بنبرة يملؤها الإحباط والأسى، حذر الناشط البريطاني المصري علاء عبد الفتاح عائلته أنه قد يموت في السجن، حيث أتم ستة أشهر من الإضراب عن الطعام احتجاجاً على استمرار حبسه والمعاملة السيئة التي يلقاها داخل مقر احتجازه، مؤكداً أنه لن يتنازل عن مطالبه خاصة مع اقتراب عقد مؤتمر المناخ Cop27 المقرر عقده في مصر في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

قال علاء لوالدته خلال زيارتها له في سجن وادي النطرون: “لا أريد أن أزعجك، لكنني لا أعتقد أن هناك أي فرصة للنجاة”، وسلمها قائمة من المطالب من بينها إطلاق سراح المعتقلين لدى الأمن المصري، والذين من بينهم آلاف ممن لم تنتهِ محاكماتهم بعد.

علاء عبد الفتاح، أحد شباب ثورة يناير البارزين، أمضى معظم العقد الماضي خلف القضبان، وحُكم عليه العام الماضي بتهم تتعلق بالإرهاب بسبب منشور له عن التعذيب على وسائل التواصل الاجتماعي، وبينما أصبح الناشط البالغ من العمر 40 عامًا مواطناً بريطانياً منذ عام تقريباً، مُنع المسؤولون البريطانيون من زيارته في الحجز للتحقق من سلامته، إذ إنه أمضى الآن نحو 164 يومًا في إضراب عن الطعام احتجاجًا على معاملته، وهدد بتصعيد إضرابه إلى إضراب عن الماء والملح.

في تصريحات خاصة، قالت شقيقته سناء سيف: “عندما رأيت علاء آخر مرة منذ ثلاثة أسابيع، بدا منهكًا للغاية… كان يكافح من أجل الوقوف… لم يسمح لي باحتضانه”، مضيفة أن علاء يضحّي بحياته للمطالبة بحقه في التواصل مع السفارة البريطانية بينما تتجنب وزارة الخارجية اتخاذ أي إجراء حاسم لمنحه هذا الحق.

يقول أنصار الناشط إن السلطات البريطانية فشلت في استخدام النفوذ الذي أتاحه لها تعاونها مع مصر في دورها كرئيس لمؤتمر المناخ Cop26، وشراكتها المالية والسياسية مع مصر من أجل الضغط من أجل تحرير عبد الفتاح.

أثار رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون قضية عبد الفتاح في مكالمة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 25 أغسطس/آب، وتعهدت ليز تروس حين كانت وزيرة الخارجية آنذاك بتأمين إطلاق سراحه.

على صعيد آخر، تحاول مصر التركيز على مؤتمر المناخ Cop27، والذي سيُعقد بعد حوالي عقد من قمع منظمات المجتمع المدني والمعارضة السياسية تحت حكم عبد الفتاح السيسي، وفقًا لتقرير عن منظمة هيومن رايتس ووتش (-صدر يوم الاثنين.

وأشار تقرير هيومان رايتس ووتش إلى تعرض 13 ناشطا بيئيا للاعتقال في مصر، من بينهم بعض الذين فروا من البلاد خوفا على سلامتهم.

قالت جماعات حقوق الإنسان والبيئة لـ هيومن رايتس ووتش إنها لا تزال متخوفة من عقد مؤتمر المناخ Cop27في مصر، خوفًا من انتقام الدولة من النشطاء، إذ قال أحد النشطاء الذي يعيش الآن في المنفى: “من المحتمل أن يركز الجهاز الأمني ​​الآن أكثر من أي وقت مضى على قمع المجتمع المدني البيئي في مصر”.

وحسب التقرير فإن مساحة العمل المستقل فيما يتعلق بالبيئة والمناخ “شهدت تقلصاً حاداً منذ تولي عبد الفتاح السيسي السلطة… إذ يتعرض النشطاء للمضايقة والترهيب، وخفض التمويل الأساسي، وصعوبات السفر، ومخاوف من المراقبة والتجسس، فضلاً عن العراقيل التي قد تقابل الباحثون إذا سعوا لإجراء بحثًا ميدانيًا”، وقال أحد النشطاء: “لم نفكر حتى في الاحتجاج”.

تحدث أعضاء الحركة البيئية في مصر أيضًا عن وجود فجوة واضحة، حيث حصل العمل الذي يُنظر إليه على أنه يتماشى مع أولويات الحكومة، مثل تمويل المناخ أو إعادة التدوير، على مساحة أكبر للعمل بينما يشعر النشطاء بأنهم غير قادرين على القيام بأي أنشطة يمكن تصورها؛ باعتبارها انتقادًا للحكومة أو مضادة لمصالحها الخاصة، لا سيما قضايا ندرة المياه أو التلوث الصناعي.

ووصف أحد النشطاء المشاريع الحكومية الضخمة، مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أو العاصمة جديدة، بأنها “خط أحمر”، موضحاً “لا يمكننا التحدث عن سلبيات هذه المشاريع من الناحية البيئية”.

في الأسابيع التي سبقت مؤتمر المناخ في نوفمبر/تشرين الثاني، والذي تحرص مصر على الترويج له باعتباره فرصة للاستثمار الصديق للبيئة على الرغم من المخاوف المستمرة بشأن حقوق الإنسان، تعهدت شركة British International Investment ، ذراع تمويل التنمية في وزارة الخارجية البريطانية وشؤون الكومنولثFCDO ، باستثمار 87 مليون جنيه إسترليني أخرى في مصر، بالإضافة إلى المشاريع التي تمولها حاليًا بأكثر من 660 مليون جنيه إسترليني.

كما وقع بنك الاستثمار الدولي مؤخرًا مذكرة تفاهم لتمويل مصنع هيدروجين أخضر من خلال شركة تابعة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهو مشروع يرتبط بالاقتصاد العسكري المصري الهائل.

تعليقاً على هذا قالت سناء سيف “تعقد الحكومتان البريطانية والمصرية صفقات تجارية ضخمة استعدادًا لـ Cop27 بينما يحتضر مواطن بريطاني في سجن مصري… هذه سابقة مروعة لدولة معروفة بانتهاكاتها لحقوق الإنسان…. قالت ليز تروس إنها تعمل من أجل إطلاق سراحه حين كانت في منصب وزيرة الخارجية، الآن بعد أن أصبحت رئيسة للوزراء، عليها أن تحقق ذلك”.

بينما وعدت مصر بالسماح بالاحتجاجات في مؤتمر COP27 ، أعلن وزير خارجيتها سامح شكري، الذي يشرف على المؤتمر، عن السماح باحتجاجات محدودة فقط في المناطق التي تحددها الحكومة، يأتي هذا في وقت قلصت فيه مصر نشاط المجتمع المدني، وقصرت الحضور بين الفئات المحلية على أولئك الذين لا ينتقدون الحكومة.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا