العدسة – ربى الطاهر
أطلقت مجموعة من الجامعيات السعوديات حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمكافحة العنوسة وحث الرجال على التعدد، باعتباره تطبيقا لشرع الله الذي حلل للرجل الزواج من أربع سيدات تحت وسم #نطالب_بالتعدد_يكون_إجباري.
وذلك بعد فترة لم تصل إلى ثلاثة أشهر من انتهاء حملة أخرى تحمل نفس الهدف، وتطالب الرجال بتحمل المزيد من المسئولية وكذلك المزيد من الجدية لمواجهة هذا المعضلة الاجتماعية “مشكلة العنوسة”.
وقد لاقت هذه الحملة انتشارا واسعا وتناقلت من تويتر إلى مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى ليتداولها المغردون بالتعليقات المؤيدة حينا والرافضة حينا والساخرة أحيانا أخرى.
وكانت دراسة اجتماعية أجريت في العام 2010 قد كشفت أن عدد الفتيات اللاتى وصلن لسِن العنوسة فى ذلك الوقت قد وصل الى مليون ونصف المليون فتاة وهو عدد مرشح للزيادة وقدر وقتها إنه سيصل إلى 4 ملايين بحلول عام 2015، وكانت الإحصائيات الرسمية في هذا الوقت تعتبر أن سن العنوسة هو 32 عاما.
ولم تكن تلك الحملة هي الأولي من نوعها التى تشهدها الأراضي السعودية ولكنها قد شهدت مؤخرا تحركات فعلية من قبل جهات خيرية لإنشاء جمعيات للاهتمام بشئون النساء اللاتى وصلن لسن العنوسة ومحاولة لحل مشكلاتهن والبحث معهن أو لهن عن حلول لهذا الوضع المؤلم بالنسبة إليهن.
كما كانت جامعة الملك عبد العزيز في جدة قد أطلقت في العام 2012 مشروعا لمكافحة العنوسة وتيسير الزواج في المجتمع السعودى بشكل عام وبالطبع بين طلابها.
وتفاعل العديد من رجال الدين بالمشاركة في تغريدات تعقب على تلك الحملة لحث الشباب على الزواج بأكثر من زوجة لكفالة النساء اللاتى في احتياج للزواج والشعور بهن في حين قام آخرون بتوجيه النصائح لإعالة الشباب غير القادر على الزواج ويرون أن في ذلك حلا للنسبة الأكبر في تلك المشكلة.
وشارك بالتعليق على تلك الحملة فئات عديدة بردود أفعال متباينة تجاه هؤلاء النساء اللاتى تمردن على الأوضاع الاجتماعية السائدة والتى اعتبرنها ظالمة لمن هن في مثل حالاتهن كمطلقات أو أرامل أو حتى ممن تأخرن في سن الزواج وطالبن الجهات المختصة بالسعودية بفرض التعدد وجعله إجباريا على الرجال.
وتسعى تلك الحملة لإيجاد مخرج لحل مشاكل تلك الفئة من النساء اللاتى يرغبن في إنشاء حياة أسرية طبيعية ولكنهن غير متمكنات من ذلك حيث إن فرص زواجهن قد أصبحت أصعب، لذلك طالبن المجتمع بدعم التعدد رحمة بهن.
وأشارت القائمات على الحملة إلى مواقف الصحابيات من التعدد وأخذن في سرد النوافع التى تعود على المجتمع من التعدد والحكمة من تشريعه مستشهدات بإحصائيات انتحار الفتيات اللاتى وصلن لسن العنوسة وكذلك ارتفاع نسب انتحار المطلقات والأرامل في السعودية.
إلا أن ردود الأفعال تجاه دعوتهن كانت متابينة بشدة وفي أمثله لما ورد … ما قاله أبوعــزوز باعتبارها خطوة في طريق تخفيف المعاناة عن المطلقات والأرامل، وإيجاد فرصة للزواج من رجل صالح يعينهن على إكمال مشوار الحياة وتحمل أعبائها
في حين رأى عبدالعزيز نايف أن الكثير من الرجال غير قادرين على اتخاذ مثل هذه الخطوة خوفا من نسائهن، بينما رأت سيدة أخرى أن مطالب هذه الحملة مستحيلة ولن تجد صدى في التنفيذ، وقالت أخرى إن الحل الذى يجب أن يلجأ إليه صاحبات تلك الدعوة هو اللجوء إلى الله والدعاء بأن يرزقهن زوجا حيث إن مطالبهن بالتعدد ليست هي الحل، مشيرة إلى أن المشكلة لا تكمن في الزواج في حد ذاته بينما المشكلة في إيجاد زوج يستطيع تحمل المسئولية بشكل فعلي.
وكانت اراء بعض المغردين أكثر حدة عندما عبروا عن أن في هذه المطالب خرابا للبيوت العامرة بالحب والاستقرار بين الزوجين: “لكن إذا انت مرتاح مع الأولى، ليش تجيب النكد لحياتكم وتنكر جميل السنوات اللي عاشتها معك بحلوها ومرها؟ ترا لها مشاعر زيك تغار وتنقهر، والدنيا دوارة اليوم تشوف دمعتها تنزل قهر بكرة تشوف أمك، بنتك مكانها يومها بتعرف معنى كلامي”.
وجاء تعليق الداعية عادل الكلباني: “عساها بحملها تثور!”.
وقال مغرد “بعضهم يطالب بالتعدد ويتحمس بهالهشتاق وبعد شوي يشارك بهاشتاق الراتب ما يكفي الحاجة وغلاء البنزين .. فقير وجبار”
وقالت أخرى: “أقبل بالتعدد شرط أن يكون ذو خلق حميد”.
وتابع آخر “الرجال لدينا مهووسون بالتعدد، وأغلب من يطالب بالتعدد متزوجون لم يقوموا بحق من ابتلاهم الله بهم أزواجا لهم، ولم يقوموا بواجبهم تجاههم ”
وأضاف آخر: “نطالب بالتجنيد الإجباري لأن واضح فيه فضاوة زائدة “.
فيما قال آخر: “بل يجب إلغاء التعدد ومنعه، رغم أنه مباح في الشرع كما تم إلغاء الرق سابقا، وهو مباح أيضا. القاعدة الفقهية “درء المفاسد” ممكن استخدامها، فيمنع التعدد منعا للظلم والاستغلال “.
وتاكيدا على ما قال علق مغرد بقوله ” بدال ما يعددون يزوجون الشباب اللي أعمارهم تعدت الثلاثين وباقي متزوجوا ليش من غلا المهور خل البنات يرضن بالقليل يجيبه شباب ويكون لها لحالها ليش ترفع مهرها وتأخذ شايب وتخرب بيت غيرها”.
وأضافت مغردة أخرى ” قد قلتها وأقولها مره ثانية ما يعدد من غير سبب مقنع إلا الجاهل، المتخلف، الطعس والداعشي وما ترضى بمعدد إلا اللي فيها بلاء وسلامتكم”.
وكذلك قال د. أحمد المسعود “قبل أن نطالب بالتعدد يكون إجباري لابد من إجراء اختبار للقدرات العقلية للمتعدد .. ثم القدرة المالية والجسدية .. قبل أن تزيد كارثة الطلاق والتغيير المستمر لأصحاب العقول الغير ناضجة”.
كما شاركت رويدا صديقي المستشارة القانونية في لجنة إصلاح ذات البين بمكة المكرمة برأى ذكرت فيه أن للتعدد وجوها عدة تجعله موضوعا شائكا إذ إنه قد يؤثر على الزوجة الأولى وربما يدفعها إلى طلب الطلاق مما يترتب عليه خراب البيت الأول وتشريد الأبناء.
وأضافت أن المرأة التى جبلت على الغيرة لن تقبل مطلقا التعدد بشكل فطري.. إلا أنها في الوقت ذاته طالبت بالعمل على نشر ثقافة التعدد لسد احتياجات المرأة المطلقة أو الأرملة النفسية اللاتى يكن في حاجة لوجود زوج يشبعها عاطفيا حتى لا تتجه إلى طرق غير سوية.
وأوضحت أن الإعلام يلعب دورا هاما في نشر هذا الوعي حيث إن التعدد شرع في الإسلام لمصلحة كلا الطرفين سواء كان رجلا أو امرأة فقد حرم الإسلام على الرجل النظر إلى النساء وكذلك حرم الخلوة بهن والزنا ولكنه في المقابل سمح له بتعدد الزوجات.
وفي الوقت الذى تعتبر فيه النساء التعدد هو أحسن الحلول السيئة فإن القائمات على الحملة لجأن إليه لإطلاق صرخة في وجه المجتمع كي يشعر بآلامهن وللفت الانتباه إلى مخاطر العنوسة مطالبين بالإجبار على التعدد للحد من العنوسة ولإعفاف النساء.
وعلى الرغم من أن التعدد في بلد إسلامي مثل السعودية هو أمر سهل وميسر فإن المشاركات في الحملة اعتبرن ما هو قائم غير كافٍ نظرا لتزايد الأعداد مع مرور الوقت في ظل وجود أنواع جديدة من الزواج ظهرت مؤخرا واعتبرن أنها السبب المباشر في تلك المشاكل الاجتماعية كالطلاق وتأخر سن الزواج عند الشباب.
وكانت الهيئة العامة للإحصاء بالسعودية قد نشرت في نهاية 2016 تقريرا عن الإحصائيات المتعلقة بالزواج والعنوسة التي تبدأ بعد سن 32 عاما، جاء فيه إن نسبة النساء في السعودية تبلغ 49.01% من إجمالي السكان، وإن من تزوجت في سن أقل من 32 عاما بلغت نسبتهن 97.2% من العدد الإجمالي للمتزوجات، أما نسبة من تزوجن بعد 32 عاما وصلت 2.8%.
وعن عدد الرجال المعددين أوضح التقرير إنهم وصلوا إلى نصف مليون رجل، وغالبا ما تتراوح أعمارهم بين 45 و54 عاما الأكثر إقبالا على التعدد ، بينما ذكر أيضا أن أعمار من أقدم على الزواج ثلاث مرات أو أكثر تتراوح أعمارهم ما بين 60 و64 عاما.
وتعاطفا مع هؤلاء النسوة قام ثمانية مأذونين في بداية 2017 بتشكيل مجموعة أطلقوا عليها اسم “تعدد النساء”، لحث الرجال على إقامة التعدد لإيجاد حلول لمشكلة” تزايد المطلقات والأرامل والعوانس في السعودية، واعتبر الكثيرون ان هذه دعوة صريحة للشباب السعودي كى يتخذ أكثر من زوجة لتقليل عدد النساء اللاتي لا يملكن زوجا يهتم بشئونهن.
ونشرت العديد من الصحف المحلية أن هذا الطرح لم يكن إلا لمساعدة الشباب الذين يرغبون في التعدد، وإتاحة الفرص لهم من إيجاد زوجة ثانية مناسبة.
ولكن المثير في الأمر هو أن عددا لا يستهان به من النساء المطلقات والأرامل إضافة إلى فتيات لم يسبق لهن الزواج وصل عددهن إلى 900 سيدة سجلن أسماءهن في قائمة الانتظار وأبدين موافقتهن على الارتباط بزوج لديه زوجه واحدة أو حتى اثنتين أو ثلاث زوجات.
اضف تعليقا