كشف تحقيق أجرته صحيفة “ذا صن” البريطانية عن اختفاء نحو 100 ألف عامل أثناء العمل في مشروع نيوم السعودي الذي يكلف تريليونات الدولارات، مما يثير تساؤلات خطيرة حول معاملة العمال المهاجرين في المملكة. 

وتشير التقارير إلى أن هؤلاء العمال ربما تم ترحيلهم دون وثائق مناسبة، أو تُركوا دون دعم، أو فقدوا حياتهم نتيجة ظروف العمل القاسية ونقص الرعاية الطبية.

مشروع نيوم، الذي يهدف إلى أن يكون مدينة المستقبل وواجهة طموحات المملكة في رؤية 2030، يواجه تحديات كبيرة، على الرغم من الضخ المالي الهائل والاستثمارات الهائلة التي خصصتها الحكومة السعودية. 

يسعى المشروع إلى تقليل الاعتماد على النفط وتعزيز الابتكار، إلا أن هذه الرؤية الطموحة تصطدم بواقع معقد مليء بالتحديات المالية والعملية.

الدكتور فريدريك شنايدر، المستشار الاقتصادي في التحولات الاقتصادية بعد النفط، وصف مشروع نيوم ورؤية 2030 بالطموحات المبالغ فيها، مؤكدًا أن التنفيذ الواقعي لهذه المشاريع بات بعيد المنال. 

وأشار شنايدر إلى أن تخفيض حجم المشروع بشكل كبير، من استيعاب 1.5 مليون نسمة إلى 300 ألف فقط بحلول عام 2030، يعكس الصعوبات التمويلية وضعف جذب الاستثمارات الأجنبية.

انتهاكات حقوق الإنسان وظروف العمل القاسية

لا تقتصر الأزمات المتعلقة بمشروع نيوم على التحديات الاقتصادية، بل تمتد إلى انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة مع تهجير الآلاف من قبيلة الحويطات من أراضيهم. كما واجهت الحكومة السعودية انتقادات حادة بعد مقتل عبد الرحيم الحويطي، أحد قادة القبيلة، على أيدي قوات الأمن السعودية بسبب معارضته لعمليات التهجير القسري. 

إلى جانب هذا، يواجه المشروع انتقادات حول معاملة العمال المهاجرين الذين يعملون في ظروف غير إنسانية. يُعتقد أن العمال المفقودين ربما تعرضوا لظروف عمل قاسية وساعات طويلة، وتم التخلي عنهم أو ترحيلهم بدون وثائق. يعاني هؤلاء العمال من غياب الرعاية الصحية، مما يزيد من احتمالية وفاتهم بسبب سوء المعاملة ونقص الدعم.

يعكس مشروع نيوم مخاطرة مالية كبيرة بالنسبة للسعودية، حيث تشير التقارير إلى أن المشروع قد يكلف تريليونات الدولارات، في وقت تواجه فيه المملكة تحديات اقتصادية ناتجة عن تراجع أسعار النفط وعدم قدرة الحكومة على جذب استثمارات أجنبية كافية.

مخاوف سعودية

تنتاب أوساط سعودية مخاوف حول جدوى المشروع المالية تتزايد مع استمرار الفشل في تحقيق الأهداف المعلنة، مما قد يحوّل نيوم إلى مشروع باهظ التكلفة غير مستدام اقتصاديًا.

تأتي هذه الفضائح بالتزامن مع الصعوبات التي تواجه الحكومة في تحقيق أهداف رؤية 2030، ما يثير تساؤلات حول استدامة المشروع وقدرة السعودية على تحويل اقتصادها بعيدًا عن النفط.

والآن مع تعالي أصوات الانتقادات بشأن مشروع نيوم، سواء من ناحية التحديات المالية أو انتهاكات حقوق الإنسان، بات واضحًا أن هذا المشروع الطموح يواجه خطر الفشل. 

قد يؤدي استمرار هذه الأزمات إلى تآكل الثقة في مستقبل المشروع وفي قدرة السعودية على تحقيق تحول اقتصادي حقيقي. ومن المرجح أن تظل هذه القضايا عائقًا كبيرًا أمام جذب الاستثمارات الأجنبية الضرورية لاستكمال المشروع.

اقرأ أيضًا : صحيفة نيويورك تايمز تكشف: كيف يحارب مقاتلو القسام من تحت الأرض