كشف الغزو الروسي لأوكرانيا -الذي تدور رحاه منذ نحو أسبوعين- عن وجه عنصري للعديد من الأفراد والمؤسسات الغربية. فطيلة الأيام الماضية، أدلى مسؤولون غربيون بتصريحات عنصرية ضد العرب والمسلمين وغير الأوروبيين عمومًا أثارت موجة غضب واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وربما كان التصريح الأخير الذي جاء على لسان الأمير البريطاني، وليام، هو الأبرز في موجة العنصرية هذه؛ نظرًا للمنصب الرسمي الذي يحوزه الأمير في إحدى كبريات الدول الأوروبية. حيث زار الأمير وليام، إلى جانب دوقة كامبريدج زوجته كيت المركز الثقافي الأوكراني في لندن، وأدلى بتصريحات أثارت الجدل.
وفي كلمة له، قال ويليام إن “البريطانيين اعتادوا على رؤية الحروب والصراعات في أفريقيا وآسيا، لكنه من الغريب جدًا رؤية هذا في أوروبا”. ولفت إلى أن أولاده قد تأثروا بالأزمة أيضًا، وأنه يحاول أن يشرح لهم ما يجري، لكن عليه أن ينتقي كلماته بعناية.
عنصرية مراسل شبكة إخبارية أمريكية
وفجّر مراسل صحفي في شبكة (سي بي إس) الأمريكية موجة غضب عبر المنصات العربية والأجنبية، وذلك بعد وصفه أوكرانيا خلال بث مباشر من كييف بأنها “متحضرة وأوروبية نسبيًا” مقارنة بدول مثل العراق وأفغانستان. وقال تشارلي داغاتا المراسل الأجنبي لمكتب لندن التابع للشبكة “لا تتوقع أن ترى في أوكرانيا نوع الصراع العسكري الذي ابتُلي به الشرق الأوسط”.
وأضاف: “هذا ليس مكانًا -مع كل الاحترام الواجب- مثل العراق أو أفغانستان، حيث يدور صراع محتدم منذ عقود، هذه مدينة حضارية وأوروبية نسبيًا -لا بد لي من اختيار هذه الكلمات بعناية أيضًا- مدينة لا تتوقع فيها ذلك، أو آمل أن يحدث ذلك”.
ولاحقًا، اعتذر مراسل (سي بي إس) بعد حملة استنكار واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، قائلًا “لقد تحدثت بطريقة آسف لقولها”، مضيفًا أنه كان يحاول إيصال أن أوكرانيا لم تشهد “هذا الحجم من الحرب” في السنوات الأخيرة، على عكس البلدان الأخرى. لكن تبرير المراسل أكد على نظرته العنصرية نحو الشرق الأوسط، من حيث أراد هو أن يوضح موقفه العنصري.
تمييز حسب اللون
كما اتخذت التصريحات العنصرية شكلًا أكثر وضوحًا، حيث قال نائب المدعي العام الأوكراني السابق، ديفيد ساكفاريليدزي، في لقاء له مع شبكة (بي بي سي) البريطانية: “إنه أمر مؤثر للغاية بالنسبة لي لأنني أرى الأوروبيين ذوي الشعر الأشقر وعيونهم الزرقاء يُقتلون كل يوم بصواريخ بوتين وطائراته الهليكوبتر وصواريخه”.
علاوة على ذلك، صرحت كيلي كوبيلا، مراسلة محطة NBC الأمريكية في تغطية إخبارية أن “هؤلاء ليسوا لاجئين من سوريا، هؤلاء لاجئون من أوكرانيا. هؤلاء مسيحيون بيض”.
وبشكل مماثل، قال الصحفي، فيليب كورب، على قناة (BFM) الأكثر مشاهدة في فرنسا: “نحن لا نتحدث هنا عن فرار السوريين من قصف النظام السوري المدعوم من بوتين، نحن نتحدث عن الأوروبيين الذين يغادرون في سيارات تشبه سياراتنا”.
