كتب المعارض السعودي البارز علي الأحمد – مدير معهد شؤون الخليج في واشنطن، مقالاً في صحيفة الإندبندنت البريطانية يحذر فيه المسؤولين في الدوري الإنجليزي من عواقب بيع نادي نيوكاسل يونايتد للسعودية، مؤكداً أن الثمن الذي سيدفعه البريطانيون سيكون غالياً في حالة إتمام الصفقة.

وقال الأحمد أنه بينما يناقش الدوري الإنجليزي الممتاز ما إذا كان سيقبل عرض المملكة العربية السعودية بشراء حصة “أغلبية” في نيوكاسل يونايتد، فإن الحذر من المشتري يجب أن يكون على رأس قائمة المفاوضات، خاصة وأن الصفقة لم تعدو كونها صفقة رياضية وحسب، بل ستحمل الإنجليز مسؤولية الأخلاقية والسياسية والاقتصادية، قد لا يستطيعوا تحمل عواقبها.

بن سلمان

بن سلمان

وأضاف الأحمد أنه بصفته من أبرز المعارضين السعوديين منذ فترة وطويلة، ومستهدف من قبل الأجهزة الأمنية “التي لا ترحم”، فإن كلامه يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، مستشهداً بتاريخه في معارضة النظام الملكي الذي لا يتقبل أبسط الانتقادات، حيث تعرض للاعتقال والتعذيب هو وأفراد عائلته وأصدقائه.

واستعرض الأحمد سجل انتهاكات حقوق الإنسان المُرتكبة من قبل النظام التي يتعرض لها المواطنون وخاصة المعتقلون السياسيون، حيث يحرمون من زيارات أفراد الأسرة أو محامي الدفاع ، ويحتجزون دون تهمة أو يحاكمون في محاكمات مسيسة إلى أدنى معايير المحاكمة العادلة، كما أشار إلى حادث وفاة الكاتب والناشط السعودي عبد الله الحامد، داخل مقر احتجازه، الأسبوع الماضي بعد أن رفضت السلطات السعودية السماح له بتلقي الرعاية الطبية اللازمة.

كما تحدث عن حادث مقتل ناشطًا قبليًا على أيدي القوات الأمنية بعد رفضه السماح للحكومة بتدمير منزله لإفساح المجال لمشروع نيوم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والذي يتم تمويله بصفة رئيسية من قبل مشتري نيوكاسل يونايتد، صندوق الاستثمارات العامة.

وفي محاولة أخرى منه لإقناع المسؤولين في الدوري الإنجليزي بالتراجع عن إتمام الصفقة بسبب سجل السعودية في انتهاكات حقوق الإنسان، الذي قال أنه يجب أن يحول بينها وبين إتمام صفقة نيوكاسل يونايتد، قام الأحمد باستعراض بعض الانتهاكات التي طالت مواطنين غير سعوديين أيضاً بسبب آرائهم المعارضة لنظام آل سعود، حيث تحدث عن “بدر الإبراهيم”، وهو مواطن أمريكي معتقل حالياً داخل السجون السعودية بسبب مقالاته التي لم تعجب الحكومة، حيث يتعرض لانتهاكات نفسية وبدنية، حاله كحال العديد من المعتقلين البريطانيين والأمريكان.

وأشار الأحمد إلى حالة غانم الدوسري، معارض سعودي يعيش في المملكة المتحدة تحت حماية اللجوء والشرطة، والذي قام برفع دعوى قضائية في المحاكم البريطانية ضد النظام السعودي بزعم أنه تعرض لاعتداء جسدي وتجسس اليكتروني من قبل الدولة السعودية على خلفية آرائه المعارضة.

ولم يغفل الأحمد في مقاله عن ذكر حادث اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، وعواقب تلك الجريمة، حيث خرجت تقارير من المخابرات الأمريكية أكدت أن “خديجة جنكيز”، خطيبة خاشقجي تعرضت للمراقبة من قبل النظام السعودي في لندن في مايو/أيار بعد سبعة أشهر من مقتل خاشقجي.

على صعيد آخر، سرد الأحمد المخاوف الاقتصادية المتعلقة بإتمام الصفقة، حيث قال “حتى إذا تم تجاهل المسؤولية الأخلاقية بشأن هذه الصفقة، فإنها كارثة من الناحية الاقتصادية، حيث أن المشتر الرئيسي للنادي هو صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وهو شريك غير موثوق، يفتقر إلى أدنى معايير الشفافية”.

في هذا السياق، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال: “استثمر الصندوق مليارات الدولارات في الأسواق العالمية مع القليل من الانضباط والضوابط المؤسسية النموذجية لصناديق الاستثمار… جميع الجهود المبذولة في تلك الصفقة الهدف منها تحقيق منافع شخصية”.

يُذكر أن تقارير من داخل إدارة الصندوق نفسه أكدت على لسان مسؤولين حاليين وسابقين في الصندوق إن الرئيس التنفيذي ياسر الرميان غالبا ما يتجاهل نصيحة لجان الاستثمار ومديري المخاطر.

إن فكرة أن المالكين الجدد لنيوكاسل يونايتد سيستخدمون أموالهم لتحويل النادي إلى مركز قوي لكرة القدم على غرار مانشستر سيتي هو حلم مزعج، بل يكاد يكون محض أوهام، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية وانخفاض سعر النفط إلى ما دون 20 دولارًا للبرميل، ما يعني أن المملكة العربية السعودية تنزف الأموال، ومع الصدمات المزدوجة من زيادة العرض وتراجع الطلب في أسواق الطاقة فإن هذا النزيف سيستمر لبعض الوقت في المستقبل.

سيواجه حكام الاقتصاد السعودي قريباً ضغوطاً داخلية قوية لتكريس مواردهم “المتقلصة” لخدمة مواطنيهم وتلبية الاحتياجات الأساسية بدلاً من انفاقها في مجالات الترفيه والمتعة، وما يؤزم الأمور أن ولي العهد محمد بن سلمان لا زال يتخذ قرارات غير ناضجة ويتمسك بغرور بمشاريعه الترفيهية، ضمن ما يسميه رؤية 2030.

واختتم الأحمد مقاله مؤكداً انه في حالة موافقة الدوري الإنجليزي الممتاز على الصفقة فإنه يخاطر بسمعته وأخلاقياته، فضلاً عن ترسانة الانتهاكات القانونية التي سيصبح ترساً فيها، خاصة وأن سياسات وممارسات حكومة السعودية وصندوقها السيادي تتعارض مع كل ما تمثله بريطانيا العظمى أو تؤمن به: سيادة القانون وحقوق الإنسان ومفهوم اللعب النظيف.

“فهل حقاً تريد بيع اسمك الجيد ومصالح مشجعي كرة القدم الإنجليزية مقابل 300 مليون دولار؟”

.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا