كانتشار النار في الهشيم، أخذت حملة “عشان تبنيها” المطالبة بترشيح عبد الفتاح السيسي لتولي فترة رئاسية ثانية، في التوسع والانتشار بكافة أنحاء الجمهورية، وسط إقبال مثير للجدل من قبل الإعلاميين والفنانين والرياضيين والمشاهير.
وبطريقة أشبه بحملة “تمرد” التي مهدت لتدخل الجيش في عزل الرئيس محمد مرسي، تعمل حملة “عشان تبنيها” حيث بدأت في الإعلان عن اتخاذ مقار لها في المحافظات، وحملات انتشار في المدن والقرى، واستغلال فضاء السوشيال ميديا في الدعايا والانتشار.
الإمكانيات التي بدت عليها الحملة، توحي، بل تؤكد أنها ليست حملة شعبية، لكن أجهزة ما في الدولة تقف وراءها وبقوة، وتدعمها وتساندها وتوفر لها الدعم المادي والسياسي الملائم.
فمتى بدأت حملة “عشان تبنيها” ومن يقف وراءها؟ وما هي أهدافها الحقيقة؟ وما علاقتها بتمرد؟ ولماذا بدأت بمشاهير الفن والرياضة؟ وهل للمخابرات يد فيها؟
متى بدأت الحملة ؟
بدأت الحملة حيث أعلن عدد من الشخصيات السياسية المؤيدة للسلطة عن تدشين حملة تطالب عبد الفتاح السيسي بخوض الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 2018م، وأطلقوا عليها “عشان تبنيها” وذلك في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي.
وبرغم أن الحملة حاولت تقديم نفسها كحملة شعبية، إلا أن أغلب من التفوا حولها نخب سياسية مؤيدة للسلطة، وشخصيات إعلامية وفنية ومشاهير.
الحملة يشارك فيها عدد من نواب البرلمان الموقعين على استمارة الحملة الخاصة بتأييد ترشح عبد الفتاح السيسي، لفترة رئاسية ثانية بلغ حتى الآن نحو 120 نائبا، جميعهم من تكتل في حب مصر، المؤيد للسلطة.
النائب كريم سالم، المتحدث الرسمي للحملة، أكد أن فكرتها بدأت من خلال الدكتور أحمد الخطيب، مدرس العلوم السياسية المساعد والباحث السياسي المدافع عن نظام السيسي، حيث بدأها بتدشين صفحة باسم الحملة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ثم تم التواصل معه وعقد اجتماع، بحضور عدد من نواب برلمان السيسي.
الحملة والمشاهير
الحملة انطلقت بصور يلتقطها مشاهير لأنفسهم وهم يوقعون على الاستمارة ثم سرعان ما تقوم وسائل الإعلام المؤيدة للسلطة بنشر تلك الصور تحت عنوان “النجم فلان الفلاني يوقع على استمارة عشان تبنيها”، حتى إن أكثر من 100 شخصية شهيرة حتى الآن وقعت على الاستمارة ونشرت أخبارا لها.
لم تنتظر الحملة المخططة جيدا فترة طويلة حتى تنتشر في المحافظات، لكنها سرعان ما اتخذت مقارَّا لها في مختلف محافظات الجمهورية، وتقوم من هذه المقار بعمل جولات في الشارع، غير أنها تحاول أولا اختبار من تتحدث معهم إن كانوا معارضين للسيسي أم مؤيدين له.
وتحرص الحملة على جمع التوقيعات بجوار أكمنة الشرطة والأقسام خوفا من التعرض لهجوم أو انتقاد من قبل الشرائح الواسعة في الشارع المصري التي تعارض السيسي وترفض استمرار فترته الأولى فضلا عن ترشحه فترة ثانية.
