يوم السبت الموافق 10 فبراير، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارة جوية واسعة النطاق في سوريا ردًّا على تدخل “طائرة بدون طيار إيرانية” مجالها الجوي من الأراضي السورية، حيث اعترضتها طائرة هليكوبتر قتالية ودمرتها، وفقا للصور التي بثها جيش الاحتلال.
الهجوم الإسرائيلي العنيف من إسرائيل على التوغل كان رسالة مباشرة إلى إيران وروسيا، مفادها: “لن نتوقف عند أي شيء”، لكن إسقاط طائرة للجيش الإسرائيلي من طراز (أف 16) أثار العديد من التساؤلات.
صحيفة “كورييه إنترناسيونال” الفرنسية، المتخصصة في ترجمة مقالات الصحف العالمية، سلطت الضوء على ارتفاع حد التوتر بين طهران وتل أبيب على الأراضي السورية في ظل الصمت الروسي، لكن من وجهة نظر وسائل الإعلام والمحللين الإسرائيليين.
وقالت الصحيفة: “بعد أن اعترضت مروحية إسرائيلية طائرة بدون طيار إيرانية أطلقت من سوريا، أُسقطت طائرة مقاتلة من طراز (أف 16) من قبل الدفاع السوري وتحطمت داخل الأراضي الإسرائيلية، في حادث هو الأول من نوعه منذ أربعة عقود.
هذا الحادث يكفي، على الأقل، لتأكيد الشائعات حول نشوب حرب وشيكة بين إيران وإسرائيل، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه” لن تغير إسرائيل قواعد اللعبة، وسترد على الهجوم بهجوم تجاه سوريا وإيران”.
لكن ماذا كان يدور في ذهن الإيرانيين من خلال إطلاق هذه الطائرة التي كان مصيرها معروفًا بالضرورة؟ في صحيفة “معاريف”، يعتقد المتخصص العسكري، تال ليف رام، أن طهران “تريد أن تستمر بأي ثمن في سياستها من خلال المجال الجوي اللوجستي في الأراضي السورية القريبة من إسرائيل، وقبل كل شيء، اختبار الخطوط الحمراء التي حددتها تل أبيب”.
إسرائيل تبعث برسالة إلى “بوتين”
أما من وجهة نظر الصحفي والمحلل العسكري، بن كاسبيت، في مقاله بمعاريف، فقد حاولت إسرائيل، من خلال ردها، أن تبرهن للروس والرئيس السوري بشار الأسد نفسه، أن إيران أصبحت الآن عبئًا عليهم، بعد أن استطاع السيطرة من جديدة على أغلب الأراضي السورية، يمكن للأسد أن يفقد كل شيء إذا ما استمر في السماح لطهران بأن تجعل سوريا قاعدة هجوم ضد إسرائيل، أما بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد يرى أن مكاسبه في المنطقة تحترق حال نشوب حرب جديدة ضد إسرائيل.
“رسالة إسرائيل هي أننا نعرف كيف نكسر حفلات الرقص الإيرانية التي يُدعى إليها “بوتين”، وأنه سيكون من الحكمة تهدئة حلفائه، وإذا كانت مصالحنا الحيوية مهددة، فلن يقف أمامنا شيء لتشجيعه على مغادرة قاعة الرقص”.
لكن في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، رون بن يشاي، لا يشارك السابقين هذا التفاؤل، حيث قال: “الموقع السوري الذي أُطلقت منه الطائرة هو نظريا تحت السيطرة الروسية (المستشارين العسكريين واللوجستيين والمعدات)، كما أن انتقام إسرائيل يستهدف روسيا والولايات المتحدة”.
إسرائيل لن تتسامح مع وجود إيراني على حدودها، بيد أنه ليس من المؤكد أن “بوتين” سيقدر الطريقة غير الدبلوماسية التي صيغت بها الرسالة الإسرائيلية، ومن شأن ذلك، بل ومن المؤسف كما يبدو وبشكل متزايد، أن إيران، من خلال التنسيق مع النظام السوري، قررت عدم اتخاذ موقفٍ سلبي تجاه قصف منشآتها ومقابلة الصفعة بصفعة.
سوريا.. الملعب الروسي
الصحفي أنشيل فيفر، أعرب في مقال بصحيفة “هاآرتس”، عن شعوره بالقلق من تداعيات اعتقاد الجيش الإسرائيلي، أنه سيكون بإمكانه لفترة طويلة الاستمرار في تحليقه داخل المجال الجوي السوري، في حين أن سوريا أصبحت من الآن فصاعدا، وبدون مشاركة من أحد، معلب روسيا.
“لتجنب الصدام مع الرئيس فلاديمير بوتين، لا يزال الأمل قائمًا -من قبل القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، الذين يبذلون كل جهد ممكن لتحجيم سوريا وإيران، بعد إسقاط (أف 16)- أن يأخذ سيد الكرملين في الاعتبار الخطوط الحمراء لإسرائيل”.
ويرى “فيفر”، أن النتيجة قاسية، وأن “الصمت الإسرائيلي غير المعلن هو مجرد إقرار ضمني بأن إسرائيل ليس لديها خيار سوى قبول موقف الهيمنة للكرملين على حدودنا الشمالية، وهذا هو نقطة التحول الإستراتيجية”.
اضف تعليقا