العدسة – معتز أشرف:
قلق سعودي من امتلاك قطر لمنظومة صواريخ أس 400 الروسية، لم تبادره موسكو بترحاب وصفعت التحركات السعودية بشدة، معتبرة أنها تعبِّر عن تعليمات أمريكية للنظام السعودي، بالتزامن مع تناقض السعودية مع نفسها، حيث تسعى إلى امتلاك نفس المنظومة. نسلط الضوء على الفضيحة السعودية الجديدة في إطار فوبيا قطر التي زدات مع الحصار الرباعي ضد الدوحة.
ابتزاز سعودي
في ابتزاز سعودي واضح، قاد الأمير محمد بن سلمان باسم أبيه إجراءات وقف صفقة أس 400 التي تتفاوض عليها قطر مع روسيا، وبحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية، طلبت السعودية في رسالة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الضغط على قطر ومنعها من الحصول على منظومة “أس-400” الروسية، وحسب المعلومات التي حصلت عليها صحيفة “لوموند”، فقد بعثت السعودية مؤخرًا برسالة إلى الإليزيه، تقول فيها الرياض إنها على استعداد للقيام بـ”عمل عسكري” ضد قطر إذا اكتسبت منظومة الدفاع الجوي الروسي “إس-400”.
ونقلت الصحيفة الفرنسية تصريحات سفير قطر لدى موسكو فهد بن محمد العطية في يناير 2018، والتي قال فيها: إن بلاده تعتزم الحصول على هذا الصاروخ الذي يعتبر أنجح طراز في العالم، مشيرًا إلى أن المفاوضات مع روسيا في مرحلة متقدمة، وبعد شهر من ذلك اعترفت الرياض بأنها في سباق للحصول على “إس-400”.
يأتي ذلك رغم أن السفير السعودي لدى موسكو، رائد بن خالد قرملي، كشف عن مفاوضات بخصوص شراء المملكة منظومة الدفاع الجوي “أس-400” الروسية وأنها تسير بنجاح، واتفاق موسكو والرياض على توريد عدد من أنظمة التسليح، مثل أنظمة “Kornet-EM” وراجمة الصواريخ “TOS-1A” وراجمة القنابل “AGS-30” وسلاح كلاشنكوف “AK-103” وذخائره.
جورج مالبرونوت، كبير مراسلي صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية لشؤون الشرق الأوسط، كشف عن أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، طلب من زعماء 3 دول التدخل لإقناع قطر بالعدول عن شراء منظومة الصواريخ الروسية “أس 400”.
وأضاف “مالبرونوت”، في تغريدة على حسابه في موقع “تويتر”، أن الملك سلمان خاطب بهذا الخصوص كلًا من الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب، والفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.
عقدة قطر كانت ظاهرة في رد مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، على تقارير حول نِيّة الدوحة شراء منظومات روسية للدفاع الجوي بينها “أس-400″، وفي حديث مقتضب مع وكالة “تاس” الروسية بعد مشاركته في أعمال اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في الشرق الأوسط، مؤخرًا قال المعلمي، في إشارة إلى المساحة الصغيرة لأراضي قطر: “في أي مكان سينشرونها؟”.
روسيا ترفض
وكان الرد الروسي صادمًا للمملكة العربية السعودية التي يقودها محمد بن سلمان إلى حافة الخطر بحسب مراقبين؛ حيث صفعه إعلان نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، ألكسي كوندراتييف، أن الموقف السعودي لن يغير من خطط روسيا تزويد الدوحة بمنظومة الدفاع الجوي الروسية “أس- 400″، مؤكدًا أن موقف الرياض بهذا الصدد مرتبط بموقف الولايات المتحدة الأمريكية، التي تضغط على الرياض.
