تحل الأحد، الذكرى السادسة لتظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013، التي استغلها قائد الجيش آنذاك عبدالفتاح السيسي للانقلاب على أول تجربة ديمقراطية في تاريخ مصر، والإطاحة بحكم الرئيس محمد مرسي.
وتقول المعارضة إن المصريين يعيشون منذ ذلك الوقت أوضاعا سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة، وزيادة نسب الفقر وتراجع مصر بجميع مؤشرات الجودة بالتعليم والصحة وغيرها، وتفاقم أزمة الديون، وتعرض جميع تيارات وفئات المصريين للبطش والحبس والاعتقال والمحاكمات غير العادلة وقمع الحريات ووأد الديمقراطية، وتراجع أدوار الأحزاب والمجتمع المدني والمعارضة.
وعلى الجانب الآخر، يروج النظام وأذرعه السياسية والإعلامية لمشروعاته في شبكات الطرق، وبناء العاصمة الإدارية الجديدة، وحفر تفريعة قناة السويس الجديدة، إلا أنها جميعا لم تحقق العائد المرجو منها، حسب تقارير مصرية وغربية.
وبمرور تلك السنوات؛ ما الذي جناه المصريون من 30 يونيو؟ وهل حقق المتظاهرون ما كانوا يحلمون به من حرية ورخاء؟ وهل ظلموا الرئيس مرسي، وجنوا على التجربة الديمقراطية؟
“هدف مذل بمرمى الثورة”
وفي إجابته، قال الكاتب الصحفي المعارض جمال الجمل: “لم يجن المصريون شيئا مما خرجوا للمطالبة به في 30 يونيو، ولا قبلها من مظاهرات، فالشعارات التي يرفعها المصريون منذ عقود لا تزال أحلاما”.
الجمل، أضاف لـ”عربي21″، أن “هذه الإجابة المختزلة ليست موضوعية تماما، لأن الخروج اللافت للجماهير أثناء وقبيل ثورة يناير، كان أقرب للغرس وليس للحصاد، لذلك يمكن القول إن (الزرع بالحقل، والمباراة بالملعب) وقبل أن يأتي وقت الحصاد لابد من التركيز على رعاية الزرع والاهتمام به، فلن يجد المهملون ما يحصدونه إذا تصارعوا على قسمة المحصول دونما اهتمام برعايته، وهو ما يحدث للأسف”.
وقال المعارض المصري: “هذا المثال ينقلنا للرد على التساؤل: هل ظلمت تظاهرات يونيو التجربة الديمقراطية؟”، موضحا أن “التظاهرات لا يمكن أن تظلم الديمقراطية لأن التظاهر مظهر ديمقراطي أصيل، وإدانته تعني تسخير الديمقراطية كشكل وذريعة لتكريس حكم ما”.
وشدد على أنه “من العدل أن نعالج تظاهرات يونيو، بدوافعها وليس بنتائجها، لأن حسبة النتائج دائما حسبة السلطة التي تحذر من الحرية باعتبارها فوضى، ومن التظاهر باعتباره ضد الأمن والاستقرار، ومن الديمقراطية بذريعة أن الشعب لم ينضج”.
ويعتقد الجمل، أن “تظاهرات 30 يونيو، بموضوعية جزء من الحراك الثوري المندفع، والتطلعات المثالية العظيمة التي حملتها رياح يناير الطيبة، لكنها ككل تحركاتنا وثوراتنا فقد تم توظيفها من جانب سلطة بشعة وجشعة، فتغلبت النتائج الخبيثة على الدوافع الثورية الحماسية (قليلة الخبرة، وقليلة الوعي)”.
ويرى أن “30 يونيو، حمالة أوجه، وتقييمها حسب نية من خرج فيها؛ فهناك من خرج للتآمر مع سلطة ضد سلطة، وهناك من خرج للمطالبة بالمزيد من أحلام يناير التي لم تتحقق، ولذلك فهي مؤامرة لمن تآمر، واستكمال ثورة لمن أراد مد خط الثورة، وبكل الأحوال تحولت أحلام الجميع لكوابيس”.
وأكد الجمل، أن “ثورة يناير، تلقت الكثير من الأهداف بمرماها، لكن المباراة لا تزال بالملعب، وبالتالي فإن 30 يونيو، ليست أكثر من هجمة حماسية لتعجل انتصار الثورة، لكنها ارتدت هدفا مذلا بمرمى الثورة والثوار”.
“نكبة لا ذكرى”
من جانبه، قال السياسي المصري الدكتور محمد عماد الدين: “هذه ليست ذكرى، هذه نكبة كبرى تفوق نكبة 67” مؤكدا أنها جرت بتدبير مسبق بين السيسي وإسرائيل، على حد تعبيره.
