بعد اتفاق الإمارات التطبيعي مع الاحتلال الإسرائيلي، بدأ الحديث يدور حول استعداد دول عربية أخري لاتخاذ خطوات مماثلة، وأثارت تصريحات مسئولين أمريكيين وإسرائليين حول لحوق السعودية بركب التطبيع الرسمي علي المدي القريب حالة من الجدل، خاصة مع الصمت السعودي الرسمي والاحتفاء الإعلامي الكبير باتفاق العار التطبيعي مع إسرائيل.
وتثور التساؤلات حول ما إذا كانت السعودية ستحذو حذو الإمارات في إعلانها التطبيع الكامل مع إسرائيل علي المدي القريب، أم ستؤجل هذه الخطوة مؤقتاً وتكتفي بعلاقاتها السرية وتطبيعها الغير معلن مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
أمر حتمي
وفي تطور لافت، أكد جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن تطبيع العلاقات بين الاحتلال الإسرائيلي والسعودية “أمر حتمي”.
وفي مقابلة مع قناة “سي إن بي سي” الأمريكية، وصف صهر الرئيس ترامب ومستشاره المكلف بالشرق الأوسط اتفاق تطبيع العلاقات بين تل أبيب وأبو ظبي بـ”الخطوة التاريخية”.
وأضاف: “أعتقد أن لدينا دولا أخرى مهتمة جدا بالمضي قدما”، في إشارة إلى العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
وتابع: “أعتقد أنه من المحتم أن يكون للسعودية وإسرائيل علاقات طبيعية تماما، وأنهما سيكونان قادرين على القيام بالكثير من الأشياء العظيمة معا”.
وأردف كوشنر: “من الواضح أن السعودية كانت رائدة في صنع الحداثة، ولكن لا يمكنك قلب بارجة بين عشية وضحاها”.
وكان كوشنر قد قال سابقا؛ إن بعض الدول العربية الأخرى ستتبع الإمارات بخطوة التطبيع العلني الكامل مع إسرائيل.
وأضاف وفق ما نقلته صحيفة “ذا تايمز أوف إسرائيل”، إن بعض الدول “شعرت بالضيق لأنها لم تكن أولا” بإعلان التطبيع العلني مع إسرائيل، مضيفا أن الولايات المتحدة بدأت العمل على العلاقات بين الدولتين منذ 18 شهرا؛ بالتزامن مع تسريع خطط الضم.
وقال صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشاريه، كوشنر، إن المزيد من الدول العربية قد تعلن قريبا تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بعد اتفاق بوساطة أمريكية أيضا.
وأضاف: “نأمل أن يكون هذا بمنزلة كسر للجليد، حيث يمكن لإسرائيل الآن تطبيع العلاقات مع الدول الأخرى” ، مضيفا أنه يعتقد أن هناك “فرصة جيدة جدا” لصفقة إسرائيلية عربية أخرى خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وقال كوشنر؛ إن الإدارة الأمريكية تجري محادثات مع دول عربية أخرى لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. واقترح أن يأتي إعلان المزيد من التطبيع خلال الـ 90 يوما المقبلة.
تطبيع تدريجي
وفي ذات السياق قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، الجمعة، إن اتفاق التطبيع مع “إسرائيل” سيزيد الضغوط على السعودية لتحذو حذو الإمارات، التي باتت أول دولة خليجية، والثالثة عربياً، توقع اتفاقية سلام مع الدولة العبرية.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن “أي تقارب سعودي إسرائيلي في غياب اتفاق إقامة دولة للفلسطينيين سيترك الرياض عرضة للانتقادات، وعليه فمن المتوقع أن تتخذ السعودية خطوات تدريجية وبطيئة للاعتراف الدبلوماسي الكامل بإسرائيل”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه وبالنظر إلى دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثابت لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لا سيما في مواجهة الانتقادات الشديدة بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018؛ فإن واشنطن تتمتع بنفوذ كبير على الرياض إذا حاولت تحقيق اختراق دبلوماسي آخر في الشرق الأوسط.
ونسبت إلى رئيس قسم الشرق الأوسط في شركة “أوراسيا غروب الاستشارية للمخاطر السياسية” أيهم كامل قوله إن من المحتمل أن تتّبع السعودية في نهاية المطاف مسارا مشابها لمسار الإمارات، لكنها ستكون أكثر ترددا وستتحرك أبطأ.
ونقلت وول ستريت جورنال عن مسؤولين بإدارة ترامب قولهم إنهم متفائلون بحذر بأن السعودية ستكون على استعداد في نهاية المطاف للذهاب بذات الاتجاه الذي اتخذته الإمارات، وأن صعود محمد بن سلمان المتوقع للعرش في غضون سنوات قليلة إن لم يكن قبل ذلك، سيؤدي إلى تسريع العلاقات مع إسرائيل.
وفي ذات السياق نقل الملياردير اليهودي الأميركي حاييم سابان عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قوله إنه يخشى من مهاجمة القطريين والإيرانيين في حال أقام علاقات علنية مع إسرائيل.
