المكان مدينة كوماسي، الزمان 15 أكتوبر 2013، ليلتها، سقط الفريق المصري أمام نظيره الغاني، وتبخر حلم مصر في الوصول إلى كأس العالم 2014، وانزوى لاعبو مصر حزنا بين جنبات الملعب، إلا أن اللاعب صغير السن آنذاك محمد صلاح وقف يبكي بحرقة على حلم ضاع، ليفاجأ بمحمد أبو تريكة يقف بجواره يحاول تهدئته، ويربت بيديه على رأس اللاعب الصغير، ويقول له ناصحًا في هدوء “لا تيأس، ركز في كرة القدم، المستقبل مازال أمامك لتحقيق الحلم”، قبل أن يحتضنه بشدة.
التقطت الكاميرات هذه اللقطة الشهيرة، ثم مرت السنوات، ليستدعيها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مرة أخرى، بعد سنوات، حين استطاع “صلاح” أن يؤهل مصر لتصفيات كأس العالم للمرة الأولى منذ 28 عاما ويحرز هدفي الفوز، لتلمع عينه بالحلم الذي بكى عليه قبل أربع سنوات، وتصدق نبوءة أبو تريكة له.
لكن المختلف هذه المرة أن المنتخب الوطني ليس هو منتخب 2013، فلا أبو تريكة موجود، ولا أحمد حسن، ولا وائل جمعة، ولا سيد معوض، ولا محمد بركات ولا حسني عبد ربه، ولاغيرهم من أبطال الكرة المصرية، الذين تمكنوا من الفوز بالعديد من البطولات غير أنهم لم ينجحوا في الصعود بمصر لتصفيات كأس العالم…
صلاح و تريكة
ولأن عشاق الكرة المصرية يعرفون قيمة “أبو تريكة” الكروية على حد قولهم، فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، بمطالبة النظام المصري بالسماح للاعب محمد أبو تريكة بالانضمام لمنتخب مصر في روسيا ولو شرفيا كنوع من التتويج للاعب حقق للكرة المصرية الكثير من الإنجازات.
فهل يسمح النظام المصري بذلك؟ وهل هو مقبول فنيا؟ وهل سبق لتلك الواقعة أن حدثت من قبل، وماذا قدم أبو تريكة للكرة المصرية حتى تتم المطالبة بذلك؟
هاشتاج «تريكة في كأس العالم»
لنبدأ بالهاشتاج الأخير الذي تصدر قائمة الأكثر تداولًا عبر موقع التدوينات القصيرة”تويتر” في مصر على مدار الأيام الماضية، وهو هاشتاج (#تريكة في كاس العالم) وذلك بعد صعود المنتخب الوطني إلى مونديال روسيا 2018، حيث طالب المغردون بعودة نجم الكرة المصرية المعتزل محمد أبو تريكة للملاعب وإدراج اسمه بقائمة المنتخب في كأس العالم حتى وإن كان لمجرد التمثيل الشرفي.
واستشهد بعض الجماهير بموقف روجيه ميلا، نجم الكاميرون السابق والذي اعتزل دوليًا قبل أن يعود من اعتزاله ليشارك مع منتخب بلاده عام 1990، و1994 بعد مطالب من جماهير الكاميرون لعودته من الاعتزال.
وأكد أحد المعلقين على عودة تريكة قائلا “تريكة يستطيع العودة للياقته والمشاركة مع المنتخب، مضيفا هو بكامل لياقته البدنية ولسه عنده كتير ولو السلطة بتفهم فعلًا يتحط اسمه في قائمة كأس العالم”.
إنجازات تريكة تؤهله لذلك
ووفقا لنشطاء، فإن إنجازات أبو تريكة الكروية، توجب على الدولة واجبا أخلاقيا أن تضعه على قائمة المنتخب المصري في روسيا ولو شرفيا، خاصة أن تريكة، على حد قولهم، حقق إنجازات كروية محلية ودولية كبيرة.
فعلى المستوى المحلي تمكن بعد التحاقه بالنادي الأهلي المصري، من الحصول معه على بطولة الدوري سبع مرات والكأس المصري ثلاث مرات وكأس السوبر المصري 4 مرات.
وعلى المستوى الأفريقي تمكن من الحصول على دوري رابطة الأبطال الأفريقية أربع مرات وكأس السوبر الأفريقي مرتين، والوصول لكأس العالم للأندية 4 مرات.
