العدسة – جلال إدريس

إحراج جديد وفشل آخر يضاف إلى قائمة الفشل المتتالي لدولة الإمارات، في تشويه صورة “قطر” تحت مزاعمها دعمها وتمويلها للإرهاب.

الفشل هذه المرة جاء من أوروبا، حيث شهدت الندوة التي عقدتها « أذرع أبو ظبي» في برلمان الاتحاد الأوربي أمس، حضوراً باهتاً من قبل الشخصيات البارزة في أوروبا، رغم الحشد والدعم الكبير الذي أولته أذرع الإمارات لهذه الندوة.

وبدلا من أن تكون “الندوة” وسيلة ضغط جديد على “قطر” أصبحت وفقا لمراقبين، بمثابة فضيحة جديدة من فضائح الإمارات، وانتصارا جديدا لدبلوماسية الدوحة.

وكانت النائبة في البرلمان الأوروبي رشيدة داتي المقربة من أبوظبي، قد عقدت الندوة داخل أروقة البرلمان الأوروبي في بروكسل، تحت عنوان «الأزمة الدبلوماسية الخليجية.. مكافحة تمويل قطر للإرهاب»، بهدف شيطنة صورة الدوحة لدى الأوروبيين.

العدسة” ترصد تفاصيل وملاحظات “الندوة الفضيحة” والتي كانت بمثابة انقلاب السحر على الساحر، فخرجت “قطر” منتصرة بينما منيت “أبو ظبي” وأذنابها بفضيحة كبرى خلال تلك الندوة.

حضور باهت وضعيف

رشيدة داتي

رشيدة داتي

 

الملاحظة الأولى على المؤتمر والتي أضاعت الهدف منه، هو الحضور الباهت والضعيف في المؤتمر رغم التحشيد الإعلامي الكبير على مدار الأسابيع الماضية من قبل المركز الدولي للتميز لمكافحة الإرهاب «هداية» -مؤسسة تمولها الإمارات.

ويهدف المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف، لتنظيم مؤتمرات وإصدار بيانات للنيل من دولة قطر وربط اسمها بـ «الإرهاب» والسعي لدى المحافل الدولية لتقديم تقارير وإفادات تدفع باتجاه وصم قطر بأنها دولة راعية للإرهاب.

وبحسب “المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط” فإن الندوة لم تحظ بحضور لافت من الشخصيات البارزة في أوروبا باستثناء عضو برلماني وحيد وثلاثة من المساعدين بالبرلمان، والآخرين من شخصيات عربية تم استدعاؤهم وحشدهم من أماكن عدة.

وقال المجهر الأوروبي، إن مكتب رشيدة داتي والإماراتي علي النعيمي الذي يترأس مركز «هداية»، بذلا مساعي كبيرة لاستقطاب مسؤولين كباراً في البرلمان للتحدث في الندوة إلا أن الفشل كان مصيرها.

ويأتي هذا الفشل رغم الجهد الكبير الذي بذله مكتب رشيدة داتي الذي أُغدقت عليه الهدايا من شركاء تنظيم الندوة، وتحديدا رجل الأمن الإماراتي علي النعيمي، الذي يرأس (المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف –هداية.

أنصار دحلان

رمضان أبو جزر

رمضان أبو جزر

 

علي النعيمي

علي النعيمي

 

الملاحظة الثانية والتي أضعت الندوة، وأفشلتها، هو رصد عدد كبير من الشبان القادمين من مدن بلجيكية مختلفة من أصول فلسطينية ومصرية معظمهم موالون للقيادي الفلسطيني محمد دحلان مستشار ولي عهد أبوظبي.

الحضور الدحلاني الطاغي، جعل من الندوة “مكلمة” لا قيمة لها، ولا تعبر عن رؤية حقيقية للاتحاد الأوربي ولا برلمانه.

وبحسب “المجهر الأوربي” فإن البلجيكي من أصل فلسطيني رمضان أبو جزر، وهو أحد الشخصيات الأمنية التي تعمل لدى علي النعيمي، لعب الدور الأبرز في حشد حضور عناصر دحلان.

