بدأت السعودية تسير على خطى الإمارات في توظيف المال لخدمة أهدافها، من خلال التأثير على أي طرف يعارض سياساتها، عن طريق تمويلات “مشبوهة”، بحسب توصيف صحف غربية.
ومنذ بداية الأزمة القطرية وحصار الرباعي العربي (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) للدوحة، وبدأت عملية التمويل من قبل الإمارات ربما قبل الأزمة الأخيرة.
هذا التمويل يتم تخصيصه لمهاجمة الدوحة خارجيا، وتحديدا في أوروبا، من خلال دعم بعض النشطاء والكتاب والجمعيات، لتنظيم مؤتمرات أو وقفات ضد قطر في بلادهم.
ولكن لم تفلح هذه المحاولات في اتخاذ بلدان أوروبية مواقف متشددة تجاه قطر، بالشكل الذي يرضي الرباعي العربي، وتحديدا الإمارات.
تمويل سعودي
كانت الإمارات أسبق من السعودية في عملية التمويل الخارجي لصالح أهداف خاصة بها، ولكن بدأت تتكشف أخيرا خيوط التمويلات السعودية منذ بدء الأزمة مع قطر.
صحيفة “دي تاغستسايتونغ” الألمانية، أشارت إلى ضلوع السعودية في تمويل جمعية في النمسا، مما أثار حالة من الجدل الشديد خلال الفترة الماضية.
وتعرضت جميعة “أوقفوا التطرف“، التي أسسها “ألمانية ونمساوية” لاتهامات تتعلق بتلقي أموال طائلة من السعودية بدعوى “مكافحة التطرف”.
وذكرت الصحيفة أن الاتهامات تلاحق الجميعة التي تأسست في برلين في يوليو الماضي، أي بعد الأزمة القطرية بنحو شهر.
وهذا يشير إلى أن السعودية لم تتبع النهج ذاته بشكل كبير عبر جمعيات وأشخاص قبل الأزمة، نظرا لحداثة تأسيس الجمعية، ومما يدعم هذا الأمر اسمها “أوقفوا التطرف” في إشارة إلى قطر، أي أنها ربما تأسيت خصيصا لهذا الغرض.
وأسس الناشطان الجمعية بهدف جمع مليون توقيع في سبع دول أوروبية على الأقل، لمطالبة المفوضية الأوروبية بإصدار قواعد جديدة تسد الثغرات بمكافحة التطرف، وتطبيق عقوبات صارمة ضد الأشخاص والمؤسسات المشتبه بتطرفهم، وضد مموليهم والمتعاطفين معهم.
واقترحت الجمعية إصدار تشريعات في هذا الصدد، منها منح علامة جودة وتميز للشركات والمؤسسات ذات الجهود الواضحة في مكافحة التطرف، ووضع الأفراد والمؤسسات المشتبه بتطرفهم في قائمة سوداء، وفرض غرامة عليهم تصل إلى 20 مليون يورو، وتسهيل رفع دعاوى قانونية ضدهم من جانب ضحايا التطرف.
وبدا من جملة القوانين المقترحة أن ثمة توجهًا إلى ملاحقة الشركات والاستثمارات القطرية، في إطار الحملة التي بدأتها الإمارات والسعودية اقتصاديا ضد الدوحة خارجيا.
” بن سلمان “
على خطى الإمارات
لا يمكن إغفال أن السعودية بدأت في السير على خطى الإمارات، وتحديدا منذ تحكم ولي العهد محمد بن سلمان بمقاليد الحكم في المملكة، بعد الإطاحة بولي العهد السابق محمد بن نايف.
محمد بن سلمان يسير على درب محمد بن زايد، وهذا وفقا لمؤشرات عديدة، سواء داخلية أو إقليمية أو خارجية، ولكن هنا فإن الحديث ينصب على التمويلات “المشبوهة”.
الدور الإماراتي في هذا المقام تكشف من خلال تسريبات سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، وجاء في أحد المراسلات بتاريخ إبريل الماضي، من خلال رده على شكوى كبير مستشاري مؤسسة “الدفاع عن الديمقراطيات”، جون هانا، من أن قطر تستضيف اجتماعا لحركة حماس في فندق مملوك للإمارات.
وقال العتيبة: “هذا لم يكن خطأ الحكومة الإماراتية، وأن القضية الحقيقية هى القاعدة العسكرية الأميركية في قطر”، قائلا: “كيف يحصل هذا؟ انقلوا القاعدة ثم سننقل نحن الفندق”.
وفي سبتمبر الماضي، كشفت منظمة بريطانية أن الإمارات ترعى وتمول مؤتمرا سيعقد في لندن في الشهر ذاته، لتشويه سمعة قطر.
وذكر مركز لندن للشؤون العامة، أن النائب في البرلمان البريطاني وعضو لجنة الشؤون الخارجية دانيل كوازينيسكي ضالع في دعم هذا المؤتمر.
كما صدر كتاب في فرنسا يتطرق إلى تمويل الحملة الانتخابية لزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، مقابل شن الأخيرة حملة تشويه ضد قطر والسعودية في العالم عبر اتهامهما بدعم التنظيمات الإرهابية.
كشف الكتاب “مارين على علم بكل شيء” للصحفيين الفرنسيين مارين توركي وماتياس دستال، أن الإمارات استغلت المشاكل المالية التي كان يعاني منها حزب الجبهة الوطنية، وعرضت خدماتها عبر تمويل حملة مارين لوبان الرئاسية بعدما رفضت البنوك الفرنسية منحها قروضا مقابل شيطنة قطر والسعودية أمام الرأي العام الأوروبي والدولي.
” بن زايد “
تأثيرات محتملة
ويبدو أن كشف خيوط هذا التمويل السعودي له تأثيرات محتملة على صورة السعودية دوليا خاصة، إذا ما ثبتت عملية تلقي أموال من المملكة.
ولكن من غير المتوقع وجود تأثيرات سلبية على قطر جراء هذه الحملات، من الناحية الحقوقية والقانونية، خاصة وأن الدول الأوروبية لم تتخذ موقفا معاديا للدوحة.
وفطنت قطر إلى هذا الدور الخفي للسعودية ضدها وبدأت في مواجهة هذه التحركات حقوقيا على المستوى الدولي، ولكن هذه التحركات على المستوى الرسمي.
وحاولت الدوحة الضغط أكثر على دول الحصار من خلال المطالبة بضرورة التعويض عن آثار قراراتهم، إذ اقترحت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر النظر في مدى إمكانية إنشاء لجنة في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة لتعويض المتضررين من الآثار السلبية للتدابير الأحادية القسرية، تكون قراراتها حجة للمجتمع الدولي.
ودعا علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، الدوحة إلى سرعة اللجوء لمحكمة العدل الدولية لطلب رأي استشاري حول عدم شرعية الحصار، مؤكدا أن هذا الرأي يعزز من موقف قطر قانونيا.
ومن شأن الكشف عن التمويل السعودي لمنظمات وجهات خارجية ضد قطر، تقوية موقف الدوحة خلال الفترة المقبلة، بما يضع دول الحصار في مأزق دولي.
اضف تعليقا