في مقال رأي جديد له نُشر في صحيفة الغارديان البريطانية، تساءل الباحث السعودي عبد الله العودة عن مصير والده المعتقل في السجون السعودية لمعارضته حصار قطر بعد إعلان المملكة إنهاء المقاطعة واقتراب حل الأزمة.
وقال عبد الله العودة -نجل الداعية السعودي سلمان العودة، المعتقل منذ أكثر من ثلاث سنوات، إن والده لا يزال ضمن العديد من سجناء الرأي الذين يقبعون في السجون السعودية لرفضهم قرار المقاطعة الدبلوماسية لقطر الذي صدر عن عدد من الدول العربية بقيادة السعودية في 2017، وهو ما اعتبره النظام زعزعة للاستقرار وإثارة للفتن.
قرار المصالحة جاء في انفراجة مفاجئة في الأسبوع الأول من هذا الشهر، حين أعلنت المملكة في الرابع من يناير/كانون الثاني أنها فتحت حدودها مع قطر، في خطوة فُهم منها أنها تمهد الطريق لتخفيف التوترات التي تسببت في أزمة استمرت لأكثر من ثلاث سنوات ونصف، حين قطعت المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والبحرين العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر في منتصف عام 2017.
وفي الخامس من يناير/كانون الثاني، انعقدت القمة الخليجية السنوية في العلا شمال غرب المملكة العربية السعودية، بحضور أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لأول مرة منذ فرض الحصار.
في تعليقه على هذا التطور، قال عبد الله العودة إنه على الرغم من أن المصالحة هي تطور مرحب به بلا أدنى شك خاصة وأنها بداية لإزالة الأذى الذي لحق بالمتضررين من هذه المقاطعة ومحاولة لتخفيف الصراع، إلا أنه لا يجب نسيان انتهاكات حقوق الإنسان التي لم تتوقف خلال فترة الحصار من قبل الدول الأربع ضد قطر والمواطنين القطريين، وغيرهم من مواطني تلك الدول الذين رفضوا قرارات الحصار والمقاطعة.
من بين هؤلاء المواطنين الذين طالهم أذى الحصار، كان الدكتور سلمان العودة، والد عبد الله العودة، والذي قال عبد الله عن اعتقاله أنه يمثل محنة محيرة بشكل خاص، موضحاً أن والده ، العالم الإسلامي الذي يتابعه على “تويتر” أكثر من 13 مليون متابع من الفئات العمرية المختلفة بما فيها الشباب الذي يحاول الوصول إليهم كذلك باستخدام عدد من التطبيقات الأخرى كـ “سنابشات” و”انستغرام”، صاحب المنشورات العلمية التي يقرأها المسلمون في جميع أنحاء العالم، أصبح في نظر النظام السعودي متهماً بالإرهاب.
وأضاف العودة الابن أنه ]والده[ منذ اعتقاله في سبتمبر/أيلول 2017، وهو في الحبس الانفرادي، مشيراً أن السبب الرئيسي وراء اعتقاله كان تغريدة نشرها عن الخلاف السعودي القطري أبدى فيها رغبته بشكل غير مباشر في المصالحة، والتي اعتقل بعدها بأيام قليلة من قبل ضباط من قوة أمن الدولة السعودية.
ولفت عبد الله إلى أن تصرف والده لم يرق للنظام السعودي الذي اعتبرها خروجاً عليه، خاصة وأن مسؤولين من الديوان الملكي كانوا قد أمروا والده بعد وقت قصير من إعلان المقاطعة في يونيو / حزيران 2017 بالتغريد لدعم هذا الإجراء، مشيراً أنها سياسة لطالما اتبعتها السلطات السعودية، حيث اعتمد المسؤولون السعوديون بانتظام على القطاع الديني لتأييد سياساتهم علنًا، لكن العودة رفض، وتمسك برأيه بأن المصالحة أفضل من المسار الذي اختارته حكومة بلاده.
بعد احتجازه دون تهمة لمدة عام، وجهت السلطات السعودية 37 تهمة ضد العودة عندما بدأت محاكمته في سبتمبر/أيلول 2018 أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، وهي محكمة مختصة في النظر في قضايا الإرهاب في البلاد.
المثير للدهشة، أن التهم التي سردتها ضده هيئة المحكمة -بحسب العودة الابن- تشتمل على أنشطة عادية لا تمت بأي شكل من الأشكال لأي جريمة جنائية في أي قانون في العالم، على سبيل المثال، “الاعتراض على مقاطعة قطر” و “زيارة قطر في مناسبات متعددة، بينها زيارة عام 2015”.
وأكد عبد الله العودة أنه للتأكد من حسن نية المملكة وراء قرار المصالحة الأخير، يجب أن تكمل جهودها الدبلوماسية الإيجابية بإصلاحات هادفة تعكس جهدًا للتصالح مع شعبها، بمعنى أدق، يجب أن تنعكس هذه القرارات على سياسات محمد بن سلمان الداخلية، والتي بسببها يقبع الآن عشرات النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء النسويين والأكاديميين والدعاة والصحفيين في السجون، بعد حملة شرسة شنها منذ صعوده إلى منصب ولي العهد السعودي حيث حول الساحة الاجتماعية والسياسية المحلية السعودية إلى سجن كبير لخنق المجتمع المدني.
واختتم العودة مقاله مطالباً السلطات السعودية بالإفراج عن والده وكافة معتقلي الرأي السعوديين قائلاً إنه “مع اقتراب انتهاء الحصار المفروض على قطر، يجب أن يرفع الحصار عن الذين دعوا للمصالحة وينتهي سجنهم”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا