تشير المعطيات الواردة من السودان إلى أن السعودية والإمارات ومصر استطاعت احتواء المجلس العسكري في الخرطوم خلال الأيام الماضية، وأكدت مصادر أن مخابرات هذه الدول تمكنت من تحقيق “نجاحات مهمة” في التأثير على قرارات المجلس العسكري بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان؛ من خلال الدعم المالي الضخم المقدم على شكل ودائع مليارية.

وحاولت مخابرات الدول الثلاث التأثير في قرارات المجلس العسكري بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، من خلال الدعم المالي، بهدف مسك زمام الأمور والتدخل في قرارات تلك الدولة، ومحاولة تحقيق نصر بشكل أو بآخر، بينما نجحت الدوحة في الوقوف بجانب المطالب الشعبية.

صحيفة “واشنطن بوست” تؤكد في تقرير لها، نشر اليوم الخميس، أن المحاولات السعودية الإماراتية المصرية جاءت بنتائج عكسية على المنظومة السودانية؛ إذ يشكك المحتجون في ساحات الاعتصام بالسودان في دوافع تلك الدول؛ لتقديمها الدعم المالي للمجلس العسكري الانتقالي.

وتبين التقارير الواردة من الخرطوم أن الثوار ينادون بشكل علني بقطع يد المخابرات الإماراتية المصرية في السودان، لعلمهم أن تدخل هذه الأجهزة سيكلف الثورة الكثير، كما حدث في مصر ودول عربية أخرى.

وترى الصحيفة أن المتظاهرين السودانيين ينظرون إلى أبوظبي والرياض على أنهما يستخدمان ثرواتهما الهائلة في قمع الديمقراطية ودعم “الثورة المضادة” في السودان، مثلما فعلوا في دول أخرى في المنطقة.

وتبين الصحيفة أن ذلك الشعار يعكس شكوك المعتصمين وخوفهم من دوافع السعودية و”حليفتها الوثيقة” الإمارات من تقديمهما معاً دعماً بقيمة ثلاثة مليارات دولار للمجلس العسكري الانتقالي في السودان.

وتظاهر اليوم الكثير من السودانيين أمام السفارة المصرية في الخرطوم؛ احتجاجاً على ما وصفوه بتدخل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في شؤون السودان.

بدوره قال محمد يوسف المصطفى، رئيس جمعية المهنيين السودانيين، في حديثه لـ”واشنطن بوست”: “يتم تنظيم عملية التجديد الناعم للنظام القديم من قبل بعض قوى الشرق الأوسط حتى تتمكن من الحفاظ على حلفائها في السلطة (..) إنهم ليسوا أعداءنا، لكنهم يخاطرون بإغضاب الشعب السوداني”.

ويضيف المصطفى: “التقيت بممثلين عن الحكومة الغربية، إلا أن الكتلة التي تقودها السعودية لم تُبد اهتماماً كبيراً لمعرفة مطالب المحتجين، والسعوديون والإماراتيون لم يلتقوا بنا حتى الآن، وكذلك الحكومة المصرية توفد لنا قنصلاً، بينما يبعث الأمريكيون والبريطانيون والألمان كبار المسؤولين”.

وتنقل الصحيفة الأمريكية عن خالد مصطفى مدني، أستاذ العلوم السياسية المشارك رئيس برنامج الدراسات الأفريقية بجامعة مكغيل الكندية، رؤيته أن المحتجين السودانيين على دراية تامة بالمخططات السعودية الإماراتية، وظلوا يبحثون طوال شهور عديدة السبل التي تجنبهم مسار الثورة المصرية عام 2011، التي أعقبتها انتخابات تمخضت في نهاية المطاف عن انقلاب عسكري وحكومة “مستبدة” مدعومة من السعودية والإمارات.

 

قطر ابتعدت فانتصرت

أما فيما يخص قطر فيرى الشارع السوداني أن الدور القطري في الأحداث السودانية الحالية هو دور المتفرج فقط، حيث لم تتخذ إلى الآن أي خطوة فعلية بخصوص السودان.

ويرى كثير من المراقبين السودانيين أن الموقف القطري جاء بنتيجة إيجابية بالنسبة إلى الشارع السوداني، الذي يرى أن قطر في هذه الفترة تلتزم الحياد وتكتفي بوقوفها إلى جانب المطالب الشعبية من خلال وسائلها الإعلامية، دون التدخل في الشؤون الداخلية السودانية أو التحكم بالمجلس العسكري وبقراراته كما تفعل أبوظبي والرياض والقاهرة.

ويوضح المراقبون أن الموقف القطري أكسب الدوحة قرباً شعبياً يزيد مع زيادة التدخلات الإماراتية المصرية.

وهنا يمكن القول إن قطر فهمت مطالب الشعب السوداني ودعمتها دون أن تقدم رشى مالية للعسكر أو لغيره كما فعل جيرانها، فربحت بذلك قوة شعبية ترى فيها الدوحة الحاكم الفعلي للبلاد.

وفي 11 أبريل الجاري، عزل الجيش السوداني عمر البشير من الرئاسة، بعد 3 عقود من حكمه البلاد؛ على وقع احتجاجات شعبية متواصلة منذ نهاية العام الماضي.

وشكل الجيش مجلساً عسكرياً انتقالياً، وحدد مدة حكمه بعامين، وسط محاولات للتوصل إلى تفاهم مع أحزاب وقوى المعارضة بشأن إدارة المرحلة المقبلة.

 

المصدر: الخليج أون لاين