وكشف سابان -الذي توسط من أجل إبرام اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل -في حديث لصحيفة يديعوت أحرونوت عن أنه التقى على مأدبة عشاء محمد بن سلمان وسأله: لماذا يبقي العلاقات مع إسرائيل تحت الرادار؟ لماذا لا يخرج ويقود الأمور؟ فأجابه أنه يستطيع أن ينفذ ذلك في لحظة، لكنه يخشى من مهاجمة القطريين والإيرانيين له، كما يخشى من حدوث فوضى داخل بلاده أيضا.
وأضاف سابان أن الإماراتيين كانوا شجعانا في إعلان الاتفاق مع إسرائيل؛ وتمنى أن يقود ذلك إلى إقناع دول أخرى بالمضي في هذا الطريق، بما فيها السعودية.
احتفاء إعلامي سعودي
وكان لافتا الاحتفاء الإعلامي الكبير من قبل الإعلام السعودي باتفاق التطبيع الإماراتي، حيث اهتمت وسائل الإعلام السعودية بنشر الأخبار التي تتحدث عن ترحيب عددٍ من الدول بتلك الاتفاقية، وأفردت لها اهتماماً واسعاً على مواقعها الإلكترونية وصفحاتها على “تويتر”.
ليس ذلك فقط، بل نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” عدة مقالات ترحب بتلك الخطوة؛ حيث نشرت مقالاً للكاتب السعودي مشاري الذايدي بعنوان “الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي .. اختراق لحاجز الوهم”، قائلاً: “إن الإمارات قطفت مكسباً ملموساً للقضية الفلسطينية، ليس بالشعارات، بل بالعمل”، وأعادت قناة “العربية” الممولة من الرياض نشره أيضاً في موقعها الإلكتروني.
كما نشرت صحيفة “إيلاف” السعودية مقالاً للكاتب السعودي خالد تركي آل تركي، بعنوان “الإمارات تسير والأعداء يصرخون”، استخدم فيه هجوماً كبيراً ضد منتقدي خطوة الإمارات التطبيعية.
واعتبر أن الاتفاق “سيكون مفتاح خير للوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط، وسيضع حداً للمنتفعين والمسترزقين بالقضية الفلسطينية من دول وأحزاب وأشخاص”.
وبرز كتاب وصحفيون سعوديون يهاجمون على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي من ينتقد الإمارات، ويثنون على ما قامت به أبوظبي من توقيع الاتفاق مع دولة تحتل أرضاً عربية.
وكتب عثمان العمير، الناشر في صحيفة “إيلاف” السعودية، والمقرب من الديوان الملكي، قائلاً: “ما يحدث من هجوم على الخطوة التاريخية للشيخ محمد بن زايد بعبارات لا تليق وبمزايدات في كل أفق وطريق وبشعبوية هي من الطبيعة قبل التطبع، تعرض لها زعماء دخلوا التاريخ بجلال”.
أما عضوان الأحمري، رئيس تحرير صحيفة “إندبندنت عربية” التي تملكها السعودية، فهو يرى أن “إسرائيل دولة أصبحت واقعاً لا يمكن محوها من الخارطة”، مضيفاً: “كل رفض لمبادرة سلام يعني قضم تل أبيب لمزيد من الأراضي الفلسطينية. كانت المطالبات بحدود ما قبل 67، والآن وصل الحديث عن غور الأردن. الفرص تضيع بسبب الشعارات”.
بدوره يرى الكاتب في صحيفة “عكاظ” السعودية، خالد السلمان، أن “السلام كان مقابل عودة فلسطين، ثم مقابل عودة القدس، ثم مقابل عودة الضفة وغزة، ثم مقابل وقف ضم المستوطنات! قضية ترخص بتقادم الزمن!”، معتبراً أنها قضية تحولت إلى “سلعة في دكاكين عرب الشعارات، أما المثير للسخرية فهو أن تصدر اتهامات وانتقادات التطبيع من عواصم يرفرف فيها العلم الإسرائيلي!”.
وتأتي المواقف التي تتبناها وسائل الإعلام والنشطاء متماهية مع الموقف الرسمي السعودي؛ ففي مارس 2018، بثت “القناة الإسرائيلية العاشرة” تقريراً تضمن حديثاً لولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، في لقاء بزعماء منظمات يمينية يهودية أمريكية عُقد في نيويورك، قال فيه: “لدينا قضايا أكثر أهميّة من القضية الفلسطينية التي لم تعد من أولوياتنا”.
وقال: إن “القيادة الفلسطينية تفوّت فُرص السلام منذ 40 عاماً.. لقد حان الوقت ليقبلوا بعروض التفاوض، وإلا فليصمتوا ويتوقفوا عن التذمّر والشكوى”.
وخلال العامين الماضيين، زجت السلطات السعودية بعشرات الفلسطينيين في سجونها، كما بدأت بمحاكمة عدد منهم بتهم مختلفة.
اقرأ أيضًا: السعودية هي التالية.. كوشنر يبشر إسرائيل بأن تطبيع العلاقات مع المملكة أمر حتمي
اضف تعليقا