اتُهمت مجموعة قراصنة إيرانية باختراق بيانات من موقع “أتراف”، وهو موقع إسرائيلي لتعارف المثليين الذي تسربت منه قوائم بأسماء وتفاصيل أكثر من مليون مستخدم.

تحت هذه الكلمات نشرت صحيفة “لوريان لو جور” الناطقة بالفرنسية تقريرا حول الحرب الإلكترونية الدائرة بين إيران وإسرائيل منذ سنوات لكنها اشتدت خلال الفترة الأخيرة.

وقالت الصحيفة: شركة مياه وطنية تنجو بأعجوبة من التسمم بالكلور، ميناء إيراني كبير مشلول لعدة أيام، وثائق رسمية وتفاصيل مصرفية لعملاء شركة تأمين إسرائيلية تنشر على الإنترنت، هذا جزء من الهجمات الإلكترونية التي المستمرة بين إيران وإسرائيل منذ عدة سنوات. 

وأشارت إلى أن هذه الهجمات بدأت قبل أحد عشر عامًا، وبالتحديد في عام 2010، عندما أدى هجوم على موقع تخصيب نووي إيراني من خلال ستوكسنت” Stuxnet “، وهي فيروس يصيب نظام الويندوز، بدأ تطويرها منذ عام 2005 من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل.

هذا الهجوم أدى إلى إطلاق سلسلة من الهجمات المضادة بين البلدين، ولكن مع قيام أجهزة الدولة العسكرية والأمنية بتحسين أنظمة دفاعها على مر السنين، يجد المدنيون أنفسهم أكثر فأكثر في مواجهة هذا التصعيد، حيث يدفعون الثمن، رغما عنهم، في ظل استراتيجية الفوضى هذه، التي تهدف إلى زعزعة استقرار العدو بتكلفة منخفضة.

ووفقا لـ “لوريان لو جور” فإن هذا النوع بشكل خاص من الأساليب العدوانية، الذي لا ينفرد به هذان البلدان فقط وتسارع بشكل كبير منذ عام 2020، كان أخر ظهور له نهاية الأسبوع الماضي. 

ونوهت إلى قيام مجموعة من القراصنة الإيرانيين الذين يطلقون على أنفسهم اسم “بلاك شادو” بالتسلل إلى شركة استضافة المواقع الإلكترونية CyberServe وتسريب قوائم بأسماء وتفاصيل أكثر من مليون مستخدم لموقع “أتراف” لتعارف المثليين.

واستيقظ ألف من مستخدمي الموقع، من بين نحو مليون، صباح الأحد 31 أكتوبر/ تشرين أول، ليجدوا أنه تمت سرقة معلوماتهم الشخصية – الأسماء وأرقام الهواتف وكلمات المرور والميول الجنسية أو حتى حالة فيروس نقص المناعة البشرية – من قبل كيان مجهول يطالب بفدية قدرها مليون دولار مقابل هذه البيانات.

ويوم الثلاثاء، بعد 48 ساعة من إنذار القراصنة وفي ظل عدم تلبية مطالبهم المالية، تم نشر جزء من هذه البيانات.

بالنسبة للبعض، يمثل الحادث عقاب مزدوج، إذ قال أحد المستخدمين لصحيفة “هآرتس” اليومية الإسرائيلية: “يا إلهي، عمري 18 عامًا، وعائلتي محافظة، وقد شاركت صورًا عارية بالإضافة إلى صور لوجهي على الموقع”.

 

“خامنئي، أين بنزيننا؟”

وقبل ذلك بأيام قليلة، تسببت هجوم إلكتروني بإيران في نقص الوقود على المستوى الوطني، فيوم 26 أكتوبر/ تشرين أول، ظهرت طوابير طويلة في محطات الوقود في جميع أنحاء البلاد، حتى توقف التوزيع في منتصف النهار. 