ويعتبر أبوجزر أحد العناصر المحسوبة على حليف الإمارات القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان، وكان سعى خلال الأشهر الماضية – بعد اندلاع الأزمة الخليجية – إلى عقد ندوات والتنسيق لبعض الوفود المصرية والإماراتية لأجل اللقاء بمسؤولين أوروبيين، أو أعضاء في البرلمان الأوروبي.

وبذل الرجل خلال الأيام الماضية جهودًا من أجل استمالة عدد من المتدرّبين داخل البرلمان  الأوروبي وخارجه، للمشاركة في وفد دولي لمراقبة انتخابات الرئاسة المصرية، وعلى الرغم من أن حضور أبوجزر باهت، إلا أنه واصل الحضور داخل أروقة البرلمان بين الحين والآخر تحت عدة أسماء لمؤسسات سجّلها على الأراضي البلجيكية التي يمتلك جنسيتها، وآخرها “مركز بروكسل الدولي للبحوث وحقوق الإنسان”.

والاسم الآخر- الذي  سعى للحشد للندوة هو “علي النعيمي” وهو شخصية محورية في فريق ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، الذي عيَّنه عضواً في اللجنة التنفيذية التابعة للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي في يونيو 2017، ويدير جامعة الإمارات.

تقليص وقت الندوة

صورة من الندوة

صورة من الندوة

 

الملاحظة الثالثة والتي كشفت بشكل واضح فشل الإمارات في تحقيق مآربها من تلك الندوة، هو أن الندوة انتهت في نصف الوقت المخصص لها.

تقليص وقت الندوة جاء بعدما مل الحضور من الروايات السردية التي رددها «النعيمي» عن إيواء  قطر للإرهابيين بلا أي سند أو دليل، إلى جانب إظهار الإمارات بأنها دولة شريكة في محاربة الإرهاب.

كما حاول النعيمي خلال الندوة توجيه انتقادات للاتحاد الأوروبي لاحتضانها الموقف القطري ووجود علاقات وطيدة بين دولها وإعطاء الدوحة مكانة تمييزية.

كما حملت الندوة أيضاً مداخلات لرمضان أبو جزر ورشيدة داتي تضمنت كلمات تحريضية ضد قطر دون معلومات مدعمة بالحقائق، وهو الذي دفع النائب الوحيد الذي حضر من كتلة الشعوب الأوروبية – نفس الكتلة التي تنتمي لها «داتي»- إلى الخروج على عجل.

مفاجأة غير متوقعة

جون جات روتر

جون جات روتر

 

الملاحظة الرابعة والتي تعد بمثابة المفاجأة  غير المتوقعة لمنظمي الندوة،  هو أن “جون جات روتر، مدير شعبة مكافحة الإرهاب في دائرة العمل الخارجي الأوروبي – الضيف الأبرز في الندوة-  فاجأ الحضور برفض ربط قطر بالإرهاب، وهو الأمر الذي أزعج كلاً من النعيمي وأبو جزر.

وقال روتر، إن هناك حاجة للإرادة السياسية لكل الدول في المنطقة من أجل الحد من الإرهاب، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي سيكون سعيداً في حال عمل مع الكويت من أجل الوصول لحل وسط لأزمة الخليج.

وسبق وأن كشف المجهر الأوروبي، منتصف فبراير الماضي، عن تواجد خلية إماراتية داخل أروقة البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية في بروكسل وستراسبورغ لأفراد يتحركون باسم منظمات غير حكومية تعمل بشكل حثيث على استمالة مساعدين لأعضاء في البرلمان الأوروبي وبعض العاملين في المفوضية الأوروبية، لحثهم على الانخراط بشكل أكبر في تصدير مواقف لصالح الإمارات والسعودية ومناهضة لدولة قطر.

ليس الفشل الأول لـ”أبو ظبي”

محمد بن زايد

محمد بن زايد

 

ولا يعد هذا الفشل الإماراتي في محاصرة قطر هو الأول من نوعه، حيث سبق وأن قامت الإمارات بحملة منظمة وشرسة، لإدانة قطر في منظمة العمل الدولية التابعة لـ الأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية، غير أنها منيت بـ “فشل كبير” بعد قرار المنظمة الدولية إلغاء دعوى عمالية كانت مرفوعة ضد الدوحة.

