“عندما انحسرت المياه، كانت البطانيات والأغطية مصفوفة جنبا إلى جنب، وفيها أطفال ونساء ورجال”، وبينما تدفن مدينة درنة الليبية موتاها، يتحول الظلم إلى غضب بين الأحياء ويتصاعد السؤال: لماذا تُركت المدينة عرضة لكارثة توقّعها البعض؟”.

بتلك العبارات سلطت ماثيو كامبل، في تقرير بصحيفة “ذا تايمز” البريطانية (The times)، الضوء على كارثة درنة، مضيفا أن “محور الغضب الشعبي المتزايد هو خليفة حفتر وأبناؤه، فهم يسيطرون على شرقي ليبيا، حيث انهار سدان في إعصار، مما تسبب في فيضان جرف معظم المدينة إلى البحر”.

وفي 10 سبتمبر/ أيلول الجاري، اجتاح إعصار “دانيال” عدة مناطق شرقي ليبيا، مخلفا دمارا كبيرا و11 ألفا و470 قتيلا و10 آلاف و100 مفقود، إلى جانب 40 ألف نازح شمال شرقي البلاد.

وقالت فيرجيني كولومبييه من جامعة لويس جويدو كارلي في روما، إن “قوات حفتر تصف ما حدث بأنه كارثة طبيعية، لكن الشعب يعرف أن الأفراد هم المسؤولون، فقد تم تخصيص ميزانيات كبيرة لصيانة وإصلاح السدود، ولكن لم يتم فعل أي شيء”.

وقال أنس القماطي، مدير معهد “الصادق” البحي بطرابلس: “لقد فشلوا في صيانة (السدود)، ويجب التحقيق مع الأشخاص المسؤولين بتهمة الإهمال الإجرامي والفساد”.

وسيطر حفتر (79 عاما) بعد سنوات من الحرب الأهلية والفوضى، على النصف الشرقي من ليبيا، بينما تحكم الإدارة المعترف بها  من الأمم المتحدة (حكومة الوحدة الوطنية) غربي البلاد”.

وقال أوليفر كراولي، الشريك الإداري في “ليبيا ديسك”، وهي شركة استشارية لتحليل المخاطر، إنه “لا ينبغي لنا أن نتوقع أن يدوم صبر الناس على طبقتهم السياسية لفترة أطول بكثير”.

أما تيم إيتون، الخبير في شؤون ليبيا في مركز “تشاتام هاوس” البحثي، فقال: “أسمع بالفعل دعوات لإجراء تحقيق دولي في كيفية حدوث ذلك، ويقال إن قوات حفتر عارضت إخلاء المدينة”.

ولفت كامبل إلى أنه “بعد معركة طويلة ضد الجماعات الإسلامية في مدينة بنغازي، فرض حفتر مع قواته حصارا على درنة في 2018”.

واتهمه القماطي بـ”ارتكاب جرائم حرب.. لقد خنق المدينة لمدة عام ونصف، دون دخول الطعام، ومع قصف مميت”.

و”لا يزال الاستياء من هذه المعاملة قائما في المدينة، التي كان عدد سكانها 90 ألف نسمة قبل الكارثة”.

و”قد تعامل حفتر مع الأمر بحذر: فبدلا من الإخلاء (درنة)، قيل إن أحد أبنائه أمر بـ “الإغلاق”، عندما أصبح التهديد من العاصفة دانيال واضحا”.

وأضاف أن “الغضب الشعبي تزايد عندما تبين أن اجتماعا عُقد لمناقشة خطر الفيضانات قبل 5 أيام فقط من وقوع الكارثة، وتحدث متخصصون عن سوء صيانة السدود وخطر وقوع كارثة”.

ونشر شاعر، حضر الاجتماع في بيت الثقافة بدرنة، قصيدة على صفحته في “فيسبوك”، قارن فيها المطر بناقوس الخطر، ثم مات في الفيضان، بحسب كامبل، الذي تساءل عن قدرة حفتر على منع الغضب الشعبي بعد فشله في منع الفيضان عبر صيانة السدود.

وختم بأنه “رغم صلات حفتر مع أمريكا، إلا أن واشنطن أبعدت نفسها عنه، خشية أن تعطي إشارات مشوشة بشأن دعمها للحكومة المعترف بها دوليا”.

واستدرك: “لكن هذا لم يمنع مدير الاستخبارات الأمريكية ويليام بيرنز من القيام بزيارة نادرة  إلى ليبيا (في يناير/ كانون الثاني الماضي)، حيث اجتمع مع رئيس حكومة الغرب عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، قبل أن يطير إلى بنغازي للقاء حفتر. ولم يُكشف عما دار بينهما”.

اقرأ أيضا: تضامن شعبي كبير في ليبيا لمواجهة الكارثة يتجاوز الخلافات السياسية