على خطى تمرد
وعلى خطى حملة “تمرد” بدأت الحملة نشاطها بطبع استمارات ورقية مكتوب عليها “عشان تبنيها” ومتبوعة بعد ذلك بعدد من النقاط كالآتي:
علشان لازم نطهرها من الإرهاب، علشان نحافظ على ريادتنا، علشان نكمل مشروعاتنا، علشان نعلم أولادنا، علشان نقضي على الفساد، علشان كده لازم تكمل المشوار، أعلن أنا الموقع أدناه بكامل إرادتي وبصفتي عضوا في الجمعية العمومية للشعب المصري بطلب ترشيح عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية أخرى. الاسم الرقم القومي، المحافظة، الحي، التوقيع.
نص الاستمارة يتقارب إلى حد كبير مع استمارة تمرد التي دشنت في منتصف فترة حكم مرسي لمطالبته بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهي الحملة، التي ثبت بعد ذلك أن جهاز المخابرات الحربية هو من كان يديرها، وفقا للتسريبات التي أذاعتها عدد من القنوات الفضائية المعارضة للسلطة.
ووفقا لمراقبين فإنه من الصعب أن تكون هذه الحملة شعبية خالصة، أطلقها مواطنون كي يطالبوا السيسي بالترشح من جديد، خاصة في ظل امتلاك الحملة مقرات في كل المحافظات، وتدعمها أحزاب وائتلافات سياسية كبيرة، بالإضافة إلى توقيع أكثر من 120 نائبا من نواب المجلس استماراتها.
وعلى هذا الأساس فإن كثيرا من السياسيين يؤكدون أن الحملة يدعمها جهاز المخابرات الحربية تماما، كما دعم في الخفاء حملة “تمرد” على مرسي.
نجل السيسي قائدها
لكن لماذا جهاز المخارات الحربية بالذات هو من يشار إليه أنه من يدعم ويقف وراء تلك الحملة؟
جهاز المخابرات الحربية هو أقرب الأجهزة الأمنية إلى السيسي خصوصا أنه ابن الجهاز وكان رئيسا له، كما أن صهره محمود حجازي كان رئيسا له أيضا، وكذلك فإن رئيس الجهاز الحالي محمد الشحات جاء بتعيين من السيسي ويدين له بالولاء الشديد.
أيضا فإن نجل السيسي هو ضابط كبير بالجهاز، وتؤكد مصادر أمنيه أن له يدا طولى ونفوذا واسعا بالجهاز، للحد الذي يصل إلى إدارة كثير من الملفات السياسية في الدولة من خلال مبنى المخابرات.
وكان حازم عبدالعظيم، الناشط السياسي ومسؤول لجنة الشباب السابق بحملة السيسي الرئاسية، قد كشف قبل نحو عامين عن أن عملية انتخابات البرلمان الحالي قد جرت بتنسيق كامل من جهاز المخابرات الحربية وتحت قيادة ضابط كبير لم يسمه آنذاك، غير أن كثيرا من المراقبين وقتها أكدوا أنه قصد محمود عبد الفتاح السيسي.
أهداف الحملة الخفية
الحملة في ظاهرها تهدف إلى المطالبة بترشيح السيسي لفترة ثانية، لكنها في حقيقة الأمر لها أهداف خفية منها:
الهدف الأول: أن تخفي الحملة تماما وتقطع الطريق على أي تساؤلات عن وعود السيسي التي لم يحققها في فترته الأولى، فتثير الحملة موجة جدل واسعة حولها ويكون الحديث عمن يقف وراءها ومن شارك فيها دون أن يقدم السيسي كشف حساب مفصل عن إنجازاته في فترته الأولى.
الهدف الثاني: وفقا لمراقبين هو إظهار أن السيسي غير راغب في الترشح للانتخابات الرئاسية، لكن ضغوطا شعبية وسياسية مورست عليه هي ما دفعه للترشح.
الهدف الثالث: هو قطع الطريق على ظهور أي مرشح آخر يريد الدخول في السباق الانتخابي، حيث إن أحدا من المرشحين المحتملين لن يجرؤ ولن يملك القيام بعمل دعاية مشابهة، نظرا للتضييق الأمني الشديد في البلاد، فضلا عن أن رجل الشارع العادي سيخشى الملاحقة الأمنية إن وقع على استمارة تطالب أحدا غير السيسي بالترشح للرئاسة.
اضف تعليقا