بعد نحو أسبوعين من انتخابه وسط امتناع قياسي عن التصويت، أصبح إبراهيم رئيسي بالفعل في مواجهة قلق الإيرانيين الذين يعانون من البطالة والتضخم، خاصة أن الرئيس الجديد المنتمي للتيار المحافظ المتشدد جعل مهمته الرئيسية انتعاش الاقتصاد.

تحت هذه الكلمات نشرت صحيفة “لاكروا” الفرنسية تغطية عن الأوضاع والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها إيران في ظل العقوبات المشددة المفروضة على البلاد من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وانتشار جائحة فيروس كورونا والفساد وسوء الإدارة. 

كما أن أجزاء كبيرة من المجتمع تشعر بخيبة أمل من العملية السياسية لدرجة أن أقل من نصف الناخبين كلفوا أنفسهم عناء التصويت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

ورئيسي، البالغ من العمر 60 عامًا، فاز برئاسة إيران، بعد حصوله على 62 % من الأصوات في الانتخابات التي أجريت الشهر الماضي، وشهدت إقبالا لم يتعد 48%، ومن المقرر أن يتولى منصبه رسميا في الثالث من أغسطس/ آب المقبل.

ونقلت الصحيفة عن شاب يدعى مهري، الذي أوشك على إنهاء خدمته العسكرية الإلزامية، القول: سأجد نفسي عاطلاً عن العمل مثل أي شخص آخر، حصلت على ليسانس في الإدارة، لكن هنا حتى المهندسين لا يمكنهم العثور على وظيفة “.

وأشارت “لاكروا” إلى أن حالة مهري مثل معظم الإيرانيين، بعد انخفاض مستوى معيشتهم في غضون بضع سنوات نتيجة العقوبات الأمريكية التي تخنق اقتصاد البلاد، فمنذ عام 2018، تراجعت صادرات النفط – مصدر الدخل الرئيسي للجمهورية الإسلامية – بمقدار أربعة أضعاف.

فبعد الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015، أراد دونالد ترامب ممارسة “أقصى قدر من الضغط” على النظام في طهران، لكن الإيرانيون هم من دفعوا الثمن: نصف السكان يعيشون الآن تحت خط الفقر، بعدما أصبحوا ضحية للبطالة والتضخم الذي بات يقترب من 50٪ خلال عام واحد.

 

ماذا يعرف عن الاقتصاد؟

وأضاف مهري للصحيفة: بصفتي مجندًا، أحصل على ما يعادل 40 يورو شهريًا، ليس لدي ما يكفي من الطعام، أرغب في تكوين أسرة، لكن ما الهدف من إنجاب الأطفال؟ فلا يوجد مستقبل في إيران”.

فعلى غرار الآلاف من الخريجين العاطلين عن العمل، يحلم هذا الشاب بالهجرة “إلى أي مكان”، وبحسب قوله، فإن انتخاب إبراهيم رئيسي، الذي جعل الانتعاش الاقتصادي موضوع حملته الانتخابية الرئيسي، لن يغير وضعه.

وتابع مهري حديثه عن الرئيس الجديد “ماذا يعرف عن الاقتصاد؟ إنه فقيه وليس أكاديمي! لقد فرضه علينا النظام، لكنه غير مؤهل للوظيفة. “

في المقابل، تبين “لاكروا”، أنه بالنسبة لأنصار المحافظين، فقد دقت ساعة الانتصار. فيحيي أحمد كريمي، مدير نقابة منتجي ومصدري السجاد يقول “المرشد الأعلى والحرس الثوري والرئيس الجديد على نفس الخط الآن”. 

ويضيف من مكتبه في وسط المدينة، حيث اللوحات المطرزة للمرشدين الخميني وخامنئي “أخيرًا ستكون لدينا سياسة متماسكة قادرة على تعزيز اقتصادنا”.

فهذا الرجل، الذي كان الأمريكيون يستوردون 25٪ من صادراته قبل ثلاث سنوات، يقلل من تداعيات العقوبات على الصحة المالية لبلاده قائلا ” اتجهنا بسرعة إلى أسواق جديدة، ولا يوجد نقص في المستوردين! كما أن الصعوبات في الاستيراد، ولا سيما المواد الخام، جعلتنا نستقل بأنفسنا”، مشيدًا بجودة السجاد المصنوع حاليًا في إيران بنسبة 100٪.

 

استئناف المفاوضات النووية

وتوضح الصحيفة الفرنسية أنه من أجل الحصول على ثمن مبيعاته بالعملات الأجنبية، يؤكد هذا الصديق المقرب لإبراهيم رئيسي على إمكانية التفاف إيران بسهولة على النظام المصرفي الدولي، دون تحديد الطريقة “إذا قلت لك، فإن الأمريكيين سيعرفون” يمزح كريمي، الذي ينفي الحاجة الملحة للعودة إلى الاتفاق النووي “لم نعد بحاجة إلى الأوروبيين، لقد استبدلنهم بالصينيين والروس”.

بجانبه، رضا، وهو تاجر سجاد آخر، يؤكد إنه فقد جزءًا كبيرًا من دخله منذ إعادة العقوبات الأمريكية على إيران، وقال للصحيفة بجرأة تحت مرأى ومسمع من زملائهإن انتخاب المحافظين سيزيد من تعقيد وضعنا، لن يقدم رئيسي أي تنازلات للغرب، إن استئناف المفاوضات النووية يسير بشكل سيء للغاية”.

وأعلن الرئيس الإيراني الجديد، خلال مؤتمره الصحفي الأول، أنه لا يرغب في لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، ويرى العديد من المسؤولين الغربيين أيضًا، أن انتخاب هذا الرجل المتشدد يزيد من عدم الثقة.

وذكرت الصحيفة بأن منظمة العفو الدولية اتهمت إبراهيم رئيسي شخصياً بارتكاب جرائم ضد الإنسانية واغتيالات وتعذيب، وهذا يكفي لجعل الكثير من الإيرانيين يشككون في قدرته على تجديد الحوار، بهدف إخراج إيران من العزلة والركود الاقتصادي. 

فهذه المهمة، تؤكد “لا كروا”، فشل الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني على تحقيقها، على الرغم من كونه إصلاحيا ومعروفًا بكونه أكثر ميلا تجاه الغرب.

من ناحية أخرى من المقرر استئناف المحادثات حول النووي الإيراني مطلع شهر يوليو/ تموز المقبل، وفيما بدا الأمريكيون متفائلون إلى حد ما، حذر وزير الخارجية أنتوني بلينكن من أنه في ظل استمرار المفاوضات سيكون من “الصعب للغاية” على الولايات المتحدة العودة إلى خطة العمل المشتركة الشاملة. 

فمنذ بدء المفاوضات مع إيران عام 2003 لم تتوقف مشاريع طهران النووية بل كان يتمّ تأجيلها فقط بسبب الاتفاقات والتسويات.

ويخشى البعض أن يستغل الإيرانيون فصل الصيف للارتقاء بالبرنامج النووي إلى مستوى جديد، وهذا هو السبب الذي دفع إسرائيل ودول الخليج للتأكيد على تحفظاتها القوية على مفاوضات فيينا بالرغم من طمأنة الرئيس الأمريكي جو بايدن حلفاءه في المنطقة بأن وجوده في السلطة لن يسمح بأن تكون هناك قنبلة إيرانية. 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا