العدسة – معتز أشرف
أزمات اقتصادية صعبة تعصف بدول المنطقة العربية، وتستنزف جيوب أرباب الأسر العربية حتى اغتالت فرحة ملابس عيد الفطر.
نرصد في بعض الدول معالم هذه الأزمة.
أزمة بمصر!
فرحة ملابس العيد في مصر باتت معدومة بسبب قصف الغلاء الفاحش، وهو ما تتفق عليه دوائر المتابعة، ووفق تقارير إعلامية رسمية صدرت عن بوابة الأهرام الرسمية ، فإنه حتى الأسواق الشعبية في مصر التي تستهدف شريحة اجتماعية أجبرتها ظروفها الاقتصادية على اللجوء لشراء ملابس مستعملة أو مقلدة، تحمل ماركات عالمية مزيفة، ومنها “وكالة البلح”، التي يعتبرها الفقراء والطبقة المتوسطة منقذًا لهم، أصبحت حلمًا بعيد المنال يصعب الشراء منه بعد ارتفاع الدولار وغلاء الأسعار وتراجع الاستيراد، وهو ما رصدته صحيفة “العربي الجديد“، المحسوبة على دوائر المعارضة، مؤكدة أن المواطنين انتقدوا الارتفاع الجنوني للأسعار، حيث تشهد أسعار الملابس، خاصة ملابس الأطفال، قفزة هائلة تحرم الكثيرين فرحتهم بملابس العيد.
رئيس الشعبة العامة للملابس بالاتحاد العام للغرف التجارية، يحيى الزنانيري، قال في تصريحات صحفية في أواخر شهر رمضان: إن “أسعار الملابس خلال موسم عيد الفطر شهدت ارتفاعًا في الأسعار بنسبة بلغت ما بين 100 و150%، نتيجة زيادة أسعار المواد الخام المستوردة، وارتفاع أسعار الأجور والكهرباء والضرائب، والغاز والماء والمواصلات، ومستلزمات الإنتاج التي تدخل في الصناعة، مثل الشماعات وأكياس التغليف مضيفًا أن كل هذه العوامل حركت أسعار ملابس العيد.
“البالة” في اليمن
الحال لم يختلف من مصر إلى اليمن، حيث باتت أسواق الملابس المستخدمة بـ”عدن” قِبلة الفقراء، للهرب من مذبحة الغلاء، ووفق تقارير محلية، فإن سوق حراج الشيخ عثمان بعدن، على سبيل المثال، لخص أزمة اليمن مع استمرار الحرب عليها وعدم الاستقرار، كما تشهد أسواق محافظة الحديدة كذلك -مع اقتراب حلول عيد الفطر المبارك- ازدحامًا كبيرًا من الأسر التي بدأت تتوافد لشراء متطلبات واحتياجات العيد، أبرزها الملابس، والتي تشهد أسعارها هذا العام ارتفاعًا كبيرًا جعل الكثير من الأسر تعود إلى منازلها دون أن تشتري قطعة واحدة بسبب الغلاء.
المواطنون اشتكوا من ارتفاع الأسعار وعدم قدرتهم على الشراء في ظل تهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وازدياد رقعة الفقر والغلاء الفاحش الذي فرضته الحرب الجارية في اليمن؛ إلى ذلك لا إحصائية دقيقة لكمية الملابس المستوردة في اليمن بسبب الحرب؛ لتَضارُب عمل الموانئ، فميناء عدن يعمل لصالح الحكومة الشرعية، فيما يعمل ميناء الحديدة للحوثيين، ناهيك عن المنافذ البرية والملاحة الجوية خلال السنوات الثلاث الماضية.
زبائن أسواق الملابس المستعملة في اليمن توسعت رقعة أرقامهم من العمال وفئة المهمشين والفقراء وسكان الضواحي والمدن والنازحين الذين تقطعت بهم السُبل في ظل غلاء لا يرحم وأزمة سيولة تعصف بالبلاد لأربع سنوات ماضية.
“ليبيا نار”
هي أسعار تناسب أعضاء مجلس النواب، والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، ومن على سدة الحكم هكذا يصف المواطن الليبي أيمن اللبيب أسعار ملابس الأطفال، والتي خيبت آماله بشكل كبير، بعد أن خرج بأبنائه الأربعة ليشتري لهم ملابس العيد، في مدينة درنة شرق ليبيا، مضيفًا أنه لم يتمكن من شراء الملابس بالشكل الذى اعتاد عليه كل عام، فقد اكتفى بشراء قطعة واحدة لكل طفل حسب احتياجاته، حيث بلغت تكلفة بنطال وقميصين وحذاء قرابة مئتين وثمانين دينارًا.
وأطاحت الأوضاع المأساوية في ليبيا مبكرًا ببهجة شراء ملابس العيد التي طالتها -بحسب تقارير محلية- مخالب التضخم وشح السيولة، ونالت من الاقتران بين عيد الفطر والأطفال والملابس والأحذية، وعبثًا يحاول رب الأسرة محدود الدخل البحث عن سعر مناسب، حتى بات عيد آخر يلقي بثقله المرير على الأسر البسيطة.
الأزمة بحسب المتابعين المحليين، أن الليبيين يواجهون أسعارًا تفوق مرتباتهم بكثير، إضافة إلى شح السيولة نقدية، وهي ما باتت عزيزة الوجود في ظل أزمة انعدام الثقة بين المصارف والمودعين وانقسام في المصرف المركزي، وأسعار الخدمات الإلكترونية التي تعرضها المصارف بالاتفاق مع محلات تجارية تضع فارقًا كبيرًا لا يتناسب والدخل البسيط، وهو ما صعب وعقد بهجة الاستعدادات الاجتماعية المعتادة التي يقوم بها المواطن في كل عام من هذه الفترة.
تراجع بالأردن
وفي ظل الأزمة الاقتصادية المتوحشة في الأردن، دخلت الجمعيات الخيرية على الخط، ومنها جمعية “سنحيا كراماً” الخيرية التي أعلنت بمشاركة فريقها التطوعي العمل على تقديم ملابس كسوة العيد والألعاب للأطفال الأيتام المستحقين الذين حضروا من مناطق مختلفة للمشاركة في الحفل الكبير الذي أقامته الجمعية لرسم الابتسامة على وجوه الأطفال قبل عيد الفطر المبارك.
وتوقع نائب نقيب تجار الألبسة والأحذية، سلطان علان، تراجع الطلب على شراء الألبسة والأحذية قبيل عيد الفطر في الأردن عما كانت عليه بالمواسم الماضية، مضيفًا في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن ما يقلق القطاع أن تجارة الجملة ذروتها بالعادة تكون خلال الأيام التي تسبق دخول الشهر الفضيل والأسبوع الأول منه لكنها هذا العام جاءت مخالفة، وسجلت تراجعًا واضحًا مؤكدًا أن قطاع الألبسة والأحذية كغيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى يمر بظروف ضاغطة، وعانى من منذ بداية العام الحالي من حالة ركود تجار ملموس، ما اضطر التجار اللجوء للتخفيضات منذ بداية الموسم.
محمد أبو عريضة (48 عامًا) الذي يبيع الفاكهة التي عرضها على بسطة خشبية على حافة الرصيف في وسط عمان، لتأمين لقمة عيش عائلته في عاصمة تعد أغلى المدن العربية من حيث كلفة المعيشة، يرى أن “ما يحدث حرام، هذا ظلم”، ويضيف: “المواطن بالكاد يأكل ويشرب… ملابس العيد لم نعد نشتريها لأطفالنا”.
غلاء بسوريا
الاتجاه إلى الملابس المستعملة أو ما يعرف في سوريا باسم “البالة” باتت شعار السوريين في ظل الحرب الأهلية المستمرة ورفض بشار الأسد الرحيل، ففي الحسكة -بحسب تقارير رسمية- تشهد أسواق المدينة شكوى عامة من ارتفاع أسعار مستلزمات العيد، وخاصة الألبسة والحلويات، وعدم تناسبها مع أصحاب الدخل المحدود، فيما تحدث الباعة في تقارير محلية عن أنهم “ليسوا جمعيات خيرية، مبررين الغلاء بارتفاع أجور نقل البضائع من المحافظات الداخلية إلى الحسكة”.
ونشطت سوق الألبسة المستعملة (البالة) مؤخرًا في محافظة إدلب، بسبب غلاء الأسعار في المحال التجارية، ما دفع شريحة كبيرة من الناس إلى الاتجاه لشراء هذا النوع من الملابس، وهو ما يتوقع أن يحافظ على تصدره في عيد الفطر.
وفي أحدث إحصائيات شبه رسمية، فإن الإقبال على الشراء في عيد الفطر تراجع في عام 2017 بنسبة 50% عن العام 2016، وفقًا لما ذكرته صحيفة “تشرين” الناطقة باسم نظام بشار الأسد، مرجعة السبب في ذلك إلى الأسعار التي تفوق قدرة معظم العائلات السورية.
وأشارت الصحيفة، إلى أن أغلب الأسر أصبحت غير قادرة على شراء ألبسة العيد الجديدة لجميع أولادها، وبات من الضروري أن يعطي الأخ الأكبر ملابسه القديمة لأخيه الأصغر من أجل توفير سعر الملابس.
مشكلة سودانية
“الأسعار مولعة نار” هذا هو لسان حال السودانيين، حيث شهدت أسواق ولاية الخرطوم، زيادة كبيرة في الأسعار، وبلغت الزيادات في بعض السلع قبل أيام من عيد الفطر المبارك بنسبة (250%) مقارنة مع العام الماضي، وأكد التجار أن هنالك ركودًا حادًّا بالسوق، وتراجعًا في القوى الشرائية للكثير من الأصناف، وعزوا ذلك لارتفاع الأسعار بسبب زيادة الدولار الجمركي مؤخرًا وارتفاع سعر صرف الدولار.
وعبر التجار بسوق أم درمان عن خشيتهم من تعرضعهم لخسائر فادحة بسبب ضعف الشراء في موسم عيد الفطر، مشيرين إلى زيادات حدثت بمتوالية هندسية في أسعار الجملة؛ وبالتالي زادت أسعار القطاعي خاصة في الملابس والحلويات والأحذية والمفروشات والحلويات وألعاب الأطفال والأناتيك.
وكشفت جولة ميدانية -وفق تقارير إعلامية سودانية بسوق أم درمان- عن ضعف في الإقبال على شراء مستلزمات العيد في وقت قفزت فيه الأسعار إلى مستويات جنونية مقارنة مع العام الماضي، وتمثل هذه الزيادة عبئًا إضافيًّا للأسر، بجانب توفير احتياجات المعيشة الأخرى، فيما أشار التجار إلى أن غالبية المواطنين الذين يدخلون إلى المحلات يكتفون بمعرفة الأسعار فقط لكنهم لا يشترون.
وبحسب الأسعار في السوق، فإن فساتين البنات تعتبر الأعلى سعرًا، ويبلغ سعر الفستان من عمر (1-4) سنوات سعر 260 جنيهًا، وعمر (4-6) سنوات بسعر 500 جنيه، ومن عمر (5-8) سنوات بسعر 760 جنيهًا، والجزمة الأطفالية ما بين (150ـ 250) جنيهًا.
اضف تعليقا