العدسة – أحمد عبد العزيز

شهدت الجولة الخامسة من دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، عودة أحد مظاهر الاحتجاج إلى أرضية الملعب، لتعيد للأذهان تاريخًا طويلًا من العلاقة بين وسائل الاحتجاج ومدرجات كرة القدم.

ويعتبر كثير من المحللين أن وسائل الاحتجاج التي تلجأ إليها الجماهير في المدرجات، أو حتى اللاعبون داخل أرضية الملعب، سواء في كرة القدم أو غيرها من الرياضات، تعطي حماسا غير اعتيادي للرياضة، وتفجر معانيها الحقيقية التي قد تغيب عن البعض بسبب الانشغال بالمكسب والخسارة.

وعادة ما تحتج الجماهير على أسعار التذاكر أو القرارات التحكيمية أو نتائج فرقها، بينما يحتج اللاعبون في بعض الأحيان على أداء جماهير الفرق المنافسة خاصة إذا ما رددوا هتافات عنصرية ضد اللاعبين، أو القرارات التي تصدر عن حكم اللقاء.

 

جماهير البايرن

فقد فوجئ لاعبو نادي بايرن ميونخ الألماني، أثناء مباراتهم مع فريق أندرلخت البلجيكي، بقيام جماهيرهم بإلقاء عملات وهمية على أرضية الملعب، اعتراضا على زيادة وغلاء أسعار التذاكر، كما قامت برفع لافتات اعترضوا فيها على تعامل إدارة النادي مع الجماهير بوصفهم زبائن وليس أبناء للنادي ومحبين للبايرن.

وهو ما تسبب في توقف اللعب لحين إخراج النقود المزيفة من أرضية الملعب وتنظيفها، ومن ثم استئناف اللعب.

وكانت جماهير البايرن، لجأت لأساليب أخرى من الاعتراض في أوقات سابقة للسبب ذاته، حيث تسببت في توقف مباراة البايرن والأرسنال في مارس الماضي، ضمن منافسات النسخة السابقة من بطولة دوري الأبطال، إذ قامت برمي العشرات من لفافات مناديل المراحيض احتجاجا على أسعار التذاكر، وحملوا لافتة كبيرة كتبوا عليها “من دون المشجعين كرة القدم لا تساوي قرشا واحدا”، بينما كتبوا في أخرى “الجشع لا حدود له”.

كما قامت باحتجاج مماثل في عام 2015، بعدما رفضت الجماهير الدخول إلى المدرجات قبل انقضاء خمس دقائق على بداية المباراة، لكي ترسل رسالة إلى إدارة النادي بأن المدرجات الفارغة تعني أنه لا يوجد كرة قدم.

ويبلغ متوسط أسعار التذاكر في ملعب “أليانز أرينا” المملوك للبايرن قرابة 75 جنيها استرلينيا، أي ما يعادل 90 دولارا أمريكيا، ولطالما شكا المشجعون من ارتفاع أسعار تذاكر المباريات.

الجلوس داخل الملعب

ملاعب كرة القدم شهدت احتجاجا آخر هذا الأسبوع، ولكن هذه المرة في إحدى مباريات الدوري الصربي، حيث عبر لاعبو فريق “بوراس تشاتشاك” عن رفضهم لقرارات الحكم التحكيمية بطريقة احتجاجية مختلفة، في مباراتهم مع فريق “سبارتاك بوتيكا”.

فقد قام حكم المباراة باحتساب ضربة جزاء لصالح فريق سبوتيكا في الدقائق الأخيرة من زمن الشوط الأول من المباراة، إلا أن لاعبي فريق تشاتشاك اعترضوا على قراره بداعي أن ضربة الجزاء غير صحيحة.

 

إلا أن الحكم أزّم الوضع بشكل أكبر وبادر بطرد اثنين من لاعبي تشاتشاك كرد فعل على احتجاجهما.

وفي الشوط الثاني من زمن اللقاء، فوجئ الحكم والجماهير ولاعبو فريق سبوتيكا، بلاعبي تشاتشاك وهم يدخلون إلى أرضية الملعب، ولكنهم لم يتوجهوا للعب، بل جلسوا على أرضية الملعب وأعطوا ظهورهم لحكم اللقاء واللاعبين المنافسين، رافضين استكمال اللقاء، اعتراضا على قرارات الحكم.

لافتات اعتراض

واشتهر عن جماهير نادي أستون فيلا الإنجليزي، اعتيادها رفع اللافتات في المدرجات، كلما أخفق فريقها في تحقيق النتائج المرجوة منه.

ففي أحد المباريات بين فيلا والعملاق الإنجليزي تشيلسي، بادرت الجماهير برفع لافتات تعبر فيها عن اعتراضها على سوء نتائج الفريق وتذيله ترتيب جدول الدوري الإنجليزي.

 

في تلك المباراة، بدت مدرجات ملعب “فيلا بارك” خالية تماما، إلا من بعض الجماهير القليلة، التي رفعت لافتات الاحتجاج، معبرة عن خيبة أملها في أن يكون أحد الفرق التي استطاعت أن تحمل اللقب في يوم من الأيام (موسم 1981-1982) متذيلا للدوري الإنجليزي بهذا الشكل المهين، متسائلة عن المستقبل الذي ينتظر هذا النادي العريق؟

الانسحاب من المدرجات

أما الانسحاب من المدرجات، فيعتبر في عرف كرة القدم، أعلى مراحل الاحتجاج، لأنه يعني أن يضحي المشجع بثمن تذكرته التي دفعها، ليغادر أرضية المعلب بهدف إيصال رسالته إلى اللاعبين وإدارة النادي.

واستطاعت جماهير نادي ليفربول الإنجليزي أنت تدفع إدارة ناديها للاستجابة إلى مطالبها بتخفيض ثمن تذاكر المباريات في وقت سابق، عندما قامت بالانسحاب من المدرجات خلال إحدى مباريات فريقهم مع سندرلاند العام الماضي.

 

وعقب الانسحاب، أعلنت رابطة المشجعين عزمها دراسة خطوات تصعيدية، من بينها تكرار الانسحاب وترك المقاعد خاوية، والامتناع عن مآزرة الفريق في مبارياته ضد المنافسين، وهو ما يفقد اللاعبين جزءا هاما من كونهم يلعبون على ملعبهم، ويجعلهم غرباء في أرضية الملعب مثلهم مثل المنافسين الضيوف.

ونتيجة لهذه الوسائل، اضطر النادي وغيره من الأندية الإنجليزية لتخفيض أسعار التذاكر استجابة لمطلب الجماهير، بعدما أعلن أن اتحادات المشجعين في أكثر من نادي إنجليزي قررت تنظيم انسحابات جماعية من المدرجات في مباريات الدوري الإنجليزي.