في ظل سلسلة من الفضائح المتعلقة بالرقابة واختراق الجلسات، تبرز تساؤلات حادة حول ملاءمة المملكة العربية السعودية لاستضافة منتدى حوكمة الإنترنت لعام 2024.
لكن على الرغم من أهمية هذا الحدث الذي ترعاه الأمم المتحدة لتعزيز حوكمة الإنترنت، شهدت فعاليات المنتدى الذي أقيم في الرياض تدخلات مباشرة من السلطات السعودية أدت إلى حذف محتوى جلسات حساسة تتعلق بحقوق الإنسان، ما يُعد تعديًا واضحًا على حرية التعبير التي يفترض أن يحميها المنتدى.
في ظل ذلك أزالت السلطات محتوى جلستي نقاش ركزتا على انتهاكات حقوق الإنسان، إلى جانب حذف مواد من منصة العرض، مما أظهر بجلاء التدخل السعودي في إدارة الحدث.
من جهة أخرى اعتبرت منظمات حقوقية هذا التصرف انتهاكًا لحقوق الحاضرين والجهات المشاركة، مؤكدة أن السلطات تسعى إلى إسكات أي أصوات معارضة أو ناقدة.. فكيف كشفت تلك الفضائح انتهاكات بن سلمان؟.
غياب الأمان للمشاركين
أصدرت أكثر من 70 منظمة حقوقية رقمية وإنسانية، من بينها منظمة القسط، نداءً إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، طالبوا فيه بإلغاء استضافة السعودية للمنتدى. وأكدت هذه المنظمات أن سجل السعودية الحقوقي السيئ يخلق بيئة غير آمنة للمجتمع المدني للمشاركة بحرية وأمان.
وقد تجسدت هذه المخاوف بشكل عملي خلال المنتدى، حيث أُجبرت رئيسة قسم الرصد والمناصرة في القسط، لينا الهذلول، على المشاركة افتراضيًا في جلسة تناولت معاهدة الأمم المتحدة الخاصة بالجريمة السيبرانية، لتجنب المخاطر التي قد تتعرض لها هي وعائلتها. وقد عكست هذه الواقعة حجم التهديدات التي تواجهها الشخصيات الحقوقية بسبب السياسات القمعية السعودية.
كما شملت الانتهاكات تعطيل جلسة نظمتها منظمة “أكسيس ناو”، حيث تم اختراق منصتها الرقمية خلال مناقشات عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي. وظهرت على الشاشة محتويات إباحية، مما أثار انتقادات حادة للسلطات السعودية لفشلها في تأمين البيئة الإلكترونية للفعالية.
من المسؤول عن الانتهاكات؟!
في ضوء هذه الأحداث، دعت منظمة القسط الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق شفاف في جميع حوادث التدخل والرقابة التي طالت المنتدى، كما طالبت بتوضيح مدى تورط السلطات السعودية في هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
وأكدت المنظمة أن السماح لدول ذات سجلات حقوقية سيئة باستضافة فعاليات عالمية يضر بمصداقية الأمم المتحدة ويقوض قيم العدالة وحقوق الإنسان، وأضافت القسط أن منتدى حوكمة الإنترنت يجب أن يكون منصة للحوار الحر والمشاركة الشاملة، وليس أداة لتلميع صورة أنظمة قمعية. وأشارت إلى ضرورة وضع معايير صارمة لاختيار الدول المستضيفة في المستقبل، لضمان حماية الحريات الأساسية وتعزيز دور المجتمع المدني في إدارة الإنترنت.
الخلاصة أن السعودية بعيدة كل البعد عن توفير بيئة آمنة لحوكمة الإنترنت، حيث تظهر هذه الفعاليات كيف تستغل الرياض المناسبات الدولية لتكريس القمع والرقابة، ومن أجل تحسين الصورة و البروباغاندا الإعلامية.
اضف تعليقا