إبراهيم سمعان

اعتبرت صحيفة “تليجراف” البريطانية، أن فتح بريطانيا أول قاعدة بحرية دائمة لها في الخارج منذ 50 عامًا، بمثابة إشارة على الوصول العالمي للندن، وتعزيزًا لقوتها العسكرية في الخارج ما بعد “البريكسيت”، كما يعد محاولة للحفاظ على استمرار فتح الممرات البحرية الحيوية في المنطقة وعلى رأسها مضيق هرمز.

وإلى نص التقرير

قال أحد كبار الضباط إن افتتاح البحرية الملكية قاعدة دائمة جديدة في الخليج يعني أن قدرة بريطانيا في الحفاظ على وجود عسكري عالمي، ما بعد “البريكسيت”، تم تعزيزها بشكل كبير.

ففي الوقت الذي تستمر فيه إيران في تشكيل تهديد خطير لأمن منطقة الخليج الغنية بالنفظ، ستكون قاعدة “إتش إم إس الجفير” في ميناء سلمان البحريني، قادرة على تمكين بريطانيا من أن تلعب دورها في الحفاظ على فتح الممرات البحرية الحيوية في المنطقة.

وستتيح القاعدة البحرية الجديدة – التي بلغت تكلفتها 40 مليون جنيه إسترليني، وتم إنشاؤها، بموافقة الحكومة البحرينية على دفع معظم تكاليفها- الحفاظ على وجود دائم في المنطقة، دون الحاجة إلى إعادة السفن الحربية إلى بريطانيا كل ستة أشهر للصيانة الروتينية.

كما يمكن للقوات البريطانية الأخرى، مثل الجيش والقوات الخاصة أن تستخدم القاعدة ؛ للقيام بعمليات في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك أفغانستان والعراق وسوريا.

وفى مقابلة خاصة مع صحيفة “تليجراف”، قال الجنرال السير، كريستوفر ديفيرل، قائد القيادة المشتركة للقوات البريطانية، إن افتتاح القاعدة الرسمي يوم أمس، والذي كان “دوك يورك” ضيف شرف فيه، يعد بمثابة خطوة مهمة لتنمية “بريطانيا العالمية”.

وقال “ديفيرل” إن إنشاء أول قاعدة عسكرية دائمة لبريطانيا في الخليج منذ أوائل السبعينيات من القرن الماضي، سيسمح لبريطانيا بلعب دور متزايد في الأمن الإقليمي.

أضاف: “هذه صفقة كبيرة، حيث بات من الواضح تماما أن التهديدات التي تتعرض لها بريطانيا تبدو في ازدياد، وإذا كنت تريد التعامل مع تلك التهديدات، فلا يمكنك فعل ذلك من بعيد، بل يجب أن تكون حاضرًا في المنطقة.

وذكر أن “وجود قاعدة دائمة في الخليج سيضيف بشكل كبير إلى شبكة بريطانيا القائمة من القواعد العسكرية في الخارج، مثل جزر فوكلاند، وقبرص وجبل طارق ودييجو جارسيا وسنغافورة”.

ومن المؤكد أن افتتاح القاعدة يمثل لحظة تاريخية للبحرية، والتي تعود علاقتها مع الدولة الخليجية الصغيرة إلى أوائل القرن التاسع عشر، عندما وقعت بريطانيا معاهدة مع عائلة خليفة الحاكمة في البحرين لمكافحة القرصنة والعبودية في المنطقة.

واستمرت الترتيبات، حتى نفذت حكومة حزب العمال بقيادة هارولد ويلسون، سياساتها الخاصة بسحب جميع القوات البريطانية الموجودة في شرق السويس، وتم الانتهاء بشكل كامل من عملية سحب القوات البريطانية في عام 1971.

ولذلك ينظر إلى إعادة فتح قاعدة بحرية في الخليج على أنه التزام كبير من جانب بريطانيا بإحياء وجودها العسكري في الخارج في الفترة التي تسبق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقال السير كريستوفر: “لدي إحساس حقيقي برغبة المملكة المتحدة في القيام بواجباتها على الصعيد الدولي… نحن بحاجة للقيام بدورنا لضمان أن تبقي الممرات البحرية مفتوحة”.

وعبَّر قادة دول الخليج الغنية بالنفط، عن قلقهم من استمرار تدخل إيران في شؤونهم، وهددت إدارة “ترامب” من جانبها بالرد عن طريق إنهاء الاتفاق النووي مع إيران.

وإذا حدث ذلك أي إنهاء الاتفاق النووي، فهناك مخاوف من أن يرد الإيرانيون بمحاولة إغلاق مضيق هرمز، الممر المائي الضيق في الخليج، وهو أمر حيوي للحفاظ على إمدادات النفط للغرب، كما حاول الإيرانيون القيام بذلك في الثمانينيات أثناء الحرب الإيرانية العراقية.

ولدى سلاح البحرية بالفعل أسطول من كاسحات الألغام التي تقوم بدوريات في المنطقة لمنع مثل هذه الاحتمالات.

وقال كريستوفر: “لطالما كانت البحرين مهمة للغاية بالنسبة للمملكة المتحدة في المساعدة على الحفاظ على أمن الخليج”، هذا هو المكان (القاعدة)، سنبقي فيه لفترة طويلة من الزمن، وهذا سوف يغير الطريقة التي نفكر فيها في الخليج لأن لدينا الآن وجودًا دائمًا”.