إبراهيم سمعان
اثنان من القساوسة الأمريكيين اللذان “باركا” نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة، لديهم تاريخ كبير من التصريحات المعادية للسامية.

هذا ما كشفت عنه صحيفة “لوموند” الفرنسية التي قالت: بعد أن مثَّل دونالد ترامب ابنتُه إيفانكا وصهره جاريد كوشنير خلال حفل نقل سفارة الولايات المتحدة للقدس يوم 14 مايو، بارك اثنان من القساوسة المقربين جدًا من الرئيس الأمريكي الخطوة، حيث كانا ضمن المتواجدين في الحدث.

وأوضحت أنّ هذين القسيسين هما جون هاجي وروبرت جيفريس، وكلاهما أدلى في الماضي بتصريحات معادية للسامية، لكن يبدو أن هذا الأمر لم يزعج مضيفهما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
يعمل جون هاجي منذ عام 1975 في كنيسة كورنرستون، في مدينة سان أنطونيو في تكساس، وهي شبكة أصولية قوية تضم اليوم 22000 من الأتباع، مثل العديد من دعاة التليفزيون الآخرين في جنوب الولايات المتحدة، يجمع هذا القسّ بين الشركات العائلية، والتكتلات الإعلامية، لتوطيد قاعدة ذات قِيَم متصلبة مثل عدم التسامح.

ووفقًا لعقيدة “الصهاينة المسيحيين”، الملتزمين أكثر بكثير من حزب الليكود الإسرائيلي من اليهود الأمريكيين أنفسهم، فإنّ هاجي يناصر “عودة” اليهود إلى إسرائيل؛ لأنه يرى فيها تحقيق النبوءات الإلهية. ومع وضع هذا في الاعتبار قام عام 2006 بتأسيس منظمة “مسيحيون متحدون” لإسرائيل، التي أصبحت المنظمة الرئيسية لـ”الصهاينة المسيحيين”، التي تصطفّ في إسرائيل والولايات المتحدة وبالتالي مواتية لاستعمار الأراضي الفلسطينية المحتلة، بدءًا من القدس الشرقية.

أعلن هاجي في 14 مايو مباركة المقر الجديد لسفارة الولايات المتحدة بالقدس، في هذه المناسبة كان يعتزّ به رئيس الوزراء نتنياهو، رغم أنه ادَّعى على الأقل مرتين في الماضي أن أدولف هتلر كان جزئيًا من أصل يهودي. حتى إنه اعتبر في خطبة أن الزعيم النازي كان أداة لغرض أعلى، بما أن الهولوكوست دفعت اليهود إلى التجمع في إسرائيل.
وقد أثارت خطبه الشديدة جدلًا خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2008 حيث دعم هاجي المرشح الجمهوري جون ماكين ضد باراك أوباما، ما أجبر ماكين على النأي بنفسه علانية عن هاجي، وعندما سُئل عن رأيه في تصريحات هاجي، قال المرشح الرئاسي: “أنا أرفض بوضوح أية تصريحات معادية للسامية أو معادية للكاثوليكية أو عنصرية أو غيرها، وأدينها”.
أما روبرت جيفريس فافتتح بصلواته يوم 14 مايو في القدس، حفل نقل السفارة الأمريكية، فهذا القسّ كان قد ألقى بالفعل في يناير 2017، عظة القدَّاس في واشنطن خلال دخول دونالد ترامب البيت الأبيض؛ حيث يقود الكنيسة المعمدانية في دالاس بتكساس، وتضم 13000 من الاتباع، أصغر قليلًا من أتباع القس هاجي.
لكن ومع ذلك، فإن إمبراطوريته الإعلامية أكثر أهمية من زميله، بسبب برنامجه (Pathway to victory ) الطريق إلى النصر. وقال جيفريس في عام 2010 إنه “لا يمكن أن تعرف الخلاص وأنت يهودي.. هل تعرف من قال ذلك؟ أعظم ثلاثة من العهد الجديد: بطرس وبولس ويسوع المسيح. كان قد سبق أن قال قبل عامين إن الإيمان باليهودية يقود مباشرة إلى النار، وكذلك الإيمان بالإسلام أو الهندوسية.
وأكّدت “لوموند” أنه لم تمنع مثل هذه التصريحات المعادية للسامية نتنياهو من أن يهتم بجيفس مثل هاجي؛ فرئيس الوزراء الإسرائيلي لم يعد يتردَّد في إظهار رضاه تجاه اليمين المتطرف الأمريكي منذ انتخاب ترامب، حيث اتهم بعدم الرغبة في الإساءة إلى حليفه دونالد ترامب، عندما ظل ثلاثة أيام في أغسطس 2017 ، صامتًا تجاه شعارات رفعها النازيون الجدد في شارلوتسفيل بفيرجينيا.

وقد أثار هذا التفاعل النابع من الحماس إثارة بين الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، التي كانت قلقة للغاية بشأن صعود المتعصبين البيض، وأصبح من الواضح الآن أن نتنياهو يقدّر كثيرًا الدعم غير المشروط من “الصهاينة المسيحيين” البارزين الذي أدلَوْا بتصريحاتهم المعادية للسامية لفترة طويلة.