العدسة – ياسين وجدي:
لا شرعية لمحتل .. ولم تسطر كتب القانون الدولي بعد إدانة لمقاومة ضد احتلال .
ولكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ودول الاتحاد الأوروبي يحلمون الخميس المقبل بتمرير مشروع قرار من نيويورك حيث مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد المدافعين عن الأرض من فلسطين المحتلة، ولكن يبدو أنه صعب المنال.
“العدسة” يرصد مؤشرات تتوالى حول فشل محتمل لمشروع القرار الأمريكي المشبوه الذي يهدف لإدانة المقاومة الفلسطينية عبر إدانة حماس ، والذي وحد معسكرات متنافرة في خندق واحد للمرة الأولى ، رغم الضغوط بزيارات التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني والضغط على المقاومة.
مواجهة جديدة
تخوض المقاومة الفلسطينية والشعوب العربية والإسلامية معركة جديدة من نيويورك الأمريكية بعد انتصار غزة على العدوان الصهيوني الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، في مواجهة مشروع أمريكي مشبوه لإدانة المقاومة ضد الاحتلال.
الموعد الخميس 6 ديسمبر الجاري، بحسب قرار الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة، والمشروع في صفحة واحدة ويتضمن إدانة “حماس لإطلاقها المتكرّر لصواريخ نحو إسرائيل ولتحريضها على العنف معرّضةً بذلك حياة المدنيّين للخطر”.
في المعسكر المعادي تقف الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي حتى تاريخه ، حيث استطاع فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحصول على دعم الأوروبيين لهذا النص الذي سيكون في حال تبنّيه، أول إدانة من الجمعية العامة للأمم المتحدة لحركة حماس والمقاومة عامة، بحسب المراقبين ، وإن كانت دلالة دعم الاتحاد الأوروبي تحصيل حاصل خاصة أن حماس مدرجة على لائحة الاتحاد الأوروبي للمجموعات المرتبطة بالإرهاب وهو ما ترفضه المقاومة.
البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ، اطلقت مع الحشد تهديدا مبطنا حيث قالت : “إذا لم تستطع الأمم المتحدة التوافق على تبنّي هذا القرار فلن يكون هناك شيء يمكنها فعله ليتم إِشراكها في محادثات سلام”، ولكن خلافاً لقرارات مجلس الأمن الدولي فإن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ليست ملزمة ولكنّها تعكس صورة الرأي العام العالمي من قضية ما.
وفي المعسكر الداعم للمقاومة ، حصلت حركة حماس على دعم إيران وتركيا وقطر .
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو وعد في اتصال مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية مساء الإثنين بإجهاض محاولة الإدارة الأميركية ، مؤكدا أن بلاده خاصة بحكم موقعها من الرئاسة الدورية لمنظمة التعاون الإسلامي تبذل “جهوداً جبارة” من خلال بعثتها الدائمة في الجمعية العامة لمواجهة هذا القرار الذي وصفه بأنه “يمثل انحيازاً كبيراً للاحتلال، وإساءة إلى نضال الشعب الفلسطيني”.
وحصلت المقاومة كذلك على تعهد من إيران على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالتصدي للمشروع الأمريكي ، والذي أكد دعم إيران لحقوق الشعب الفلسطيني مشيرا إلى أنه “نظرا لسياسات بعض الدول في المنطقة، تجرأت الولايات المتحدة لنقل سفارتها إلى القدس، وتقترح قرارات ضد الشعب والمقاومة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة”، وهو ما أكده كذلك وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ، الذي استعرض خطورة القرار على الحقوق الوطنية الفلسطينية في اتصال مماثل مع حركة حماس.
وفي المعسكر الرافض لمشروع القانون الأمريكي كذلك ، تقف الجامعة العربية ومصر بحسب ما نشرته منصات فلسطينية عديدة ، بعد أن هاتف هنية الأحد الماضي الأمين العام للجامعة العربية د.أحمد أبو الغيط، والذي أوضح الجهود التي يبذلها مع المجموعة العربية والإسلامية لمواجهة القرار، وهو ما تعهد به مسؤولي الملف الفلسطيني في المخابرات العامة المصرية، الذين أكدوا أن مصر تبذل جهودا في التصدي لمشروع القرار الأمريكي.
ومن المتوقع أن تقف روسيا ضد المشروع الأمريكي كذلك ، حيث وجّهت الخارجية الروسية دعوة رسمية لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية لزيارة العاصمة الروسية موسكو في وقت لاحق
صفقة القرن
إنها صفقة القرن ، التي تقف وراء القرار الأمريكي المشبوه الذي يحاول الحصول على دعم دولي ، وتأتي أهميته كذلك بحسب المراقبين للبيت الأبيض في سياق موازي لاقرار التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني وتوجيه ضربات للمقاومة ، ولذلك لتمرير الصفقة الأكبر في نهاية المطاف.
مشروع القرار الأمريكي جاء متوزايا مع تصريحات أطلقتها حركة حماس نهايات الشهر الماضي من أنها لن تسمح بتنفيذ “صفقة القرن” الأمريكية، وستمنع ذلك من خلال المقاومة المسلحة ، وذلك في رسالة أطلقها “اسماعيل هنية “، من غزة عبر تقنية الفيديو كونفرنس خلال مؤتمر “الوحدة الإسلامية الـ ٣٢” المنعقد في العاصمة الإيرانية طهران، وختمت بتوجه واضح يبدو أنه أثار البيت الأبيض حيث قال بوضوح : “نريد بناء تحالف قوي واستراتيجي يجمع كل القوى لمواجهة التحديات المحيطة بالقضية الفلسطينية”.
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أكد وقوف صفقة القرن وراء القرار الأمريكي المنشود مجددا ذلك في تصريحاته الإعلامية واتصالاته الهاتفية مع القادة والزعماء الدوليين مؤخرا ، مشددا على أن “مشروع القرار الأميركي لإدانة حماس في الجمعية العامة للأمم المتحدة يهدف للضغط على كل قوى المقاومة”، كما صرح به الناطق باسم حركه حماس حازم قاسم موضحا أن القرار يأتي في سياق “إدراك الإدارة الأميركية أن هذه المقاومة تشكل حائط صدّ أمام المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية التي تحاول واشنطن تمريرها” في إشارة إلى “صفقة القرن” التي قالت حركته أنها لن تسمح بتمريرها.
حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، أكدت من جانبها كذلك أن مشروع القرار الأمريكي لإدانة “حماس”، يأتي لتجريم “النضال والكفاح الفلسطيني”، ويعري دولة الاحتلال وحلفاءها في أروقة المنظمات الدولية، كما شددت جبهة النضال الشعبى على أن المشروع الأمريكي يستهدف من حيث الجوهر تجريم نضال شعبنا الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني لأرضنا المحتلة في خطوة تتناقض بالكامل مع حق الشعوب في مقاومة الاحتلال الذي أقرته مواثيق الأمم المتحدة.
سقوط أمريكي مبكر !
وبحسب مراقبين فإن المشروع الأمريكي تلقى ضربات مبكرة ، حيث أقرت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة في بيان لها بأول نقاط الفشل ، وقالت “إنّها كانت تأمل أن يتم التصويت على مشروع القرار الاثنين”، ولكن الضغوط التي مارسها الفلسطينيون نجحت في إرجاء التصويت إلى الخميس.
وكانت أولى نقاط الخسارة للجانب الأمريكي هو الاصطفاف الفلسطيني في خندق واحد بعد طول افتراق ، حيث أصدر الرئيس الفلسطيني، المنتهية ولايته محمود عباس، توجيهاته للسفير الفلسطيني في الأمم المتحدة، بالعمل من أجل إحباط المشروع الأمريكي ، وصرح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عزّام الأحمد بأن “الموقف الفلسطيني الرسمي المدافع عن حركة حماس، في مواجهة محاولات التجريم الأمريكية، يعبّر عن موقف فلسطيني مبدئي”.
الدعوة للمصالحة جاءت في سياق الخسائر الأمريكية المبكرة ، حيث أضاف الأحمد، في تصريحٍ صحفي رسمي بثته منصات “فتح” أنه يأمل في أن يكون ذلك التوجه الرئاسي الرسمي رسالة إيجابية، لتقبل حماس بالمصالحة وإنهاء الانقسام، مؤكدا أن “حركة حماس جزء من الشعب الفلسطيني، ولا يمكن أن نقبل بأن يتم تصنيفها ضمن قوائم الإرهاب”.
وسبق المشروع الأمريكي اعتماد 5 قرارات دورية تتعلق بفلسطين، وقرار سادس خاص بمرتفعات الجولان السورية المحتلة، يتم اعتمادها بشكل سنوي من الجمعية العمومية للأمم المتحدة ، ومن بينها قرار بشأن القدس، يطالب الدول الأعضاء في الجمعية العامة بعدم الاعتراف بأي إجراءات تتخذها إسرائيل تجاه المدينة المقدسة، حيث حصل على أغلبية ساحقة، إذ نال موافقة 148 دولة (من 193) مقابل اعتراض 11 (بينها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية) وامتناع 14 دولة عن التصويت، فيما طالب القرار الخاص بالجولان المحتل بانسحاب إسرائيل من عموم المنطقة، وتأكيد سيادة سوريا عليها، بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، ونال ذلك تأييد 99 دولة مقابل اعتراض 10، وامتناع 66 دولة عن التصويت.
اضف تعليقا