العدسة – إبراهيم سمعان

تتخوف إيران من صدام حسين جديد، لكن هذه المرة في السعودية، حيث ترى طهران أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وكذلك المملكة السعودية، أعداء لها، ويقفون وراء موجة الاحتجاجات الأخيرة التي دفعت بآلاف المتظاهرين إلى الشوارع في عدد من المدن مطلع العام الجاري.

وقالت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية: إن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، قال عن الاحتجاجات: إن “هذه الدول فشلت وستفشل مرة أخرى في المستقبل”، في إشارة إلى الاضطرابات التي تتعرض لها “الحكومة الغنية” في الخليج، فيما أكد مسؤولون في طهران أن إثارة “الفتنة” أحدث مثال على الاشتباكات بين طهران الشيعية والمملكة السعودية السنية.

وأضافت: ” التنافس بات لا يقتصر على نزاع ديني بين الدولتين القويتين في الشرق الأوسط، اللتين يطمح كل منهما إلى ترسيخ نفسه كقوة إقليمية وحيدة، خاصة منذ وصول محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، الذي يوسع سيطرته على المنطقة بأكملها، و يبدو أنه يسرع جهوده لاحتواء نفوذ النظام الحاكم في إيران، الذي يهيمن عليه الرجال المسنون الذين حضروا تقريبا الثورة الإسلامية عام 1979.

وتشير “ليبراسيون” إلى أنه عندما أصبح علي خامنئي المرشد الأعلى لإيران لم يتعد عُمر محمد بن سلمان حينها سوى 4 أعوام، ونقلت عن فنسنت إيفلينج، الباحث المشارك في جامعة لوفان الكاثوليكية قوله: “ليس هناك يوم يمر بدون أن يقوم مسؤول إيراني: المرشد، الرئيس، وزير أو عضو في البرلمان، بمهاجمة المملكة العربية السعودية”.

إن نشاط الأمير الشباب المستبد، يُذكِّر إيران بفترة حساسة جدا، حيث “يُنظر عموما إلى محمد بن سلمان على أنه شخصية مثيرة للجدل، لديه هاجس غير منطقي حول هزيمة إيران، وهذا ما يجعلهم يشبهونه بصدام حسين الجديد”، كما يقول المحلل رضا نصري، القريب من الرئيس الإيراني روحاني.

وتشير الصحيفة إلى أنه، منذ الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)، والتي أدت إلى ما يقرب من مليون قتيل، أصبح الزعيم البعثي السابق مكروها من قبل مواطني الجمهورية الإسلامية، فالطبقة السياسية الإيرانية ككل متحدة ضد أمير الرياض.
وأوضحت أن تجدد التوتر بين الرياض وطهران، مستمر منذ بداية عام 2016، بعد أشهر قليلة من توقيع الاتفاق النووي الإيراني، ونوه “إيفلينج” إلى أن “اتفاق 2015 منح إيران مزيدا من الحرية للمناورة في الشرق الأوسط”، حيث أعيدت الأصول المجمدة في الخارج، وأصبح اقتصادها أكثر حرية، وبالتالي، البلاد باتت أكثر نشاطا، وهذا ما يثير استياء السعودية”.

وبحسب “ليبراسيون”، فولي العهد السعودي اختار- بعد وصوله للحكم وعلى الفور- جعْلَ جارِه الإيراني التهديد الأول له، وبدأ ذلك في اليمن من خلال حرب دمرت البلاد، شنتها المملكة العربية وحلفاؤها، ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

كولن باول

في الأسابيع الأخيرة -تضيف الصحيفة- تم اعتراض عدة صواريخ أطلقت من اليمن على الرياض، وفي 14 ديسمبر، قامت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هالي بتقديم ما وصفته بأنه “أدلة دامغة” على إمداد إيران الحوثيين بالأسلحة رغم الحظر.

وقالت إن حطام الصاروخ، الذي أطلق في الرابع من نوفمبر على مطار الرياض، “صناعة إيرانية”، لكن وزير الخارجية الإيراني رد على تصريحات “نيكي”، بمقارنة ذلك بالمشهد الذي عرض فيه كولن باول، قبل غزو العراق بقليل، قنينة لإثبات وجود أسلحة دمار شامل في العراق.

وأكدت “ليبراسيون” في تقريرها، أن الإصلاحات الداخلية لولي العهد ينظر إليها على أنها يمكن أن تضر في نهاية المطاف طهران، إذ منحت الرياض بعض الحقوق للمرأة، بما في ذلك حضور مباريات كرة القدم، وهي مطالبة قديمة للمرأة الإيرانية، مشيرة إلى أن الكراهية لإيران تظهر عندما نُثني على سماح السعودية للمرأة بقيادة السيارة، وهو حق تمتعت به المرأة الإيرانية بعد الثورة الإسلامية، فضلا عن حق التصويت في الانتخابات.