في فبراير/شباط الماضي زار رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت البحرين، في أول زيارة رسمية يقوم بها مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى للمملكة الخليجية الصغيرة، ناقش خلالها عدد من الملفات الساخنة بما فيها ناقش التعاون الأمني الذي تمت مناقشته ​​في اجتماع ضم مسؤولين بحرينيين ونائب الأدميرال براد كوبر من الأسطول الخامس الأمريكي.

هذه الزيارة أضافت لكفة بينيت كثيراً، خاصة وأنه يكافح في الداخل كزعيم لائتلاف حاكم منقسم أيديولوجيًا، لكن خلال زيارته للبحرين قام بدور رجل الدولة، واحتضن التحالف الإقليمي غير المسبوق الذي تشكل بين إسرائيل والدول العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ضد إيران.

تلعب البحرين دورًا مركزيًا في هذا التحالف، لأسباب ليس أقلها إنها تستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، لكن مواجهة إيران أثبتت أنها مهمة صعبة بشكل خاص للبحرين، ويعود ذلك جزئيًا إلى حقيقة بسيطة تتمثل في صغر حجمها مقارنةً بمنافسها القوي.

بالإضافة إلى ذلك، تعاني حكومة البحرين أيضاً من آثار جنون العظمة، حيث أدى درء نفوذ إيران في شؤونها الداخلية إلى تحويل نظام آل خليفة الملكي إلى حكام لا يرحمون، وتحولت المملكة إلى مكان وحشي يقمع غالبية السكان.

يعتقد النظام الملكي السني في البحرين أن إيران تريد ضم بلدها ذي الأغلبية الشيعية أو على الأقل إقامة نظام يتم التحكم به كالدمى.

التصريحات السابقة لزعماء الشيعة في إيران أكدت بالفعل أن البحرين هي المحافظة الرابعة عشرة في إيران، إلى جانب دعم إيران للمعارضة الشيعية في البحرين، ما ضاعف مخاوف النظام الملكي في البحرين، الذي بدوره يتهم طهران ليس فقط بإثارة الانتفاضة في 2011، ولكن أيضا بالتخطيط لهجمات ضد أمن الدولة في السنوات المتعاقبة وتزويد المسلحين بالدعم المالي والتدريب على الأسلحة من خلال ميليشياتها في العراق.

كرد فعل على هذه المخاوف، عزز النظام البحريني سياسات القمع في التعامل مع أي شكل من أشكال المعارضة، على مدار العقد الماضي فقط، ارتفعت أحكام الإعدام بنسبة 600٪، وتم تفكيك المعارضة السياسية أو الزج بها خلف القضبان، حيث يقبع نحو 1400 سجين سياسي في سجن واحد يعانون من معاملة سيئة وأوضاع قاسية، أقلها إنه تم تعليق حق السجناء في مكالمات الفيديو الأسبوعية مع أفراد الأسرة بطريقة تعسفية، فضلاً عن شكاوى التعذيب المستمرة.

اتُهمت البحرين العام الماضي باحتجاز 13 قاصراً شاركوا في الاحتجاجات، وبحسب منظمة البحرين للحقوق والديمقراطية، تعرض هؤلاء الأطفال للتهديد بالاغتصاب والتعذيب.

التحالف مع إسرائيل ساعد النظام البحريني في كبح مزيد من الحريات، حيث يزعم النشطاء أن استخبارات الدولة تسحق المعارضة من خلال التعرف على المنتقدين من خلال برنامج التجسس Pegasus التابع لشركة إسرائيلية.

موسى محمد، المصور الصحفي والناشط السياسي، كان من أشد المعارضين للنظام الحاكم في البحرين، ولعدة سنوات سلط الضوء على السياسات القمعية المنتشرة في البلاد.

في أغسطس/آب الماضي، تم الكشف عن اختراق برنامج التجسس Pegasus لجهاز iPhone الخاص به [موسى محمد]، كما تم استخدام البرنامج الإسرائيلي للتجسس على أعضاء مجتمع سياسي بحريني علماني ومركز البحرين لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى عضو واحد في الوفاق، وهو حزب سياسي شيعي.

نُقل عن موسى محمد قوله في بيان صحفي لمنظمة البحرين للحقوق والديمقراطية -وهي منظمة حقوقية غير ربحية مقرها لندن- “كانت صدمة بالنسبة لي عندما اكتشفت أن النظام البحريني، الذي هربت من اضطهاده وتعذيبه، قد تجسس علي، في انتهاك فاضح لخصوصيتي…. من الضروري أن يواجه النظام البحريني عواقب لهذه الممارسات، لا يمكن إيقاف دول الخليج المسيئة مثل البحرين إلا إذا وجدت أنه لا مفر من المحاسبة على جرائمها “.

من جانبه، قال سيد أحمد الوداعي، المدير في منظمة البحرين للحقوق والديمقراطية لمجلة فورين بوليسي إن هناك قلقًا متزايدًا بين مواطني البحرين بشأن دور إسرائيل في المساعدة في سحق الحركة الديمقراطية في البحرين.

قال الوداعي:​​”بدأنا نرى مدى الضرر الذي تلحقه هذه العلاقة بالديمواقراطية في البلاد، خاصة بعد أن بدأت الدولة في استخدام برامج التجسس ضد المنشقين”.

وزعم الوداعي أن “الكشف المروع الأخير أظهر أن البحرين لا تستخدم فقط برامج تجسس إسرائيلية لمراقبة المعارضين، ولكن أيضًا للتجسس على بعض المسؤولين الرسميين، بما في ذلك نواب رفيعو المستوى وأعضاء من العائلة المالكة”.

يروي النشطاء العديد من الأسباب الداخلية للاضطرابات الاجتماعية في البحرين ويقولون إن التهديدات الإيرانية هي ببساطة حيلة مناسبة للنظام الملكي لتبرير قمعه وعدم كفاءته.

ويقولون إن الشيعة يشعرون بالتهميش في البحرين وغاضبون من المكانة المتميزة الممنوحة للسنة للوظائف في القوات المسلحة وغيرها من المناصب العليا.

خلال الاحتجاجات التي تمت عام 2011، طالب المتظاهرون – ومعظمهم من الشيعة – بملكية دستورية تحافظ على العائلة المالكة في السلطة، ولكنها تسمح للناس بانتخاب حكومة، لكن النظام الملكي اعتبر ما حدث مؤامرة إيرانية لسرقة قوته، وقام بسحق الاحتجاجات بقوة، ما نتج عنه إصابة ومقتل المئات من المتظاهرين -رجالاً ونساء وأطفالاً.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا