العدسة – إبراهيم سمعان

كشفت استطلاعات الرأي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيفوز في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، المقررة بعد أقل من شهرين، بولاية رئاسية جديدة، مشيرة إلى أن المنافس الوحيد القادر على قلب المعادلة هو الامتناع عن التصويت.

لم تشهد روسيا هذا العدد الكبير من المرشحين للانتخابات الرئاسية، منذ أول تنظيم لها عام 1991 في نهاية اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، حيث قدم أكثر من ستين من المتنافسين ملفاتهم، قبل يوم الجمعة الماضي، الموعد النهائي لتقديم الطلبات للجنة الانتخابية.

لكن لم يكن هناك أيضا هذا العدد القليل جدا من الناخبين، الذين أكدوا أنهم سيصوتون في الاقتراع المقرر، يوم 18 مارس المقبل، ففي ظل عدم وجود تشويق حقيقي، وحافز يذكر للتوجه إلى صناديق الاقتراع، أكدت جميع وسائل الإعلام والمراقبين والمشاركين والأحزاب، وحتى المنافسين، فوز فلاديمير بوتين، وفقا لصحيفة “لا كروا” الفرنسية.

وفي انتظار صياغة المبادئ التوجيهية لولايته الرابعة، يرفض صاحب الشأن القيام بالحملة، وتقول تاتيانا ستانوفايا، أستاذة العلوم السياسية في مركز موسكو للتكنولوجيا السياسية: “يريد بوتين أن يمرر كل هذا بسرعة وبهدوء”.

وأضافت “يريد أن يثبت للآخرين أنه يكرس وقته لأشياء هامة: الشؤون الدولية، سوريا وأوكرانيا”، وكجزء من برنامجه، يمرر أنصاره رسالة مفادها أن رئيس الكرملين وحده بإمكانه منع عودة الفوضى التي شهدتها روسيا في 1990.

وبعد أن تولى بوتين السلطة عام 2000 في بلد غير مستقر واقتصاده متعثر، أشاد العديد من مواطنيه بكونه رجل الاستقرار والرخاء الجديد، في حين يتهمه منتقدوه بسبب تدني حقوق الإنسان والحريات.

بحلول 18 مارس، اختار فلاديمير بوتين موقفه، وسط حشد من الجماهير، “أنه لا يشارك في أية نقاشات، وليس عرضة للنقد، وهو تقليد راسخ بالفعل من قبل سلفه بوريس يلتسين”، كما يقول المحلل السياسي فيودور كراشيننكوف، فزعيم الكرملين يقدم نفسه على أنه مستقل، بعيدا عن “روسيا المتحدة”، حزبه الذي يسيطر على البرلمان من خمسة عشر عاما.

إن الخصم الرئيسي لفلاديمير بوتين، الذي استطاع الفوز في الجولة الأولى- مع أكثر من 60٪ من نوايا التصويت حتى 81٪، وفقا لمسح معهد “فسيوم” هذا الأسبوع- يمكن أن يكون … الامتناع.

ويقول الباحث الروسي كليمنتين فوكونيه، المتخصص في كلية الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية  “EHESS”: “يجب على الاستراتيجيين في الكرملين حل المعادلة الصعبة، بين انتخابات غير مفاجئة، وإقبال كاف لضمان شرعية رئيس الدولة”، ولهذا السبب رحب النظام بوصول وجوه جديدة بين المرشحين.
ويخلص فيودور كراشينينيكوف إلى أن “المبدأ في روسيا أنه لن يسمح لأي مرشح يحتمل أن يعوق إعادة انتخاب فلاديمير بوتين في الجولة الأولى”.

وكان “بوتين” الذي يسيطر على البلاد منذ أكثر من 17 عامًا، أعلن في ديسمبر الماضي، أنه يسعى للفوز بولاية جديدة مدتها ستّ سنوات.

وقال الرئيس بوتين في خطاب أمام عمال مصنع للسيارات في مدينة فولجا في نيجني نوفجورود: “سأترشح لمنصب رئيس روسيا الاتحادية”، مضيفًا: “روسيا ستواصل المضي قدمًا، وفي هذه الحركة إلى الأمام، لن يوقفها أحد”.

من جهته ردّ الخصم الرئيسي لسيد الكرملين، أليكسي نافالني، الذي كان يعتزم تحدي “بوتين” في هذا الاقتراع، على “تويتر” بسخرية، حول طول العمر السياسي للرئيس الروسي قائلًا: “في رأيي، هذا كثير، واقترح معارضته”.

و”نافالني” الخصم رقم واحد للرجل القوي في الكرملين، حيث حكم عليه بالسجن لمدة ثلاثين يومًا، وذلك بعدما أدانت المحكمة المعارض البالغ من العمر 41 عامًا، بسبب تنظيمه مظاهرات غير مرخص لها، ورفضه الانصياع لأوامر قوات الأمن.

ولا يمكن لـ”نافالي” الترشح للرئاسة؛ بسبب إدانته، في 8 فبراير، بالسجن خمس سنوات مع وقف التنفيذ، بتهمة اختلاس أموال شركة “كيروفليس” للأخشاب، المسجلة في مدينة كيروف.

و”بوتين” من مواليد 7 أكتوبر 1952، درس القانون، والتحق بالاستخبارات الروسية بعد انتهاء دراسته، وعمل جاسوسًا في ألمانيا الشرقية، وفي 1999 أصبح رئيسًا للوزراء، ثم رئيسًا مؤقتًا، وفي 2000 فاز بسهولة بالانتخابات الرئاسية، وفي 2004 أعيد انتخابه، وفي 2008 أصبح رئيسًا للوزراء، وفي 2012 رئيسًا لروسيا من جديد، وفي 2017 يعلن ترشحه لولاية رابعة.