد، وتعتبر أي وصف مباشر لهما بمثابة اعتداء على الدين وتشويه له، كما تعتبره عملاً إرهابياً يعاقب بالسجن لخمس سنوات على الأقل.

القانون ذاته يتعامل مع الأنشطة والفعاليات المعارضة، والحقوق التي تحميها النظم الديموقراطية في جميع أنحاء العالم، على أنها أنشطة إرهابية يعاقب عليها القانون، فضلاً على اشتمال القانون على مواد وصيغ فضفاضة ومبهمة تسمح للدولة تقييد الحركات المعارضة وإلقاء القبض على أي شخص بتهمة الإرهاب، حيث تتهمه “بإلحاق الضرر بمصالح المملكة واقتصادها وأمنها القومي”.

يُذكر النشطاء المدافعين عن حقوق المرأة كلجين الهذلول ومايسة العمودي يحاكمون بموجب هذا القانون.

وبين العودة أن القضاة بتلك المحكمة يتعرضون لضغوطات عالية من قبل الحكومة لإصدار أقسى العقوبات الممكنة، وفي السعودية أقسى العقوبات تعني قطع الرأس أو الصلب، وذكر العودة أنه في العام الماضي تم القبض على 6 قضاة من تلك المحكمة وتم استجوابهم والتحقيق معهم لأن الأحكام التي أصدروها في عدة قضايا بنيت على دوافع سياسية لم تكن قاسية بصورة كافية في نظر السلطات، كما أنه تم احتجاز أحد القضاة لعدة أشهر بسبب إصداره حكم بالبراءة لأحد المتهمين.

وأكد العودة أن والده مهدد الآن بعقوبة الإعدام، التي قد تصدر ضده بعد محاكمة تفتقر إلى أدنى معايير المحاكمات العادلة، فضلاً عن الانتهاكات والخروقات القانونية التي تملأ أوراق القضية، مضيفاً أن والده ليس الشخص الوحيد الذي يحاكم في ذات الظروف بذات التهم، وجميعهم عوملوا معاملة سيئة ومهددين بعقوبة الإعدام.

وأشار أن السلطات رفضت نقل والده إلى المحكمة في جلسة 28 يوليو/تموز المنصرم دون أسباب واضحة، ليتم تأجيل جلسة الاستماع إلى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ووصف العودة الحكومة السعودية بأنها ضعيفة، لا تمتلك حجج قوية وواضحة لإدانة ما تعتبرهم أعدائها، حيث تتهمهم بتهم غير عدوانية، وغامضة يعاقب عليها نصوص فضفاضة في القانون السعودي، واستشهد بتوصيات المحامية البريطانية هيلينا كينيدي التي تطالب بالنشر عن كافة الأسباب الحقيقية وراء عقوبة الإعدام التي صدرت ضد العديد من النشطاء.

عبد الله العودة ذكر أن القتل هو نهج السلطات السعودية في التعامل مع المعارضين سواء بالإعدام أو بأي طريقة أخرى، كما حدث مع جمال خاشقجي “صديقه” كما وصفه، الذي قال عن طريقة قتله أنها وحشية، وتابع أن ما تم مع خاشقجي خارج نطاق القضاء، هو ما يواجهه والده قضائياً.

منذ تولي محمد بن سلمان السلطة في المملكة العربية السعودية عام 2017، هناك زيادة ملحوظة في عدد عمليات الإعدام، ففي عام 2010 تم إعدام 27 شخصاً فقط، مقابل 158 شخصاً في 2015، شارك معظمهم في احتجاجات الربيع العربي، كما تم إعدام 134 شخصاً خلال العام الجاري، مع وجود 24 آخرين في انتظار تنفيذ حكم الإعدام، أو مهددين بالإعدام بما فيهم سلمان العودة.

واختتم عبد الله العودة مقاله داعياً المجتمع الدولي بالتحرك ضد انتهاكات السلطات السعودية، منادياً بتشكيل فريق مستقل يذهب إلى السعودية للتحقيق في تلك الانتهاكات، وأكد أن المحاكمات الغير عادلة وأحكام الإعدام التي تواجه المعارضين ما هي إلا نقطة في بحر الانتهاكات المرتكبة من قبل النظام السعودية لقمع المعارضة وإسكات النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والتي تلاقي غضباً واسعاً في الأوساط الدولية المختلفة، إلا أنه شدد على أن الغضب الدولي وحده لا يكفي، مؤكداً أنه في حال تم إعدام والده الداعية سلمان العودة فسيكون هذا بمثابة جريمة قتل عمد ترتكبها السلطات، ولا يجب السماح لهم بالفرار من عواقبها.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا