في تصريحات مثيرة للجدل، قام الأمير السعودي بندر بن سلطان باتهام القيادة الفلسطينية بإهدار “عقود” من الفرص لصنع السلام مع إسرائيل وحل القضية الفلسطينية -على حد قوله-، في تصريحات يرى الخبراء والمحللون أنها دليل على تحول جذري في موقف المملكة العربية السعودية من العدو التقليدي للعرب: “إسرائيل”، وربما تمهيد لإعلان “قريب” عن تطبيع العلاقات بين الجانبين.

ووصف الأمير بندر، وهو سفير سابق لدى الولايات المتحدة، القادة الفلسطينيين بالـ “الفاشلين” خلال لقاء تليفزيوني يُبث على ثلاث حلقات على قناة العربية التلفزيونية السعودية، منتقداً موقفهم من تطبيع الإمارات والبحرين علاقاتهم مع إسرائيل، رافضاً أن يتم دول الخليج التي قامت بالتطبيع “بالخونة”.

التصريح الأكثر استفزازاً على الإطلاق -وفق ما رآه المحللون- هو ما جاء خلال الجزء الأخير من الحلقة التي بُثت يوم الأربعاء، حيث رأى “بندر بن سلطان” أن ردود أفعال المسؤولين الفلسطينيين تجاه من قاموا بالتطبيع لا يمكن وصفها إلا بـ “الجحود وعدم الولاء” للقادة الذين قدموا مساعدات ودعم على مدى عقود للقضية الفلسطينية -على حد وصف بندر-، مضيفاً “لا يمكن أن نثق بهم مرة أخرى، ومن الصعب التوصل لشيء يخدم القضية الفلسطينية معهم”، لافتاً أن المملكة “لا تزال تدعم الشعب الفلسطيني”.

وفقاً لآراء النقاد والمحللين فإن تصريحات بندر بن سلطان التي تنتقد القيادة الفلسطينية وتشجع التطبيع لم تخرج للنور عبثاً، بل على العكس تأتي في وقت أصبح خطاب التحفيز لاتخاذ خطوة التطبيع مع إسرائيل هو الأكثر شيوعاً في المملكة.

على سبيل المثال، أشاد العديد من الصحفيين السعوديين الشهر الماضي بالصفقات الإقليمية مع إسرائيل باعتبارها الحل الوحيد للتخلص من النفوذ الإيراني، في تغيير ملحوظ للسياسة الهادفة لشيطنة إسرائيل التي كانت تتبعها وسائل الإعلام السعودية.

هناك بعض الآراء التي تؤكد أن السعودية لن تقدم على خطوة التطبيع مع إسرائيل وإقامة علاقات رسمية في القريب العاجل، مع ذلك، يقول بعض السعوديين إنهم لم يعودوا يشعرون بالانتماء إلى “القضية الفلسطينية”، تلك القضية التي لطالما وحدت وجدان الشعوب العربية لعقود.

في حواره لبلومبرغ، قال فهد عبد الرحمن – رجل أعمال سعودي يبلغ من العمر 41 عاماً- “على مدار عقود لم يتغنى الجميع سوى بالقضية الفلسطينية وضرورة دعم القضية الفلسطينية دون تغيير ملحوظ… في المقابل.. لم تتسبب هذه القضية إلا في أضرار اقتصادية وسياسية لنا”.

من جانبهم، لم يصدر أي رد فعل فلسطيني رسمي، وقال صائب عريقات، الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية إنه يحتفظ بالتعليق حتى يتم بث الأجزاء الثلاثة.

لطالما كانت المملكة العربية السعودية على مر التاريخ نصيرًا رئيسيًا وداعمًا للقضية الفلسطينية، في عام 2002، قامت برعاية مبادرة سلام إقليمية دعت إلى ضرورة إقامة دولة فلسطينية وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى حدود ما قبل 1967، وهو الشرط الأساسي كي يتم تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ومع ذلك، فإن التغيرات جذرية التي طرأت على الخريطة الجيوسياسية للمنطقة العربية على مدار العقد الماضي، أدت إلى تهميش القضية الفلسطينية، خاصة بعد اضطرابات الربيع العربي والصراعات الدموية في أماكن مثل سوريا وليبيا واليمن، ما تسبب في تقليص أهمية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في الشرق الأوسط بحجة خوف دول الخليج العربية من نفوذ إيران المتزايد وطموحاتها النووية.

خلال المقابلة، تحدث الأمير بندر عن جهوده للمساعدة في حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيراً إلى العديد مما اعتبره “فرص ضائعة” لم يستغلها الفلسطينيون لإنهاء الصراع، خاصة صفقة القرن التي رعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهي الخطة التي اعتبرها الفلسطينيون صفقة “سيئة النية”، لا تهدف إلا بإلحاق الضرر بالفلسطينيين.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا