إبراهيم سمعان

في الوقت الذي يثير فيه اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي منتقدي النظام السعودي الحذرين جداً، تكشف هذه القضية أيضا حجم عملية التضليل الإلكتروني عبر الإنترنت التي تهدف إلى إسكات منتقدي المملكة ومحمد بن سلمان، بالتواطؤ مع تويتر.

ووفقا لصحيفة ” orientxxi”في نسختها الفرنسية، تقوم السلطات السعودية على الإنترنت حاليا باغتيال المعارضين المعتدلين في النظام كجمال خاشقجي، فعلى الشبكة العنكبوتية ، الأصوات الناقدة التي تتعرض للترهيب من قبل “المتصيدون” يفرون من الشبكات الاجتماعية.

وأوضحت أنه بعد الهجوم الذي تعرضت له على الإنترنت عقب اغتيال خاشقجي، أغلقت الناشطة السعودية منال الشريف حسابها على تويتر وقالت “إن الأدوات التي نستخدمها للدفاع تستخدم لتدميرنا”.

وأشارت الصحيفة إلى أنه على تويتر، الفراغ الذي تركته الأصوات الناقدة مليء بجيش من المتصيدين الموالين للنظام، فهذه الأزمة خطيرة لدرجة أن تويتر اتهم بأنه “شريك مباشر” لبعض الأنظمة العربية في ممارسة القمع، لكن مقتل خاشقجي جعل الأمور أسوأ.

وأضاف على الرغم من أن خاشقجي مواطن سعودي، إلا أن تويتر في المملكة العربية كان هادئًا جدًا بشأن وفاته – أو على الأقل الاتجاهات الرسمية “التريندات”، حيث ظهر اسم خاشقجي ست مرات فقط في السعودية خلال أكتوبر، وعلى النقيض من ذلك، ظهر في قطر 164 مرة.

 

الربوتات الرقمية في خدمة ولي العهد

وتبين الأرقام أنه في المملكة العربية السعودية تم تسجيل أصغر عدد من الأحداث في هاشتاج “جمال خاشقجي” باللغة العربية، فغياب “التريندات” التي سجلتها الشبكة الاجتماعية لهذا الرجل الذي تصدر عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم، قد يبدو محيرا.

وأضافت كيف لا وقد ورد ذكر هذا الحدث العالمي فقط ست مرات في بلد جمال خاشقجي؟ فبطبيعة الحال، لعب الخوف دورا في الأمر، حيث أكدت السلطات أن نشر “شائعات” و “أخبار وهمية” يعاقب عليها بالسجن خمس سنوات.

لكن التفسير المحتمل الآخر هو bots ، المتصيدون والحسابات المزيفة، إذ يتم تعبئة هذا الجيش مع كل الأخبار السلبية المتعلقة بالمملكة، ويتمثل دوره في خنق المناقشات المشروعة وتشويش المحادثات بمؤامرات مزيفة، وهذه العناصر غالباً ما يستهدفون الصحفيين المؤثرين وقادة الرأي.

ومع أن اسم خاشقجي كان غائبًا بشكل غامض عن الأخبار الرسمية على تويتر في السعودية، إلا أن معظم التعليقات قدمت النسخة الرسمية لاختفاء خاشقجي إما كعملية “دولة عميقة” تركية ، أو كحيلة لتشويه سمعة السعوديين ، أو كمؤامرة من جماعة الإخوان المسلمين.

وكهجمات دونالد ترامب على “سي إن إن”، تقول الصحيفة، هاجم العديد من المعلقين على هاشتاج # JamaKhashoggi   القنوات الإخبارية التي تحاول العثور على تفسيرات لاغتيال الكاتب بالـ”واشنطون بوست”.

وبينت أن حسابات مؤيدة للسعودية اليوم تضايق مالك جريدة واشنطن بوست جيف بيزوس، بسبب انتقاده للسعودية، ولكن في الواقع بسبب العمل الشاق والتحقيقات اليومية التي تريد تحقيق العدالة.

ويصاحب هذا رسائل حب ودعم لولي العهد في أعقاب اتهامه (بما في ذلك من قبل CIA) بأنه أمر باغتيال خاشقجي، حيث يتم نشر آلاف الرسائل مع صور محمد بن سلمان، تمجد فضائل الأمير، فهم يهدفون للدفاع عن ولي العهد والتقليل من أهمية “التريندات” المتعلقة بخاشقجي.

وتؤكد ” orientxxi” أنه كمقالات خاشقجي في الواشنطن بوست، تشكل وسائل الإعلام الاجتماعية تهديدًا للنظام الاستبدادي في المملكة السعودية، وبالنسبة له، لا بد من تحييد هذا الناقل لنقد الدولة أو بالأحرى كأداة من أدوات القوة.

وكتب الصحفي أناند جيريدهراداس “المملكة العربية السعودية هي واحدة من أكبر المستثمرين في وادي السليكون. هناك خطر أكبر من أنها تحاول شراء الصمت”، ويشعر جيريدراداس بالقلق بشأن المستقبل.

 

لكن تصدي تويتر للدعاية والأخبار الكاذبة يبدو أبعد ما يكون عن أنها غير سياسية في حالة خاشقجي، فالمنصة الاجتماعية كانت أكثر شراسة بكثير في مطاردة حسابات (داعش) أو المتصيدون الإيرانيون والروس، وربما حدث هذا بسبب توجهات الولايات المتحدة وساستها الخارجية.

وتؤكد الصحيفة أن الفراغ الذي تركه المعارضون المعتدلون، وجميعهم مسجونون ، مملوء بجيش شرس من المتصيدين الموالين للنظام والحملات الدعائية، والضرر الحقيقي لحرية التعبير هو عندما تقدم شركات الإعلام الاجتماعي للأنظمة الاستبدادية، الأدوات التي تحتاج إليها لتوسيع جهازها القمعي، بينما تحظر هذه المنصات على أصوات المعارضة.