وعلى المستوى الوطني حقق مع المنتخب المصري فوزا كبيرا في العديد من البطولات، حيث شارك أبوتريكة مع المنتخب في 52 مباراة دولية في مختلف المباريات، واستطاع إحراز 20 هدفًا.
وحقق أبوتريكة مع المنتخب الوطني بطولة كأس أمم أفريقيا عام 2006، و2008، و2010، بالإضافة إلى مشاركته بكأس العالم للقارات عام 2009، وتحقيق فوز على المنتخب الإيطالي بطل العالم وقتها، والخسارة من المنتخب البرازيلي في الدقائق الأخيرة من المباراة.
رافضون لعودته فنيا وبدنيا
في المقابل هناك وجهة نظر تقول إن عودة أبو تريكة للانضمام للمنتخب المصري في مونديال روسيا 2018، أمر مستحيل فنيا وبدنيا، مؤكدين أن الحديث عن عودة “روجيه ميلا” إلى خدمة منتخب الكاميرون هي خرافة وليست حقيقة.
وقال بعض المختصين: عودة “روجيه ميلا” إلى خدمة منتخب الكاميرون بعد اعتزاله معلومة غير دقيقة، وهناك اختلاف كبير بين موقف ميلا وموقف أبو تريكة فميلا اعتزل دوليا عام 1987 ولم يعتزل عالم كرة القدم وكان يلعب في مونبليه الفرنسي وبعدها في فريق سانت بيريوز بطل جزيرة رينيون الأفريقية ووقتها كان لايزال متألقا وطالبه الرئيس الكاميروني باول بيا بالانضمام لمنتخب الكاميرون 1990.
وكان جاهزا للعب وحدث أيضا هذا في كأس العالم 1994 وكان يلعب أيضا في فريق تونيري ياوندي في تلك الفترة.
وميلا منذ 1987 حتى 1994 قد لعب مع الأندية 174 مباراة سجل فيها 107 أهداف لتكون عودته منطقية للغاية وفقا للرياضيين.
“روجيه ميلا” لاعب الكاميرون السابق
أما أبو تريكة فقد اعتزل كرة القدم نهائيا في 2013 أي إنه مبتعد عن اللعب منذ أربعة أعوام وبالتالي فنيا وبدنيا من المستحيل أن يعود، لذا فإن مطالبات البعض تبدو غير واقعية.
هل يسمح له نظام السيسي؟
وبعيدا عن الجدل الدائر على مواقع التواصل الاجتماعي، حول عودة تريكة للملاعب مع المنتخب المصري، بقي سؤال هام يطرح نفسه، وهو: هل يقبل نظام السيسي المصري هذا الأمر؟ وهل يسمح بعودة أبو تريكة للعب باسم مصر من جديد؟ هل يسمح لأبو تريكة أن يهبط على أرض مصر دون أن يتم القبض عليه؟.
في أغلب التقديرات فإن نظام السيسي سيرفض ذلك، خصوصا أن نظام “السيسي” ناصب أبو تريكة العداء منذ اللحظة الأولى التي تمكن فيها السيسي من السلطة.
فأبو تريكة من وجهة نظر السيسي وإعلامه “إخواني” ويوصف في بعض الأحيان بالإرهابي والمتطرف، وذلك فقط لأنه لم يجهر بمدح نظام السيسي، ولم يتبرع لصندوق تحيا مصر كما تبرع غيره، بالرغم من تبرعاته الكثيرة في مؤسسات خيرية مصرية ومعروفة للجميع.
ولأن “أبو تريكة” ليس على هوى السيسي، فقد قررت السلطة التضييق عليه، ووضع اسمه على قوائم الإرهاب، والتحفظ على أمواله، ووضعه على قوائم الترقب والوصول، ولذلك لايستطيع نجم الكرة المصرية أن يعود إلى بلاده ليمثلها في بطولة دولية طالما حلم أن يكون أحد المشاركين فيها.
وعليه فإن مراقبين يرون أن قبول نظام السيسي بعودة أبو تريكة للعب باسم مصر يعني أن النظام يطعن بنفسه في كل قراراته التعسفية والقمعية ضد “أبو تريكة” وهو مايستحيل نظريا أن يقدم عليه النظام.
اضف تعليقا