“عنصر من الابتزاز ” بهذا الوصف أكمل كوندراتييف تصريحاته، مؤكدًا أنه من الواضح أن الرياض تلعب في المنطقة دورًا مهيمنًا، وتعزيز الجيش القطري لمقدراته العسكرية عن طريق منظمة الدفاع الجوي “إس 400″ يعطيه مزايا واضحة، لذلك فإنَّ التوتر في المملكة العربية السعودية أمر مفهوم”.
وقال كوندراتييف: إن “روسيا تسعى إلى تحقيق مصلحتها من خلال توريد إس 400 لقطر بجلب المال إلى ميزانية الدولة، فموقف السعودية لا علاقة له بالأمر، وروسيا لن تغير نهجها”.
وشدَّد المسؤول الروسي على أن موقف السعودية من شراء الدولة المنظومات الصاروخية الروسية تم تنسيقه مع الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنَّ “واشنطن لا تريد أن تفقد مكانتها في سوق الأسلحة الإقليمية.. وستواصل الضغط على السعودية”.
قطر على لسان سفيرها لدى موسكو، فهد محمد العطية، أكدت أنها مهتمة بشراء منظومات دفاع جوي روسية، وقال العطية، في تصريح لوكالة “تاس”: إن المفاوضات حول شراء منظومات دفاع جوي وصلت إلى مراحل متقدمة، مضيفًا أن “الحديث يدور كذلك عن تكنولوجيا للقوات البرية” القطرية.
قلق إماراتي
الإمارات حليفة السعودية لم تتوانَ على مشاركة السعودية في فوبيا قطر؛ حيث حاولت عن طريق الرشاوي وقف الاتفاق الروسي القطري، حيث وقعت الجمعة الماضية اتفاقية للشراكة الاستراتيجية، وذلك أثناء زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى موسكو.
وتشمل الاتفاقية جميع مجالات الشراكة مثل التجارية والاقتصادية والمالية والاستثمارية والثقافية والإنسانية والعلمية التقنية والطاقة والسياسة والتعاون في مجال الأمن وغيرها.
من جانبه كشف الضابط في جهاز الأمن الإماراتي وصاحب حساب “بدون ظل” عن رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإغراءات ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد حول زيادات الاستثمارات الإماراتية في روسيا ومنحها تسهيلات كبيرة في الإمارات مقابل توقفها عن إمداد قطر بمنظومة الدفاع الجوي “إس 400”.
وقال “بدون ظل” في تدوينة له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر “تويتر”: سمو الشيخ محمد بن زايد أراد أن يؤثر على قرار الرئيس الروسي بوتين من أجل إيقاف صفقة أس ٤٠٠ لدولة قطر مقابل زيادة الاستثمارات في روسيا واستثناءات خاصه لرجال الأعمال في الإمارات، ولكن الرئيس الروسي رفض المقترح معللًا” ذلك بأنها شؤون خاصة بين روسيا وقطر”.
انتشار دولي
شراء قطر للمنظومة يأتي في سياق دولي مقبل على الشراء، وبحسب مجلة “نيوزويك“ الأمريكية، فإن منظومة “أس 400” الروسية الصنع، تعد أكثر نظم صواريخ الدفاع الجوي “أرض- جو” فعالية في العالم، موضحة أنها المنظومة التي سعى إلى امتلاكها عدد من القوى الإقليمية الأخرى، وبعضها في خلاف مع بعضها البعض.
وبالإضافة لقيام روسيا ببيع منظومة الدفاع “إس 400” لكل من السعودية وقطر وتركيا، نشرت موسكو المنظومة نفسها في سوريا، حيث تنتشر قواتها في قاعدة “حميميم” الجوية في اللاذقية، وقاعدة “طرطوس” البحرية. وقالت “نيوزويك”: إنَّ نشر منظومة الصواريخ في روسيا أثار قلق العديد من القوى التي تسعى لإسقاط بشار، الذي أعلن هو الآخر نِيّته في شراء “إس 400” لتسليح قواته المسلحة.
اضف تعليقا