وبحسب “المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط” فإن مجلس إدارة منظمة العمل الدولية قرر إلغاء إجراءات دعوى تقدم بها 11 عاملا ضد قطر، بعد تصويت المجلس لصالح تأييد برنامج التعاون التقني بين المنظمة وقطر، وهو ما اعتبره تأكيدا على الفشل الكبير لحملة أبو ظبي وحلفائها لإدانة قطر وتعزيزا لمكانة الدوحة في مواجهة ما تعرضت له من افتراءات.

وقال “المجهر الأوروبي” -وهو مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط بأوروبا- إن الإمارات استخدمت أساليب غير مشروعة داخل منظمة العمل، ودفعت بعمال ومنظمات غير حكومية للتقدم بدعوى ضد قطر بهدف إدانتها بانتهاك حقوق العمال الأجانب.

وذكر أن ذلك تزامن مع حملة دبلوماسية واسعة النطاق عملت عليها الإمارات -بالتنسيق مع كل من السعودية والبحرين- للضغط على منظمة العمل لإدانة الدوحة.

الفشل المتوالي للوبي الإماراتي لا ينتهي، وكل مرة تستخدم فيها وجوه جديدة، ليضيف بين الحين والآخر فشلا ذريعا في تشويه صورة الدوحة في المنابر الدولية المعنية بحقوق الإنسان وفي مقدمتها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وفشل الإمارات في محاولة انتزاع أية إدانة ضدها.

رشاوى ومنظمات وهمية

 

وتستخدم الإمارات “منظمات وهمية” لتحاول من خلال إصدار بيانات وهمية تندد بالأوضاع الحقوقية في قطر، وتحاول من خلالها تشويه سمعة الدوحة دوليا وعربيا.

كما تسعى تلك المنظمات بعمل فعاليات وتقديم معلومات مغلوطة حول ملف العمالة في قطر، غير أنها في أغلب الأوقات تمنى بفضيحة واسعة.

ومن أبرز الفضائح الدولية التي منيت بها الإمارات “الهيئة المستقلة لمراقبة الأمم المتحدة” داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث أدان وجود “تعبئة وضغط سياسيين تمارسهما الإمارات عن طريق إغراق المجلس بمعلومات مضللة، والضغط على المقررين الخاصين التابعين لمجلس حقوق الإنسان، في انتهاك صارخ للقوانين المالية والتجارية السويسرية والأوروبية”.

الهيئة التي تتخذ من جنيف ونيويورك مقرين لها، أعلنت بحسب تقارير إعلامية، أنها تقدمت برفقة حقوقيين سويسريين بطلب إلى الشرطة السويسرية من أجل اعتقال كل من “سرحان الطاهر سعدي” المقيم في سويسرا والمنسق العام لجمعية محلية إماراتية متورطة في تقديم رشى وغسيل أموال تدعى “الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان”، إضافة إلى شخص آخر إماراتي الجنسية يدعى “أحمد ثاني الهاملي” يقف خلف ذات الجمعية بجانب منظمة أخرى تدعى “ترندز” للبحوث والاستشارات.

كما تقدمت الهيئة للشرطة السويسرية بتقرير تفصيلي مدعم بالأدلة وإفادات الشهود حول قيام الأشخاص المتهمين بتوزيع رشى داخل الأراضي السويسرية، وداخل مقرات الأمم المتحدة إضافة إلى نقل أموال والعمل بصورة غير قانونية، وطالبت كذلك مجلس حقوق الإنسان بطرد جمعية إماراتية تتواجد دون أي صفة قانونية داخل أروقة المجلس، وترتكب مخالفات مالية وقانونية وتهرب ضريبي.

الهيئة ذاتها اتهمت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان برئاسة الحقوقي البارز “حافظ أبو سعدة”، بالتورط في مشاركة الإمارات في تسييس أعمال مجلس حقوق الإنسان، موضحة أنَّ المنظمة المصرية سهلت عمل “الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان” خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان السادسة والثلاثين سبتمبر الماضي.