وبحديثه لـ”عربي21″، أشار إلى “ما كشفته التقارير الغربية، وآخرها للمحلل الإسرائيلي روني دانييل، الذي أكد أن السيسي، أبلغ الإسرائيليين بانقلابه قبلها بثلاثة أيام، وأن الرئيس الأمريكي وقتها باراك أوباما، دعا العالم للوقوف خلف السيسي، لنشهد أفول الديمقراطية العربية وتمهيد الطريق لخلفه دونالد ترامب، لرعاية الطغاة”.
وأضاف عضو لجنة العلاقات الخارجية ببرلمان الثورة، أن “الإدارة الأمريكية تيقنت أن السعودية والإمارات ستتكفلان بالنفقات المالية لدعم الاحتجاجات ضد مرسي، بعدما أعاقت الدولة العميقة الدكتور مرسي عن القيام بدوره نحو الوطن خاصة الجيش والشرطة والقضاء”.
ماذا جنت مصر؟
قال عماد الدين: “لم تجن مصر إلا الخراب والدمار بكل المحاور والمستويات داخليا وخارجيا، ولم يعد لها دور سوى التابع الذليل المنفذ للأجندة الصهيونية بحذافيرها ليس سرا بل علانية وبكل حماقة وجنون”.
وأكد البرلماني السابق، أن “الدور الإقليمي والمحوري لمصر بالشرق الأوسط تقريبا انتهى تماما، وأكبر دليل على ذلك ورشة البحرين الأخيرة التي رأينا فيها مصر قزما مترددا لا يعي إلا السمع والطاعة”.
وأضاف: “أما داخليا، فلم تشهد مصر حقبة مأساوية كالسنوات الست، ورغم أن عهد حسني مبارك، كان شديد السواد شديد الظلمة حالكا بكل ملامحه وعانى المصريون من الجوع والفقر معه وبعهود العسكر جميعا؛ لكن بالسنوات الست عاش المصريون سواد السواد اقتصاديا وثقافيا وسياسيا وعلميا وإعلاميا ودستوريا وقانونيا ودينيا”.
القيادي بحزب “الحرية والعدالة”، بين أن “مصر دينيا الآن؛ ضاعت فيها المبادئ وتقدم الهابط وساد الحقير بكل شيء، بل إن زعيم الانقلاب يحارب العقيدة والدين ويحرض على الإسلام والمسلمين وترجم ذلك عمليا بواقع الناس”.
واقتصاديا، أشار إلى “تدهور قيمة الجنيه المصري، وارتفاع الأسعار، والديون، وسيطرة جنرالات العسكر على الاقتصاد ومقدرات الشعب، وارتفاع الفقر لنسب غير مسبوقة”، مشيرا لوجود “تقارير تكشف كيف خرب العسكر مصر، وكيف نفذ السيسي هذا الخراب، وكيف هيمنوا على الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية وكل المجالات”.
وقال عماد الدين، إن “الجوع والفقر والمرض والجهل والتفسخ الأسري والاجتماعي سيطرت جميعها على مصر بطريقة بشعة، وأصبحت بذيل القائمة عالميا بكل شيء والدور قبل الأخير بالتعليم والصحة”.
وتابع: “ماذا جنى المصريون، سوى إلغاء القانون والدستور؟ ولم يحقق متظاهرو يونيو ما كانوا يحلمون به، بل إن الكثيرين منهم خلف القضبان، وتعامل معهم السيسي بالخسة والنذالة بطريقة لم يتعامل بها أي نظام بالعالم مع خصومه السياسيين”.
وأكد أن “متظاهري يونيو ظلموا أنفسهم والوطن لأنهم شاركوا بالقضاء على أول تجربة ديمقراطية، وظلموا الرئيس مرسي، الذي مات واقفا بساحة محكمة الغدر، وكان استشهاده أكبر دليل على ظلم الرجل الذي سيذكره التاريخ بحروف من نور”.
وفي تعليقه، قال السياسي المصري الدكتور جمال حشمت، إن “من خرج في 30 يونيو، تحت ضغط الحاجة والظن بأن رئاسة الدكتور مرسي، هي السبب؛ فهو أهوج لا عقل له ليستبدل السوء الذي خبره عشرات السنين بالأمل الذي جاء لنا على شوق”.
النائب البرلماني السابق، أضاف لـ”عربي21″: “من خرج تحت ضغط كذب وشحن إعلامي فهو أعوج مخدوع يحب الهرج والمرج”، مبينا أن “من وجدها فرصة للفوضى فهو مهووس مستهتر، لا يؤمن جانبه”.
وأكد القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أن “من خرج يومها دعما لقاتل يعلم أنه يتصرف طبقا لهوى الخارج فهو خائن لا يرجى شفاؤه”، مشيرا إلى أن “من كان صاحب ثورة ومدركا لطبيعة المعركة وفاهما لأحوال الأمم بهذه الأوقات؛ فقد ثبت ولم يشارك بهذا الحراك الآثم في 30 يونيو 2013”.
اضف تعليقا