قالت مجلة “فورين بوليسي” في تحليل لها إنه قبل أكثر من عام، قطعت أربع دول عربية حليفة لأمربكا– السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر– العلاقات مع قطر، وهي حليف رئيسي آخر للولايات المتحدة.
وفرضوا حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا لمعاقبة الإمارة الصغيرة لما زعموا أنه “احتضان” الدوحة لجهات إرهابية مختلفة.
واعتقد المراقبون على نطاق واسع، حينها، أن الخلاف الدبلوماسي سيتم إصلاحه في غضون بضعة أشهر. بعد كل شيء، هذه ليست المرة الأولى التي تتشاجر فيها قطر وجيرانها الخليجيون.
لكن بعد مرور عام، لا توجد نهاية في الأفق.
وقد تأقلمت قطر بشكل جيد وملحوظ مع التدابير التأديبية التي اتخذها رباعي الحصار، في حين أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة يسعدان بترك الحصار متواصلاً؛ لأنه لا يكلّفهما، حسب المجلة، بينما الخاسرون الحقيقيون في هذه الأزمة هما الكويت وعمان، الدولتان المحايدتان في الخليج، اللتان وجدتا نفسيهما وسط هذه الأزمة.
وبحسب التحليل تحمل الكويت وسلطنة عمان وزنًا أقلّ اقتصاديًا وجيوسياسيًا. وهما مستفيدتان من مظلة مجلس التعاون الخليجي، الذي يتفكك الآن، ومن مصلحتهم العمل على إنقاذه.
لكنهما وجدا نفسيهما في وضع لا يحسدان عليه؛ فالكويت تضطر إلى لعب دور الوساطة، تمشي عمان التي تعاني شحًا ماليًا على حبل مشدود بكونها محايدة، فيما تستفيد اقتصاديًا بتعزيز تبادلها مع قطر المحاصرة، فانّ ذلك يثير حفيظة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة أنهما يتذمران بالفعل من دور السلطنة المزعوم في شحن الأسلحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن، كما أنّ التقارير التي تقول إنّ بنك مسقط استعمل من قبل إدارة أوباما لمساعدة إيران على تحويل 5.7 مليار دولار بالعملة العمانية، ولم تفعل الكثير لتخفيف حدة التوتر كذلك.
وأشارت المجلة أنه في هذه الأثناء، سيبلغ سلطان عمان قابوس المريض الـ 78 من العمر في وقت لاحق من هذا العام.
ويعاني السلطان من الإصابة بسرطان منذ عام 2014 على الأقل، ولم يعين السلطان بعدُ وريثًا. ولهذا فالتدخُّل السعودي أو الإماراتي في خلافة سلطنة عُمان ممكنٌ تمامًا.
ويتذكر العمانيون بوضوح ما حدث خلال أزمة الخليج عام 2014، عندما تحرك السعوديون والإماراتيون بسرعة لإضعاف الأمير تميم، الذي استلم الحكم حينها.
أما بالنسبة للكويت فترى أنها تشعر الآن بضغوط متزايدة لاختيار جانب والتخلي عن حيادها التقليدي، إذا امتنعت عن اختيار جانب، فمن المحتمل أن تجد نفسها على الطرف المتلقي للغضب السعودي والإماراتي.
من جهة أخرى، أعرب بعض المسؤولين الكويتيين عن قلقهم من أن السعودية قد تتدخل في عملية خلافة الأمير، فبوجود أمير وولي عهد في الثمانين من العمر بالإضافة إلى برلمان محارب وشعبي، فإنَّ مخاطر الانزلاق في الإمارة لا تتضاعف إلا كلما استمرت الأزمة.
وبحسب التحليل ففي حين أنّ الكويت وعمان في هذا الوضع، فإنّ بقية دول مجلس التعاون الخليجي ليست كذلك.
ومن الناحية الاقتصادية، كان للحصار بعض الآثار خاصة بالنسبة لدبي، لكن التأثير الكلي كان ضئيلًا للغاية.
وقد عانت قطر في البداية من الناحية الاقتصادية لكنها استقرت منذ ذلك الحين، والإمارة الصغيرة غير مستعدة لتقديم أي تنازلات إلى الرباعية العربية.
من اللافت للنظر أنّ القطاع المصرفي في قطر قد انتعش بفضل حقنة حكومية قدرها 26 مليار دولار.
وسرعان ما أقامت الدوحة روابط تجارية جديدة مع إيران وتركيا، وربما كان الحصار هو دفعة قطر اللازمة لتسريع الإصلاحات الاقتصادية التي تمسّ الحاجة إليها.
من الناحية الاجتماعية، أدّى الحصار إلى تعزيز الشعور الوطني المتمحور حول المرونة.
وأصبح رسم فنان شاب لأمير قطر، بعنوان تميم المجيد، رمزًا لهذه الوطنية الجديدة. وبعد بداية صاخبة، تمكن النظام في الدوحة بدوره من دفع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتغيير رأيها.
وعلى عكس الكويت– الذي وقف محايدًا سياسيًا واقتصاديًا– حافظت عمان على الحياد السياسي فقط بينما زادت التجارة مع قطر.
وقد تأثر الاقتصاد العماني بتراجع أسعار النفط، وأصبحت مسقط واحدة من أكثر المواقع ضعفًا في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يقف الفرق بين أصولها والتزاماتها الأجنبية أقل من 10 % من إجمالي الناتج المحلي الآن مقارنة بنسبة 55% في عام 2014. وقد قامت وكالات التصنيف العالمية بتخفيض تصنيف عمان العام الماضي.
وكان ارتفاع التجارة مع قطر نعمة اقتصادية لمسقط، فقد ارتفعت الصادرات العمانية غير النفطية إلى قطر بنسبة 144٪ في الأشهر التسعة الأولى من عام 2017. وأصبحت عُمان الوجهة الرئيسية لقطر غير المصدرة للنفط في ديسمبر 2017، حيث حصلت على ما يقرب من 35٪ من إجمالي الصادرات القطرية. وفي يناير الماضي، وقعت الدولتان مذكرة تفاهم لتعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية. كما تحسنت مكانة عمان كمركز لوجستي؛ حيث استفادت العديد من شركات اللوجستيات والشحن في قطر من ميناء صحار في السلطنة.
وبالمثل، كان الطيران العماني المستفيد الرئيسي من حظر المجال الجوي. ومع منع شركة الخطوط الجوية القطرية من المجال الجوي للرباعي العربي، فقد استفاد الطيران العماني من حيادية مسقط، التي كانت تحلق في جميع أنحاء الخليج.
وتختتم المجلة تحليلها بالقول بالنسبة لكل من قطر والرباعي العربي، سيكون الحفاظ على الحصار هو الخيار الأسهل؛ إذ إن وضع حدّ له مكلف لكلا المعسكرين، لكن المعادلة انقلبت بالنسبة للكويت وعمان.
التكاليف ترتفع كلما استمر النزاع. ونتيجة لذلك، يبذل كل منهما قصارى جهده للحفاظ على المسار، حتى مع عدم الاستقرار حولهما في الخليج.
اضف تعليقا