إبراهيم سمعان
نشر المفكر الفرنسي الشهير آلان جريش، رئيس تحرير جريدة لوموند دبلوماتيك السابق، مقالا حول بيان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير بشأن اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي.
وكان ترامب تعهد الثلاثاء بأن يظل “شريكا راسخا” للسعودية على الرغم من أنه “قد يكون من الوارد جدا” أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كان لديه علم بخطة قتل خاشقجي.
وقال جريش على موقع “أوريان 21” أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً بياناً حول اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، كانت مهمته أكثر صعوبة حيث كانت صحيفة واشنطن بوست قد سربت تقارير تفيد بأن وكالة المخابرات المركزية كانت مقتنعة بوقوف محمد بن سلمان وراء هذه الجريمة، وهو ما تؤكده جميع المعلومات التي قدمتها تركيا
وأوضح أن استهلال بيان ترامب بجملة “العالم مكان خطير للغاية!” كان يهدف منذ البداية، إلى نقل المشكلة من الاغتيال البربري لخاشقجي، إلى إيران، حيث أكد رئيس الولايات المتحدة أن إيران مسؤولة عن حرب اليمن وتسعى لزعزعة استقرار المحاولة الهشة للديمقراطية في العراق.
كما رأى كذلك أن طهران تدعم تنظيم حزب الله الإرهابي في لبنان، وتؤيد الديكتاتور بشار الأسد في سوريا، وقتل الإيرانيون بصورة مشابهة كثيرا من الأمريكيين والناس الأبرياء الآخرين في كل أنحاء الشرق الأوسط، وتردد طهران بشكل علني الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، وأن إيران أكبر ممول للإرهاب في العالم.
وأكد جريش أن هناك العديد من الحقائق التي يبدو أن الرئيس قد نسيها: السعودية هي التي بدأت الحرب في اليمن. التدخل الأمريكي في العراق هو الذي أدى إلى زعزعة استقرار البلاد ؛ إذا قام الإيرانيون بقتل الأمريكيين ، فقد شن هذا الأخير حربًا دائمة ضد بلادهم ؛ كما أن الولايات المتحدة وإسرائيل وحدهما تعتبران إيران “الراعي الأول للإرهاب”.
وتابع لكننا نعرف أن الرئيس الأمريكي ليس على معرفة جيدة بتاريخ المنطقة ولا خبير في الجغرافيا السياسية، ومع ذلك يمكننا التأكيد على نقطة واحدة هي: بينما يحاول ترامب تعبئة العالم العربي وإسرائيل ضد إيران، بأنها دولة ترمز إلى “الشر” ، سيواجه صعوبة في المطالبة بأي نوع من “التفوق الأخلاقي”، تجاه خصمه إذا كان يؤيد السياسة السعودية، رغم معرفته بأنه قادر على الاعتماد على الدوائر الموالية لإسرائيل في واشنطن وحكومة تل أبيب التي ظلت لشهرين من أقوى المؤيدين لولي العهد.
وينوه الكاتب الفرنسي بأن ترامب أراد أن يظهر كمهتم بالمصالح الاقتصادية للولايات المتحدة، من خلال إصراره على أن السعودية وافقت ، بعد زيارته لهذا البلد عام 2017 ، على شراء 450 مليار دولار من المنتجات الأمريكية ، بما في ذلك 110 معدات عسكرية.
لكن كل هذه الأرقام تم تضخيمها ، وقد أثبتتها الصحافة الأمريكية عدة مرات، و العقود الموقعة التي يوجد جزء منها وقع خلال رئاسة باراك أوباما مجرد إعلانات نوايا، كما طرح ترامب أرقامًا خيالية حول عدد الوظائف، التي قال إنها قد تصل إلى توظيف مليون شخص، فصناعة السلاح بأكملها يوجد بها أقل من 400000 موظف، وتساءل جريش حتى لو كانت هذه الأرقام صحيحة فهل تبرر الدعم غير المشروط للرياض؟
وأشار إلى أنه من الأهمية توضيح أنه في نفس اليوم الذي أدلى فيه ترامب بهذا التصريح ، كشفت هيومن رايتس ووتش عن ممارسات التعذيب ضد النساء السعوديات اللواتي اعتقلن مؤخرًا.
وبين جريش عند تحليل ترامب لجريمة قتل خاشقجي استخدم بعض الجمل الضعيفة كـ”بلادنا لا تبررها” ثم ردد مزاعم الرياض بأن خاشقجي “كان عدوًا للدولة” و”عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين” وهي الأكاذيب التي تخفف من نطاق الجريمة، لينتهي بأن “الملك سلمان وولي العهد ينكران بشدة معرفتهما بالتخطيط أو تنفيذ قتل خاشقجي”.
ولأن ترامب لا يستطيع أن ينكر ما سرب في الصحافة الأمريكية، وما ذكرته وكالة الاستخبارات المركزية، يقول الكاتب، تطرق إليها الرئيس الأمريكي كتفاصيل لا ينبغي أن تهدد علاقاته مع الجزيرة العربية.
وفي النهاية أوضح جريش أنه بعد تصريحات ترامب، نتطلع إلى رد فعل الحكومات الأوروبية، ففي حين أعلنت العديد من الدول عن استعدادها لوقف شحنات الأسلحة إلى الجزيرة العربية، التي تواصل فرنسا تقديمها للرياض، رغم إثبات استخدامها في حرب اليمن.
ويؤكد أن باريس مستعدة بالفعل لإغلاق صفحة خاشقجي ومواصلة الشراكة مع المملكة التي تساهم سياستها في إشعال الحرائق في المنطقة.
ورأى أن الاختبار الأول سيكون في قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس، الأرجنتين 30 نوفمبر – 1 ديسمبر، حيث أعلن ولي العهد السعودي أنه سيحضرها بعد بيان ترامب، فهل سيوافق ايمانويل ماكرون على مصافحته؟.
اضف تعليقا