كما قال الصحفي الفرنسي، أوليس غوسي، بالقناة الفرنسية ذاتها: “نحن في مدينة أوروبية وهناك إطلاق صواريخ كما لو كنا في العراق أو أفغانستان، هل يمكنك أن تتخيل؟”
وبشكل بدا يحمل الكثير من الوقاحة، أبدى أحد الصحفيين الأجانب تعجبه من أن الحروب لم تعد تحدث في أماكن الفقراء فقط. حيث كتب الصحفي البريطاني، دانيال هنان، في مقال بصحيفة التلغراف: “إنهم يشبهوننا كثيرًا. وهذا ما يجعل الأمر صادمًا للغاية”، وذكر أن الحرب لم تعد تحدث في مجتمعات “السكان الفقراء والنائية”.
نوع مختلف من اللاجئين!!
وفي أوضح دليل على ازدواجية المعايير الغربية، قال رئيس الوزراء البلغاري: “هؤلاء ليسوا اللاجئين الذين اعتدنا عليهم. إنهم أوربيون وأذكياء ومتعلمون وبعضهم مبرمجون لتكنولوجيا المعلومات. هذه ليست موجة اللاجئين المعتادة للأشخاص الذين ليس لديهم ماضٍ مجهول. ولا يوجد بلد أوربي يخاف عليهم. أنا لست مندهشًا، أنا غاضب فقط”.
كذلك صرح جان لويس بورلانج، عضو الجمعية الوطنية الفرنسية، أن اللاجئين الأوكرانيين سيكونون “هجرة ذات نوعية عالية، ومثقفين، وسنكون قادرين على الاستفادة منها”.
وتماديًا في التصريحات العنصرية، وصف مذيع قناة الجزيرة الإنجليزية، بيتر دوبي، الأوكرانيين الفارين من الحرب بأنهم “شعب مزدهر من الطبقة الوسطى الذين ليسوا من الواضح أنهم لاجئون يحاولون الهروب من مناطق في الشرق الأوسط لا تزال في حالة حرب كبيرة”. وتابع: “هؤلاء ليسوا أشخاصًا يحاولون الابتعاد عن مناطق في شمال أفريقيا، إنهم يبدون مثل أي عائلة أوربية قد تعيش بجوارها”.
وأصدرت الشبكة الإعلامية في وقت لاحق اعتذارًا قائلة إن التعليقات “كانت غير لائقة وغير حساسة وغير مسؤولة”. وأكد البيان على التزام الجزيرة الإنجليزية بالحياد والتنوع والاحتراف في جميع أعمالها، وأن هذا الخرق لتلك المهنية سيتم التعامل معه من خلال إجراءات تأديبية.
عنصرية المؤسسات الدولية
وقد يرى البعض أن ما جاء على أفواه الأمير وليام والمراسلين والمسؤولين الغربيين هو مجرد تصريحات فردية. لكن الذي يؤكد أن هذه نظرة قطاع عريض في الغرب تجاه العرب والمسلمين هو ما صدر عن المؤسسات الدولية التي يتحكم فيها الغرب.
فعلى خلفية التدخل الروسي، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ونظيره الأوروبي (يويفا) استبعاد منتخب روسيا وأنديتها من البطولات الدولية. وبالطبع، فإن هذا الموقف “كيل بمكالين”، مع عدم تطبيقه بحق منتخبات “الكيان الصهيوني” المحتل لفلسطين الذي يقتل الأطفال والنساء منذ سنوات.
وقد كتب نجم الكرة المصرية السابق، محمد أبو تريكة، تغريدة في هذا السياق، وهو الذي تلقى بطاقة صفراء بمباراة مع منتخب بلاده، وتحذيرًا من الكاف في 2008 بعدما اعتبر رفعه شعار يدعم غزة “موقفًا سياسيًا”.
كذلك، فإنه وبعد يومين من تقديم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، شكوى لها ضد تدخل روسيا، أعلنت محكمة العدل الدولية، في بيان، أن جلسات الاستماع الأولى ستعقد يومي 7 و8 مارس/آذار الجاري.
وقد غرد الكاتب السوري، أحمد موفق زيدان، متسائلًا: “محكمة العدل خلال 5 أيام من غزو بوتين فتح تحقيق ضد روسيا وهذا جيد لكن ماذا عن 7 سنوات من إبادة الشعب السوري”.
اضف تعليقا