عادت دولة الإمارات لتمارس هوايتها مجددا في زعزعة الأمن وضرب الاستقرار في المنطقة وذلك بعد قصفها لقاعدة الوطية الجوية غربي طرابلس في محاولة منها لخلط الأوراق وجر المنطقة إلي أتون حرب مفتوحة بين أطراف إقليمية، وذلك بعدما خسرت رهانها على ميليشيات حليفها الانقلابي حفتر في ليبيا، رغم الدعم الكبير الذي قدمته له من جلب للمرتزقة وتقديم الدعم العسكري واللوجيستي والذي وصل مؤخراً لمشاركة الطيران الإماراتي بشكل مباشر في تنفيذ ضربات جوية علي أهداف تتبع لحكومة الوفاق الليبية .

استهداف غادر

وفي تطور لافت تعرضت قاعدة الوطية الجوية غربي طرابلس، والتي تسيطر عليها قوات حكومة الوفاق لقصف جوي من طيران مجهول الهوية ليل السبت/ الأحد.

جاء ذلك في بيان صادر عن المتحدث باسم الجيش، العقيد محمد قنونو، هو الأول بشأن قصف قاعدة الوطية، نقلته “عملية بركان الغضب”، عبر فيسبوك.

وقال قنونو أن “قاعدة الوطية الجوية تعرضت لقصف جوي غادر نفّذه طيران أجنبي داعم لمجرم الحرب (خليفة) حفتر”.

وعن تأثير ذلك القصف، قال قنونو: “لن تؤثر مناوراتهم في مسار الأحداث والمعارك، ولن تغير من استراتيجيتنا لبسط السيطرة على كامل التراب الليبي”.

وأضاف: “كنا نقول بأننا من سيحدد مكان وزمان المعركة، ونؤكد اليوم بأننا من سيحدد متى وأين تبدأ المعركة الحاسمة ومتى وأين تنتهي؟، وللدول المعتدية نقول انتظروا ردنا فالخبر ما ترون لا ما تسمعون”.

وأوضح بيان الجيش الليبي، إن القصف “لم يسفر عن خسائر بشرية، وإنما استهدف بعض التجهيزات الخاصة بالقاعدة والتي تم جلبها مؤخراً لتعزيز القاعدة من ضمنها منظومة للدفاع الجوي”.

وأضاف البيان : “الضربة كانت محاولة لرفع معنويات المليشيات والمرتزقة الموالين لحفتر ومحاولة لخداع جمهورهم بأنه لا يزال لهم القدرة على الوقوف أمام تقدم قواتنا”.

بدوره، أدان المجلس الأعلى للدولة الليبي، الأحد، استهدف قاعدة الوطية، مؤكدا أن ما جرى “يأتي في إطار عرقلة أي محاولة لبناء جيش وطني حقيقي”.

وأضاف المجلس في بيان صادر عنه أن “الاعتداء يشكك في جدية الدول التي تدعي سعيها للوصول لوقف إطلاق النار وحل سلمي في ليبيا وتقوم في ذات الوقت بدعم هذه الأعمال الإجرامية”.

وكان الجيش الليبي سيطر على “الوطية” في 18 أيار/ مايو الماضي، في سياق سلسلة انتصارات، كان أبرزها تحرير كامل الحدود الإدارية لطرابلس، وترهونة، وكامل مدن الساحل الغربي، وبلدات بالجبل الغربي.

تورط إماراتي 

من جهته كشف متحدث عسكري ليبي، هوية الطيران الأجنبي الذي ضرب قاعدة الوطية الجوية ليل السبت/ الأحد، وتسببت بإلحاق أضرار مادية فيها، حيث قال المتحدث باسم الإعلام الحربي لعملية بركان الغضب، عبد المالك المدني، إن طيرانا من نوع “ميراج 2000-9” مملوك لدولة الإمارات متورط في القصف.

ولفت المدني في تصريح على حسابه في “فيسبوك” إلى أن الطائرة أقلعت من قاعدة براني الجوية المصرية القريبة من الحدود الشرقية لليبيا.

ووجه المدني حديثه إلي الليبيين قائلاً” الحرب لم تنتهي بعد ، وسخروا جهودكم في إنهاء المتمرد وداعميه بالكامل ، أما بن زايد والسيسي وعميلهم حفتر ، الرد عليهم سيكون قاسي جداً بإذن الله”

وفي اعتراف إماراتي بالضربة الجوية علي قاعدة الوطية، غرّد الأكاديمي الإماراتي المقرب من “بن زايد ” عبد الخالق عبد الله، عن تعرض قاعدة الوطية الجوية غربي طرابلس، التي تسيطر عليها قوات حكومة الوفاق لقصف جوي من طيران مجهول الهوية ليل السبت/ الأحد.

وقال عبد الله في تغريدة عبر “تويتر”، إن “الإمارات لقّنت تركيا الدرس الذي تستحق نيابة عن كل العرب الشرفاء”.

وأثارت تغريدة عبد الله جدلا واسعا، لا سيما أن أي جهة لم تتبن هذا القصف.

وفي وقت لاحق، حذف الأكاديمي الإماراتي التغريدة، دون إبداء الأسباب.

ويري محللون أن الضربات التي تركزت ضد منظومات الدفاع الجوي التي نصبتها تركيا، وإن كان الهدف منها إيصال رسائل بشأن اتفاق جرى بين حكومة الوفاق وأنقرة بتخصيص قاعدة الوطية لتركيا، بالإضافة إلى قاعدة مصراتة البحرية، إلا أن الهدف الأساسي الآخر، هو إعاقة استقرار الوضع لتركيا في الوقت الراهن، قبل التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن وقف إطلاق النار، والتوافق بشأن خارطة طريق تتوافق عليها كافة الأطراف بشأن الأزمة الليبية”.

 

“سرت” .. كلمة السر!!

وفي الوقت الذي يري فيه مراقبون أن الإمارات تسعي من وراء هذا الهجوم لتوجيه ضربة استباقية لحكومة الوفاق وحليفها التركي في محاولة لثنيهم عن المضي قدما في معارك تحرير مدينة سرت، تتوارد الأنباء عن عزم أنقرة علي استكمال معركة تحرير مدينتي سرت والجفرة وتطهيرها من ميليشيات الإنقلابي حفتر ومرتزقة فاجنر الروسية.

وشهد الأسبوع الماضي تزايداً للحراك الدبلوماسي التركي بشكل لافت، حيث ذكرت صحيفة تركية، أن أنقرة سرّعت من حراكها الدبلوماسي من أجل العملية المرتقبة للجيش الليبي في سرت والجفرة وسط ليبيا.

وأشارت صحيفة “AYDINLIK” في تقرير لها “، للزيارات المكوكية لكل من قائد القوات البحرية التركي عدنان أوزبال الذي زار طرابلس، وتلاها زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ورئيس هيئة الأركان ياشار غولر واجتماعهم مع المسؤولين في حكومة الوفاق.

وتابعت، بأن أكار وغولر، توجها من ليبيا إلى مالطا التي انسحبت من عملية “إيريني” لمراقبة حظر السلاح المفروض على ليبيا، لكنها تواجه انتقادات بأنها تدعم حفتر.

وأضافت أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والوفد المرافق له إلى قطر، تناولت القضية الليبية أيضا ودعم الدوحة لها.

ولفتت إلى تصريحات الرئيس التركي الذي قال، إن الزيارات تأتي في إطار خطة معينة، وأنها للمتابعة عن كثب في ليبيا.

وأوضحت الصحيفة، أن عملية سرت والجفرة، أحد البنود الرئيسية لجدول الزيارات المكثفة الأخيرة، في إطار الاستعداد الدبلوماسي والعسكري.

وأشارت إلى أن الجيش الليبي بدعم تركي، تمكن من السيطرة على مدينتي ترهونة وبني الوليد بشكل متسارع، ولكنها واجهت عوائق أثناء تقدمها في مدينة سرت، ويرجع السبب الرئيس لذلك، هو تواجد المرتزقة الروس “فاغنر” في المنطقة، ونشر روسيا لمقاتلاتها في قاعدة الجفرة.

ولفتت إلى أن أهمية مدينة سرت تكمن في أنها تقع في الوسط بين بنغازي وطرابلس، وتعد طريقا واصلة إلى العاصمة، هذا إلى جانب أنها تسيطر على غرب البحر الأبيض المتوسط بقاعدة بحرية.

وتابعت، بأن المنطقة المفتوحة التي تتجاوز الـ300 كم بين مدينة سرت وقاعدة الجفرة، لها أهمية استراتيجية يجب تأمينها، مشيرة إلى الاعتقاد السائد بأن من يسيطر على سرت والجفرة فإنه يتحكم بكافة البلاد، ناهيك عن الأهمية الاقتصادية كونها تقع على رأس منطقة “الهلال النفطي” التي يتم منها إنتاج نسبة 60 بالمئة من صادرات النفط.

ونقلت الصحيفة عن الخبير الأمني التركي، إسماعيل حقي بكين، أن تركيا كثفت من خطواتها الدبلوماسية قبل عملية سرت والجفرة، مشددا على ضرورة تحييد روسيا.

وأكد الخبير التركي، أن تركيا بخطواتها، أظهرت قوتها الدبلوماسية في ليبيا، وأنها سرعت من حراكها من أجل البدء بعملية سرت-الجفرة.

 واستبعد بكين، قيام الجيش المصري بالتدخل المباشر في سرت، لكنه في الوقت ذاته قال إن النظام المصري قد يقوم بدعم مجموعات إلى جانب حفتر في المعركة المرتقبة، وتعزيز المليشيات والمدرعات والمقاتلات.