والسبب، كما توضح الصحيفة، هو شلل نظام الدفع بالبطاقة المخصص لسائقي السيارات لشراء البنزين المدعوم، ففي بعض المناطق، ظهرت رسالة على اللوحات “خامنئي، أين بنزيننا؟” في إشارة إلى مطالب المتظاهرين في نوفمبر/ تشرين ثاني 2019. 

وخلال الساعات الأولى، أرجعت السلطات الأمر إلى مشكلة فنية، قبل التعرف على أصل الجريمة وهو القرصنة وبسرعة، كل الأنظار تتجه نحو إسرائيل.

كما أنه في عام 2021، وقعت أربع هجمات أخرى في البلاد، بما في ذلك هجوم على شبكة السكك الحديدية الإيرانية، ولم يخلو الأمر من الدعابة، إذ حثت اللوحات الإعلانية المسافرين على الاتصال بخط الطوارئ للحصول على معلومات حول القطارات المتأخرة أو الملغاة، مشيرة إلى رقم هاتف مكتب المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. 

على الجانب الإسرائيلي، أدى تكثيف الهجمات الإلكترونية منذ عام 2020 إلى عشرات الهجمات التي تهدف إلى شل عمل البنية التحتية المدنية أو المطالبة بفدية لاستعادة المعلومات المسروقة.

وتؤكد الصحيفة أن هذه الهجمات الإلكترونية هدفها إرسال رسائل سياسية من خلال استهداف السكان، لكن ليس كلها بالطبع مرتبط بالاستخبارات الإيرانية والإسرائيلية.

فبعض الهجمات قد يكون ارتكب من قبل مجموعات منفردة، وربما في بعض الأحيان معاضة للحكومة، لكن الاستثناء لا يبطل القاعدة: يعتقد المتخصصون أن القراصنة التابعين للحرس الثوري الإيراني، أو وزارة المخابرات الإيرانية، أو الموساد الإسرائيلي، سعوا بالفعل في عدة مناسبات إلى زرع الفتنة في المعسكر الآخر.

وعلى الرغم من أن هذه العمليات لا ينتج عنها أضرارا مذهلة كالحرب التقليدية، فإن ذلك لا يجعلها أساليب ردع غير ضارة، وخير مثال على ذلك هو سلسلة الهجمات التي استهدفت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أنظمة الكمبيوتر في عدة مستشفيات إسرائيلية.

لذلك فإن دولًا مثل إسرائيل تجهز نفسها بشكل متزايد وأكثر استعدادًا لهذا النوع من الهجمات، فعلى مدى العقد الماضي، استثمرت الدولة بكثافة في التكنولوجيا والأمن السيبراني، وأصبح لديها عدة مئات من الشركات المتخصصة في هذا القطاع ويتم استثمار المليارات فيها كل عام. 

لكن من خلال الإفراط في تطوير القطاع، أصبح الاقتصاد الوطني أيضًا معتمداً بشكل مفرط على التكنولوجيا، وبالتالي أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية.

وعلى الرغم من أن القطاعات المركزية لجهاز الأمن العسكري الإسرائيلي محصنة مثل القلاع هناك استثناءات: في نهاية أكتوبر/ تشرين أول الماضي، نشرت مجموعة قراصنة إيرانية معلومات خاصة لمئات من أعضاء الجيش الإسرائيلي، بعد نشر صورة محرجة لوزير الدفاع بيني جانتس في اليوم السابق. 

غير أن الموساد، والشين بيت، والاستخبارات العسكرية، وكذلك بعض البنية التحتية المدنية للدولة، أصبح من الصعب بشكل عام اختراقها.

على الجانب الآخر يواجه الإيرانيون صعوبة أكبر في تحسين أنظمة دفاعهم، خاصة تجاه المواقع النووية، لكن الطريقة التي يتم بها استهداف المدنيين الإيرانيين تُظهر أن الإسرائيليين يسعون إلى إحراج النظام في مواجهة سكانه بقدر ما يسعون إلى تسجيل نقاط استراتيجية أو عسكرية.

لذلك لا تزال هناك نقطة ضغط مشتركة بين البلدين وهي أن المدنيين، أصبحوا أهدافًا سهلة.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا