العدسة – ياسين وجدي:

قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، فنفذ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد القرار ، حتى ولو كان الفشل حليفهما مجددا .

تجربة جديدة تخوضها قوات ولدي “سلمان ” و”زايد” في شمال سوريا ، حاولا نفيها دون جدوى في ظل تواتر المعلومات.

“العدسة” يسلط الضوء أكثر على أبعاد ذلك التواجد السعودي الإماراتي هناك وحقيقته وأهدافه، والذي يذهب بسوريا إلى يمن جديد قد لا يتحمله الشعب السوري المنهك في ظل الكوارث المسيطرة على المشهد الذي لم يترك فيها بشار الأسد فرصة للحياة مقابل عرشه.

معلومات متواترة

وفق معلومات متواترة ، فإن هناك بعثة عسكرية سعودية إماراتية في مدينة منبج وعين العرب ونقاط في الشمال السوري الخاضع لسيطرة حركة “قسد” الانفصالية التي تتهمها تركيا بالإرهاب.

وتحدثت وكالة “باسنيوز” الكردية، ومقرها إربيل بإقليم كردستان العراق عن  وجود قوات سعودية إماراتية تشارك من خلال قوات برية وعتاد عسكري ثقيل في المعارك، في مواجهة التواصل الإيراني البري مع سوريا لإضعاف وجودها هناك.

مسؤول المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي برر في تصريح لموقع تلفزيون سوريا الرسمي ، الانتشار السعودي الإماراتي بأنه ضمن انتشار التحالف ، موضحا أنه إذا “ارتأت القيادة العامة للتحالف الدولي انتشار قوات من هاتين الدولتين فهو يعبر عن انتشار لقوات التحالف الدولي بالضرورة”!!.

صحيفة “يني شفق” التركية  أكدت إرسال كلّ من السعودية والإمارات قوات عسكرية نحو مناطق سيطرة التنظيمات الكردية الانفصالية الإرهابية شمالي شرقي سوريا، حيث انتشرت في مناطق سيطرة التنظيمات الكردية تحت غطاء القوات الأمريكية الموجودة هناك، والتي تقوم بدورها بدعمها عسكرياً.

موقع تلفزيون سوريا الرسمي أكد كذلك الأمر نقلا عن مصادر صحفية ، حيث تحدث عن زيارة وفد سعودي – إماراتي  لقوات سوريا الديمقراطية ، شارك فيها وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان ، كما حدث إجتماعا بين وفد للتحالف الدولي والتحالف العربي (مصر والسعودية والإمارات) مع قيادات من قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية في كوباني مؤخرا.

وكشفت وكالة الأناضول التركية في مايو الماضي، عن أن ثلاثة مستشارين عسكريين سعوديين وإماراتيين التقوا مسؤولين في حزبيْ الاتحاد الديمقراطي الكردستاني والعمال الكردستاني الانفصاليين اللذين تعتبرهما تركيا تنظيمين إرهابيين، في القاعدة الأمريكية بـ”خراب عشق” جنوبي مدينة عين العرب (كوباني) شمال شرقي سوريا، ما يعزز الروايات الجديدة.

كما يأتي ذلك في ظل تصريحات سابقة لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير تعلن أن بلاده مستعدة لإرسال قوات إلى شمالي شرقي سوريا في حال طلبت واشنطن أو قوات التحالف الدولي ، بالتزامن مع إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن أن رتلا من قوات تابعة لدولة عربية خليجية وصل مؤخرا إلى منطقة خطوط التماس بين “قوات سوريا الديمقراطية” وتنظيم “داعش” في ريف دير الزور، ليعزز الحديث عن المعلومات التي كشفها في 14 يناير الماضي التحالف الدولي بسوريا من أنه يعمل على تشكيل قوة أمنية جديدة لنشرها على الحدود السورية مع تركيا والعراق وشرقي الفرات، تضم 30 ألف مقاتل.

