العدسة – ربى الطاهر

الشعر الأبيض هذا التاج الجميل من الثلج لدى البعض، الذي يضفي طيفا من الجمال على مظهر بعض الأشخاص، إلا أنه في أحيان أخرى ولدى أغلب البشر، هاجس شديد السوء، ونذير شؤم وقلق.

ويختلف الأمر بالتأكيد لدى النساء عما هو عليه لدى الرجال، فيغزوهن القلق بدرجة أكثر شدة خوفا من أن يضفي عليهن الشعر الأبيض مزيدا من العمر.

بالأجيال السابقة كان من المتعارف عليه أن اللون الأبيض يغزو الشعر بعد سن الأربعين عند الرجال، وبعد سن الخمسين عند النساء، ولكن من جيل إلى آخر، أخذ معدل السن في التغير، فلم يعد غريبا أن تجد الشعيرات البيضاء قد بدأت في الغزو منذ سن الثلاثين.

ووفق ما تشير إليه الموسوعات الطبية، فإن الشيب يعد من الأمور النسبية المرتبطة بكثير من الأمور؛ كالعامل الوراثي، وقلة بعض الفيتامينات في الجسم، وسوء التغذية، وعدم الاهتمام والعناية بالشعر بطريقة صحيحة، والشراهة في التدخين.

ولكن نبدأ أولا بتعريف علمي، ما هو الشيب؟ الشيب هو تحول الشعرة تدريجيا من اللون الأسود إلى اللون الرمادي، وعند البعض إلى اللون الأبيض نتيجة قلة إفراز البصيلات لمادة الميلانين المسؤولة بالدرجة الأولى عن تلوين الشعر، ومع تقدم العمر تبدأ هذه الخلايا بالضعف في الإنتاج، وربما تتأكسد مع مرور الوقت لينتهي إنتاجها في كثير من الأوقات، ويبدأ ظهور الشيب بشكل لافت وكبير، وتذهب المادة الملونة تاركة وراءها المادة الأصلية للشعر، وهي مادة لا لون لها تسمى الكيراتين.

 

أسباب الشيب المبكر

وفي أول دراسة واسعة عن الشيب تناولت أكثر من ستة آلاف شخص من المتطوعين، الذين ينتمون إلى مجموعات وراثية وعرقية مختلفة، من أوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية وإفريقيا، استطاع فريق من الباحثين من جامعة لندن بقيادة البروفسور أنرياس رويز ليناريس أن يجد علاقة وثيقة بين الجينات وتحول لون الشعر إلى الأبيض مبكرا، وتمكن الفريق من عزل جين أطلق عليه اسم IRF4 قال إنه المتحكم الرئيس في صبغة الميلانين وإنتاجها وتخزينها في الجسم، ويرى ليناريس أن اكتشافه هذا قد يساعد في تطوير علاجات فعالة للشيب المبكر.

وتعتبر عملية الأكسدة من النظريات الحديثة التي تبرر الشيب المبكر، بعدما عزاه العلماء إلى تدهور مادة الجلوتاتيون glutathione المضادة للأكسدة، التي ينتجها الجسم من أجل إبطال عمليات الأكسدة، وأنه كلما قل إنتاج تلك المادة زادت عمليات الأكسدة الي تضر بخلايا الجسم، بما فيها تلك التي تنتج الصباغ الملون للشعر ما يسبب الشيب.

ومن العوامل الصحية والوراثية إلى العوامل النفسية، فقد تؤدي تجربة حزن شديد، أو فراق وصدمة فجائية صعبة، أو تجربة خوف شديد، إلى الشيب المبكر، وفي أيام قليلة.

ومن المعلومات المثيرة للاستغراب هى علاقة الشعر الأبيض بلون البشرة، فنجد أن  ظهور الشيب عند الأشخاص أصحاب البشرة البيضاء يأتي بعقود مبكرة عن أصحاب البشرة السمراء، فقد يبدأ بعد سن الثلاثين لدى أصحاب البشرة البيضاء، بينما يبدأ بعد سن الخمسين عادة لدى أصحاب البشرة السمراء.

 

مواجهات خاطئة

ونظراً لما تثيره القصة من اهتمام وقلق لدى الكثيرين، ومن ثم يصبحون مادة خصبة لمبيعات شركات الأدوية والتجميل، يحذر الأطباء كثيرا من الانسياق وراء الوصفات الكيميائية لمواجهة “الشيب المبكر”؛ فقد تؤدي إلى التهابات تصيب فروة الرأس والبصيلات، وتؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة بها ليس هذا فقط بل قد تؤدي إلى خلل في وظائف الغدة الدرقية، والإصابة بالحمى، والشعور بالضعف والوهن، أما المواظبة بمعدل سريع على استخدام الصبغات الرخيصة غير جيدة الصنع، والمحتوية على عناصر ضارة قد تؤدي إلى العديد من الإصابات، بداية من الصداع النصفي، وصولا إلى سرطان الجلد.

وما عدا العوامل الوراثية التي لا يجد الأطباء حتى الآن حل علاجيا وقائيا معها، تذهب النصائح الطيبة إلى الاهتمام بالغذاء الصحي، لتوفير الفيتامينات التي تحفز من إنتاج صبغة الميلانيين، كحمض الفوليك وفيتامين ب والزنك والنحاس والحديد والابتعاد عن التدخين.

هذا بالإضافة إلى الوصفات الشعبية التي تشمل استخدام الحناء لتغذية وطلاء الشعر، وكذلك استخدام بعض الخلطات كحمام كريم، مثل خلطة أوراق الكاري مع جوز الهند، وزيت جوز الهند مع عصير الليمون،  والشاي الأسود مع الملح، وعصير البصل.