العدسة – معتز أشرف:
بالإعلان عن اختتام القمة العربية في الظهران بالمملكة العربية السعودية، ظهرت في الأفق علامات الفشل واضحة، بحسب مراقبين، بعدما تحوَّلت جلسات القمة إلى كلمات وخطابات، لم تقدم شيئًا مؤثرًا يغير مسار الأحداث، بل شاركت في التواطؤ الواضح علي الجرائم التي ترتكب في المنطقة تحت رعاية الكيان الصهيوني ورباعي الحصار؛ مصر والسعودية والامارات والبحرين، وهو ما نرصد أسبابه.
انتهاكات الحصار!
غابت انتهاكات الحصار على قطر عن البيان الختامي للقمة، وظهرت محاولات جديدة لحصار دولة قطر، نجا منها باقتدار أمير قطر “تميم بن حمد آل ثاني”، وتصدَّى لها مندوب الدوحة الدائم بالجامعة العربية، سيف البوعينين؛ ففي الوقت الذي حاولت دوائر إعلامية وإلكترونية محسوبة على دول الحصار إظهار ما قالت إنه عزله لمندوب الدوحة الذي انحاز للبُعد عن زعماء الأزمة في المنطقة، استفزّ مقاطعة الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني للقمة، أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتى للشؤون الخارجية، الناطق الدائم باسم دول الحصار في كثير من المواقف؛ حيث زعم أنَّ غياب دولة قطر عن حضور القمة العربية فى مدينة الظهران بالمملكة العربية السعودية، نتيجة طبيعية لسياسة المكابرة التى تتبعها منذ بداية أزمتها، في حين اعتبر المراقبون غياب أمير قطر قراءة مبكرة لفشل القمة التي لن تقدم جديدًا في إطار أي ملف، خاصة ملف الحصار، بل قد يؤدّي إلى توتر أكثر.
وفي الوقت الذي تحدث فيه البيان الختامي عن سيادة الدول وعدم التدخل في شئونهم، أبرز البيان الختامي الحديث عن سيادة الإمارات فيما تدخل سيادة قطر، في ازدواجية معايير فاضحة، بحسب المراقبين، ولوجود الأزمة مع إيران خصم آل سعود اللدود، قال البيان: “نؤكد على سيادة دول الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى) ونؤكّد على مشروعية الإجراءات التي تتخذها لاستعادة سيادتها عليها، وندعو إيران إلى الاستجابة لمبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة لإيجاد حل سلمي لقضية الجزر الثلاث من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية”، فيما تجاهل الانتهاكات الكثيرة لدول الحصار ومحاولتهم اختراق السيادة القطرية بكل الطرق.
ما زاد الطين بلة، تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي زعم أنَّ أزمة الحصار علي قطر لم تناقش في القمة العربية؛ لأنها مسألة غير مهمة، ولها إطارها الخاص الذي تبحث فيه، فهي مشكلة بسيطة ستبحث ضمن هذا الإطار، وحلها مرتبط باستجابة قطر لشروط دول الحصار، بحسب وصفه.
أزمة اليمن!
سقطت القمة، بحسب مراقبين، كذلك في اختبار اليمن؛ ففي الوقت الذي يتفق المجتمع الدولي على انتهاكات السعودية والإمارات في اليمن، لدرجة وصلت إلى اتهام منظمة هيومن رايتس ووتش للسعودية والإمارات بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن؛ حيث قالت المنظمة غير الحكومية، في تقريرها السنوي لعام 2018: إنَّ الانتهاكات التي ارتكبتها السعودية والإمارات في اليمن يرقى بعضها إلى جرائم حرب، وجاء في التقرير أنَّ القوى الكبرى واصلت دعم التحالف العربي- الذي تقوده السعودية- المسيء في اليمن؛ حيث تعرض المدنيون لهجمات جوية وصفها بأنها غير شرعية، إضافة إلى الحصار، وأضاف أنَّ الحرب في اليمن والحصار الذي يفرضه التحالف العربي تسببا في تفشّي الأمراض، وعلى رأسها الكوليرا وسوء التغذية الحاد، مشيرًا إلى أنَّ القوى الكبرى واصلت دعم التحالف رغم انتهاكاته.
في المقابل جاء البيان الختامي للقمة والمحادثات والخطابات في انحياز تام للجناة، ففي البيان الختامي ثلاث بنود لتحية السعودية ودعم مواقفها دون لفت الانتباه إلى الجرائم الموثقة؛ حيث أدان البيان إطلاق ميليشيات الحوثي (106) صواريخ باليستية على مكة المكرمة والرياض وعدد من مدن المملكة، وأعلن دعمه ومساندته للسعودية في اليمن، وثمّن ما قال: إنه ” مبادرات إعادة الإعمار ووقوف دول التحالف إلى جانب الشعب اليمني الشقيق من خلال مبادرة إعادة الأمل، وما تقدمه من مساعدات إغاثية وعلاجية وتنموية من خلال مشاريع الإغاثة والأعمال الإنسانية التي يقدمها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية” وهو ما لا يناسب قدر الجرائم.
عقدة طهران
ولتحول القمة إلى جدول أعمال سعودي خالص، ظهرت، بحسب المراقبين، عقدة طهران المتأصلة في المشهد السعودي في كافة خطابات القمة، وتَصدر رفض ما وصف بالتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، كلمات عدد من زعماء وقادة الدول المشاركة في اجتماعات القمة العربية، وحظي بيان القمة الختامي على 8 بنود تخص إيران وحدها بتفوق علي الكيان الصهيوني الذي خصّه البيان بخمس بنود، حيث أكّد البيان في أهم بنوده ضد إيران التزامه بتهيئة الوسائل الممكنة وتكريس كافة الجهود اللازمة للقضاء على العصابات الإرهابية وهزيمة الارهابيين في جميع ميادين المواجهة العسكرية والأمنية والفكرية، والاستمرار في محاربة الارهاب وإزالة أسبابه والقضاء على داعميه ومنظميه ومموليه في الداخل والخارج؛ كإيران وأذرعها في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، مؤملين وقوف العالم الحر لمساندتنا ودعمنا لننعم جميعًا بالسلام والأمن والنماء.
وفي المقابل قال مستشار المرشد الإيراني الأعلى للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي: “إنَّ اجتماعات القمة العربية تعقد بضغط من قبل المملكة العربية السعودية، معتبرًا أنّ “هذه المؤتمرات لا قيمة لها وفاقدة للمصداقية من الناحية السياسية والدولية، مضيفًا أن اجتماع القمة العربية “لا أهمية له”، مشيرًا إلى أنَّ نتيجة هذا الاجتماع، الذي سيخرج ببيان نهائي، دوّنته حكومة “متزلزلة لا قيمة لها”.
القدس ثانية!
وعلي رغم من إعلان الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية التاسعة والعشرين عن تسمية القمة بـ(قمة القدس) إلا أنَّ بنود البيان الختامي للقمة الخاصة بالقضية الفلسطينية جاءت في المرتبة الثانية بعد انتقاد طهران، وفق تحليل رقمي للبيان أجراه “العدسة”، وهو الأمر الذي استفزّ المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي وقال في تصريحات رسمية: إن جامعة الدول العربية “فقدت الهدف الأساسي من تأسيسها وهو التصدي لإسرائيل”؛ حيث إن القمة العربية وبدلًا من أن تندِّد بالعدوان على دولة عربية “توجه الاتهامات والافتراءات لإيران التي تقف في مقدمة الدول التي تحارب الإرهاب”، كما رفض المتحدث باسم الخارجية اتهامات بيان القمة العربية ضد بلاده، مؤكدًا أنَّ طهران “ستواصل العمل بمسار أستانة لحفظ السيادة السورية”.
ورغم أنَّ البيان الختامي تحدث عن إدانات للمواقف الصهيونية، إلا أنه جاء متناقضًا مع المواقف العملية للسعودية ودول الحصار على وجه التحديد في مصر والإمارات والبحرين، الذين رصدت لهم مواقف تحالفية مشينة مع دولة الاحتلال الصهيوني، وفق مراقبين، وهو ما رصده المغرِّد الشهير “مجتهد” حيث كشف عن خطة أمريكية إسرائيلية لتطويع العالم العربي، وخاصة دول الخليج ومصر للتطبيع مع إسرائيل، موضحًا في تسريبات هي الأخطر من نوعها عن العلاقة التي تربط السعودية والإمارات ومصر والبحرين من جهة وإسرائيل وأمريكا من جهة أخرى، في حصار قطر، والأسباب الحقيقية لهذا الحصار؛ حيث تعتمد الخطة على أن تكون مصر هي المرجع ومزوّد الكوادر في التعامل مع الإعلام والأمن والتيارات الإسلامية ومناهج التعليم والمؤسسات الدينية بهدف إبعاد أي تأثير سياسي أو ثقافي أو تربوي أو مالي للدين في شعوب المملكة العربية السعودية والخليج ومصر لتهيئة هذه الشعوب للتطبيع الكامل والأبدي مع إسرائيل.
انتهاكات بلا رادع
وتجاهلت القمة العربية في دورتها التاسعة والعشرين تطلعات الشعوب في المنطقة العربية للحريات والحقوق، فيما انتقدت الربيع العربي جملة وتفصيلًا، وزعمت في ديباجة البيان الختامي أنَّ “شعوبنا العربية عانت من ويلات الربيع العربي وما تبعه من أحداث وتحولات كان لها الأثر البالغ في إنهاك جسد الأمة الضعيف ونأت بها عن التطلع لمستقبل مشرق” في عداء صريح مع ثورات الربيع العربي، ومطالبها التي تركز على الحرية، في ظلّ تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في مصر والبحرين والإمارات والسعودية، وفق تقارير الأمم المتحدة في دورتها السابعة والثلاثين المنعقدة في جنيف مؤخرًا.
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بانتقاد مؤتمر القمة علي وسم ” #القمة_العربية29 “؛ حيث اعتبروها لا تحقق تطلعات الشعوب وتصبح في صالح من وصفوهم بأعداء الأمة،وسخر المغرِّد “فهد الشهراني ” من أداء القمة قائلًا على حسابه علي تويتر: “نتائج القمة : ١-ذبح ما لا يقل عن ١٠٠٠ خروف وتوزيعه علي ٣٠٠٠ صحن منها مندي ومظبي، 2- عدد أربع آلاف صحن هريس و٣-وأكثر من عشر آلاف لبن (( مراعي )) دعمًا للمنتج الوطني وعوافي #القمه_العربيه29 “، وأضاف المغرد محمد الشهواني في تعليقه علي القمة قائلًا: ” #قمة_فلس ما هي بـ قمة معزة، ما ننتظر مِن فاقد الشَي يعطيه، #الغوطة بـ ضيمٍ وضيمٍ في #غزة، وسَعادته يَنهب.. ويَنهب مَعاليه، ياللي تهز السيف.. لا لا تهزه، خَلّه لمَن تَخشى طعونه أعاديه، أما اللي هّياطه على كل حزة، قله : ترى الحَد الجنوبي يناديه”.
اضف تعليقا