مؤامرة جديدة

وبحسب خبراء ومحللين فإن التواجد الإماراتي السعودي في شمال شرق سوريا يعبر عن مؤامرة جديدة والموقف الأمريكي المرواغ الذي يحاول إطالة أمد تواجده في سوريا ، ويستبدل تواجده بقوات عربية موالية له ، رغم النتائج الكارثية لمشاركة السعودية والإمارات في العدوان على اليمن.

ويرى البعض أن السيناريو الأرجح هو تلبية السعودية للطلب الأمريكي الذي بدأ مع تولي ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وتزامنت هذه التلبية مع أزمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، ما يوحي بتعرض المملكة لضغوطات سياسية ومساومات ، حيث كان النقاش حول الأمر منذ فترة ولكن لم يتم التنفيذ إلا في الوقت الحالي بالتزامن مع تخفيض سعر النفط  وإيقاف العمليات العسكرية في بعض مناطق اليمن لا سيما الحديدة، ومن ثم نشر قوات في سوريا، ما يجعل سيناريو استغلال الولايات المتحدة الأمريكية التوقيت في تحقيق مصالحها وخضوع السعودية والإمارات لها.

ويشير محللون إلى أن السعودية والإمارات لهما وجود فعلي وإن كان غير ملموس في مناطق شرق الفرات ، حيث يعتبر إحدى أبرز الأوراق السعوديّة- الإماراتيّة لمواجهة محور تركيا وقطر وإيران ، فالسعوديّة تدعم اقتصاديّاً الرّقة ودير الزور ومختلف مناطق الإدارة الذاتيّة، وتدفع أموال كبيرة للولايات المتحدة الأمريكيّة والتحالف الدوليّ لاستمرار البقاء في شماليّ وشرقيّ سوريّا، وتوقع البعض أن تسعى السعودية والإمارات إلى إقامة إقليم كرديّ حقيقيّ على حدود تركيا والعراق عبر إعادة إعمار الرّقة وإقرار نفوذ عسكريّ حقيقيّ في كوباني وتل أبيض”.

ما يطلبه “ترامب “!

البعض ومنهم محمد علوش، الإعلامي البارز في قناة الميادين المقربة من إيران يصنف كذلك التواجد السعودي الإماراتي كلعبة أمريكية من نوع جديد في احتواء النفوذين الإيراني والتركي في سوريا، والذي بدأه مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون مع عددٍ من الدول العربية بما فيها مصر للتباحُث حول إمكانية نَشْر قوات عربية بديلة للقوات الأميركية، تحت عنوان حفظ الاستقرار في شمال شرق سوريا ، وهو ما أكده مؤسّس الشركة الأمنية الخاصة “بلاك ووتر” إريك برنس.

المخطط وفق المقربين من دوائر السياسة الإيرانية ، يستهدف إقرار مقاربة جديدة تقضي بإعادة دعم الأسد في تثبيت أركان حُكمه، والتعهّد بتمويل إعمار سوريا، وفكّ العزلة الغربية عنه مقابل التعهّد بإبعاد الإيرانيين عن البلاد من ناحية، والشروع بالتعاون مع الكرد في الشمال الشرقي لاستنزاف الأتراك وتقطيع الروابط بينهم وبين الفصائل المُسلّحة التي تدعمها أنقرة في سبيل الحدّ من الوجود والنفوذ التركيين، على أن يقدم كلّ ذلك تحت شعار إعادة سوريا وقضيتها إلى الحضن العربي، لكن يذهب أصحاب هذا التطور إلى التأكيد أن هذا المشروع لن يخدم السعودية ولا الإمارات ولا أية دولة عربيه أخرى في تحقيق أهدافها في الحدّ من النفوذين الإيراني والتركي في سوريا ، طالما أنه يأتي مرسوما من قِبَل الولايات المتحدة، ومُفصَّلاً على مقاس المصالح الصهيونية ما يعمق تدويل الصراع واعادة إنتاجه.