أعلن برلمان جمهورية أرض الصومال في فبراير/شباط ٢٠١٧ موافقته على إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية في مدينة بربرة على ساحل خليج عدن.

وتعمل أبو ظبي بقوة لتعزيز وجودها في منطقة القرن الإفريقي الاستراتيجية، حيث خاضت العديد من الجولات حتى تضع لنفسها موطئ قدم أساسي في تلك المنطقة، وتمهد لنفسها لتتمكن من السيطرة على مضايق البحر الأحمر بالغة الأهمية في حركة التجارة العالمية.

 مكمن أهمية بربرة

«بربرة» هي من أهم المدن في منطقة القرن الإفريقي، وتقع في شمال الصومال، على خليج عدن، وتبتعد بمسافة ٢٥٠ كيلو متر فقط عن جنوب اليمن، وهي النقطة التي تربط المحيط الهندي بقناة السويس والبحر الأحمر، ويقدر عدد سكانها بـ ٢٥٠ ألف نسمة من عرقيات مختلفة بحسب تقديرات عام ٢٠٠٥، وكانت هي العاصمة لإقليم “أرض الصومال” قبل انتقال العاصمة إلى “هيرغيسا” عام ١٩٩١، عندما أعلنت جمهورية أرض الصومال الانفصال عن الصومال من جانب واحد.

ويصدر ميناء بربرة الصمغ العربي والجلود والماشية لجميع أنحاء العالم، وهي الميناء التجاري الأول والأهم بتلك المنطقة، كما تستخدم دولة إثيوبيا بالاتفاق مع حكومة أرض الصومال الميناء في حركتها التجارية، لقربه من مضيق باب المندب.

كيف وضعت الإمارات “مسمار جحا” في المدينة ؟

في العام ٢٠١٦ أعلنت أرض الصومال عن صفقة بقيمة ٤٤٢ مليون دولار مع شركة “موانئ دبي العالمية” “دي بي وورلد”، لرفع مستوى ميناء بربرة، وتأهيل البنية التحتية له، وتسهيل حركة نقل البضائع ومرور الشاحنات عبر الطريق الذي يربط بين بربرة الصومالية والحدود الإثيوبية، وإنشاء مركز تجاري إقليمي على ساحل البحر الأحمر، وذلك بامتياز مدته ٣٠ عاما.

وليس هذا فحسب، بل حصلت الإمارات على امتياز آخر وهو إدارة الأوقاف الإسلامية بجمهورية أرض الصومال، وذلك لتعزيز تواجدها، وتتميز تلك المنطقة بأوقاف إسلامية باهرة، وتتمتع المدينة بمآذنها الشاهقة التي امتازت بها المساجد المنتشرة في جنبات المدينة، والبالغ عددها نحو 75 مسجدا، أسسوا على الطراز العثماني بإرث يغوص في أعماق التاريخ.

كما كشف «أحمد محمد سيلانو» رئيس «أرض الصومال» في يونيو/ حزيران 2015، عزم الإمارات إنشاء مشاريع ضخمة في «صوماليلاند» شمال جمهورية الصومال الاتحادية.

جدير بالذكر أن العدسة تواصلت مع مصادر –رفضت الكشف عن هويتها- حيث أكدت تلك المصادر تلقي الكثير من قيادات بعض القبائل و بعض نواب البرلمان عشرات الآلاف من الدولارات على سبيل الرشاوي بهدف تمرير تنفيذ الاتفاقية المشار اليها .

القاعدة العسكرية الإماراتية

مع بدايات العام ٢٠١٧، وفي جلسة برلمانية عقدها برلمان جمهورية أرض الصومال، صوت ١٤٤ نائبا لصالح منح الإمارات حق تأسيس قاعدة عسكرية في بربرة.

وذلك ضمن خطط أبو ظبي للتمدد في المنطقة، والحصول على قاعدة عسكرية جديدة لها بالإضافة إلى قاعدة “عصب” المتواجدة بإريتريا.

وبهذا الاتفاق أوجدت الإمارات قاعدة عسكرية لها في مدينة بربرة الاستراتيجية المطلة على ساحل خليج عدن لمدة ٢٥ عاما، مع حق الوصول إلى مطار المدينة، و بذلك ستجعل لدولة الإمارات موطئ قدم ثقيل في تلك الدائرة.

المكتسبات الإماراتية الأخرى

ولا تقف مكتسبات أبو ظبي من هذا الأمر على مكسبها الاستراتيجي بسيطرتها على واحدٍ من أهم موانئ البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي، أو العائد الاقتصادي من وراء ذلك الأمر، بل إن كون «جمهورية أرض الصومال» تملك احتياطيًا واعدًا من النفط يتنازع عليه العديد من الأطراف الدولية والإقليمية، فإنّ إدارتها لميناء بربرة وسعيها نحو السيطرة على باقي الموانئ يجعلها الأوفر حظًا للاستفادة من ذلك النفط، وكل ذلك على حساب وحدة الصومال، حيث لن تحصل الإمارات على كل هذه الامتيازات مع صومال موحد، كما أن هناك تأكيدات شعبية صومالية على أن الإمارات ستبتلع تلك الموارد وتحرم الصوماليين من خيرات بلادهم ، مما سبب حالة من الامتعاض فى الأوساط الشعبية الصومالية من تلك الخطوات الإماراتية.

ويسعى ولي عهد أبو ظبي «محمد بن زايد آل نهيان» ، في تأسيس قاعدته الجديدة ليقول إن تواجد البحرية الإماراتية هناك هو جزء من استراتيجية إماراتية تسعى إلى دور مباشر بالتوافق مع البحرية الأمريكية والبحرية المصرية في المنطقة، حتى وإن تجاوزت البحرية السعودية، خاصة أن «بن زايد»، يأمل في أن يغير الصورة المعروفة عن البحرية الإماراتية بدعمها للبحرية السعودية في سياق عملية «عاصفة الحزم» العسكرية في اليمن، بحسب ما قالته مصادر لنشره موقع «تاكتيكال ريبورت».

وتعمل دولة الإمارات في العقد الأخير على إنشاء قواعد عسكرية خارج حدود بلادها لتحقيق طموحها في السيطرة العسكرية الواسعة في محيط المنطقة متخطية بذلك جارتها الكبري السعودية.