“الفيلم أشبه بلوحة جدارية تصف معاناة اللاجئين الفلسطينيين وحلمهم -الذي لم يتوقف يوماً- بالعودة للوطن يوماً ما”… كان هذا وصف الكاتب بيتر برادشو الفيلم الوثائقي “شجرة فادية” خلال مراجعته التي نشرها في صحفية الغارديان البريطانية في وقت سابق من هذا الأسبوع.
الفيلم، الذي بدأ عرضه في دور السينما البريطانية في الخامس من الشهر الجاري، اعتمد بصورة أساسية في محاولته إيصال المعنى على أفكار حول الصداقة والسياسة والطيور المهاجرة.
الفنانة والمخرجة البريطانية، سارة بيدنجتون، تظهر لأول مرة في فيلمها الوثائقي الطويل وجه آخر لصداقتها -الممتدة منذ أكثر من 15 عاماً- مع المعلمة الفلسطينية فادية لوباني، امرأة فلسطينية من برج البراجنة في بيروت أحد مخيمات اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وعددها 58.
في فيلمها، سلطت بيدنجتون الضوء على قصة فادية التي أرادت أن تصل للعالم أجمع، ويعرف المعاناة والحزن الذي تكبدتهم هي وكل فلسطيني لاجئ اضطرت عائلته للفرار بعد نكبة 48، التي نفذت فيها العصابات الصهيونية مجازر بشعة ضد مئات الآلاف الفلسطينيين وهجرتهم من أراضيهم.
عندما كانت امرأة أصغر بكثير – وأرملة – أتيحت لعائلة فادية فرصة الحصول على وضع اللاجئ وجنسية الاتحاد الأوروبي في الدنمارك، لكن المعايير البيروقراطية اشترطت رأت أن أبناءها سيكونون مؤهلين للحصول على تلك الامتيازات إذا تركوها وغادروا لأوروبا وحدهم بدونها، لكنها اختارت بدلاً من ذلك أن تبقيهم معها، بالقرب من الوطن التي تشتاق إلى أن تعود إليه، ورغم أنه قريب جداً يفصله عنها بضعة أميال فقط، لكنه حلم بعيد المنال بسبب الحواجز الإسرائيلية الظالمة.
صداقة لوباني وبيدنجتون مركبة، لكنها تحدت الظروف والتاريخ كي تستمر: بعض الفلسطينيين منزعجين من كون بيدنجتون بريطانية بسبب الانتداب البريطاني وعلاقته بوعد بلفور، لكن بالرغم من ذلك، آمنت كل منهما بدور الأخرى في تحقيق الحلم، على الأقل بنقله للعالم أجمع.
أخبرت فادية بيدنجتون عن قرية سعسع التي تنحدر منها عائلتها، والقريبة جداً من الحدود اللبنانية. لم تزر فادية القرية أبداً، ولا تعرف أحداً حياً من عائلتها يمكنه أن يصفها لها، لكن جدها الذي هاجر وقت النكبة كان يبلغ من العمر 10 سنوات، ربما لم يعش كثيراً في البلدة، لكنه لم ينس أبداً الطريق المؤدي إلى المنزل، ولا الطريق الذي سلكه أثناء الهجرة.
عرفت فادية من جدها أن منزلهم يوجد بالقرب منه شجرة توت، ورغم أنه لا يوجد أي ضمان عن وجود منزلهم كما كان، لكنها على يقين أن شجرة التوت لا تزال مكانها.
قررت بيدنجتون أن تتولى مهمة الوصول لشجرة التوت في سعسع نيابة عن فادية، واستغلت سارة بيدنجتون في فيلمها موسم هجرة الطيور، الذين يتجاهلون الجدران والحواجز ولا يتقيدون بتأشيرات، ويهاجرون كل عام إلى الوطن بحريتهم الكاملة، لأنه ببساطة، وكما يوضح الفيلم: العودة جزء من جيناتهم رغم كل التحديات.
قصة فيلم “شجرة فادية” ربما مستوحاة من فيلم Lemon Tree لعام 2008 للمخرج عيران ريكليس، وتتشابك أفكاره مع نمط هجرة الطيور: تمت مقابلة عالم الطيور الفلسطيني سامي بقليه، والذي أشار إلى حرية الطيور في الذهاب إلى حيث يحلو لهم، في تجاهل لكل الحواجز، واختيارهم بحرية الغصن الذي يحلو لهم للاستقرار عليه.
على الرغم من السعادة التي تستقبل بها لوباني خبر العثور على “شجرة التوت”، لكن كان واضحاً جداً أنها سعادة باهتة وحزينة، مثل أحداث الفيلم التي كانت درامية إلى حد كبير.
فيلم “شجرة فادية” – الحائز على جائزة منظمة العفو الدولية في مهرجان دونوستريا-سان سيباستيان لأفلام حقوق الإنسان في إبريل/نيسان الماضي، ورشح لنيل جائزة صنبيرد للأفلام الوثائقية العام الماضي- يضع الغضب والسياسة في جانب واحد لصالح صورة حزينة وعاطفية من أعماق مشاعر اللاجئين الفلسطينيين.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا