في سقوط آخر ورقة توت عن عورة النظام الإماراتي، أعلنت أبوظبي رسمياً عن تطبيعها الكامل والمعلن للعلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، في تطور يراه البعض طبيعيا للممارسات التطبيعية التي اتخذتها الإمارات في الشهور والسنوات القليلة الماضية.
وشهد الخميس الإعلان عن بيان ثلاثي مشترك ضم الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة تم فيه الموافقة على التطبيع الكامل للعلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة.
تطبيع سافر
وجاء الإعلان عن تطبيع العلاقات أولاً علي لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال في تغريدة بموقع “تويتر”: “اختراق ضخم اليوم، اتفاقية سلام تاريخية بين صديقين عظيمين، إسرائيل والإمارات العربية المتحدة”.
وفي سياق متصل، أكد ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية “وام”، أن “الإمارات وإسرائيل اتفقتا على وضع خارطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك وصولا إلى علاقات ثنائية”.
وقالت سفارة الإمارات لدى الولايات المتحدة إن الاتفاق على التطبيع الكامل للعلاقات مع “إسرائيل” “انتصار للدبلوماسية وللمنطقة ويخفف التوتر”.
بينما وصف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو اتفاق السلام بين تل أبيب وأبوظبي بأنه “يوم تاريخي”، وأعاد نشر تغريدة ترامب التي أعلن فيها الأخير عن الاتفاق، مرفقا إياها بالقول إنه “يوم تاريخي”.
وقال نتنياهو إن الاتفاق “يشمل علاقات دبلوماسية كاملة مع الإمارات”، مضيفا “الإمارات ستستثمر في إسرائيل وهو موضوع مهم لاقتصادنا”، ونوه إلى أنه أجرى اتصالات عديدة مع دول في المنطقة من الأفضل أن نسكت عنها حاليا، وقال: “دول عربية وإسلامية كثيرة ستنضم إلى اتفاق السلام الذي توصلنا إليه مع الإمارات”.
ولفت نتنياهو إلى أنه لا يوجد تغيير في سياسات “إسرائيل” تجاه الضفة الغربية المحتلة، وقال إنه ملتزم بتعهداته بفرض السيادة الإسرائيلية على أراضي الضفة، مؤكدا “هذه التعهدات باقية على جدول أعمالي، ولم أوافق على إزالتها”.
وأوضح البيان الثلاثي الذي وقعت عليه كلاً من أمريكا وإسرائيل والإمارات أن وفودا من “إسرائيل” والإمارات العربية المتحدة ستجتمع في الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بالاستثمار، والسياحة، والرحلات المباشرة، والأمن، والاتصالات، والتكنولوجيا، والطاقة، والرعاية الصحية، والثقافة، والبيئة، وإنشاء سفارات متبادلة، ومجالات أخرى ذات المنفعة المتبادلة.
وأردف “سيؤدي فتح العلاقات المباشرة بين اثنين من أكثر المجتمعات ديناميكية في الشرق الأوسط والاقتصادات المتقدمة إلى تغيير المنطقة من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وإقامة علاقات أوثق بين الناس”.
وأكد البيان على أن الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة لديهم ثقة بإمكانية حدوث اختراقات دبلوماسية إضافية مع الدول الأخرى، وستعمل (الدول الثلاث) على تحقيق هذا الهدف.
وأوضح أن تطبيع العلاقات والدبلوماسية السلمية سيجمعان اثنين من أكثر شركاء أمريكا الإقليميين موثوقية وقدرة. وستنضم إسرائيل والإمارات العربية المتحدة إلى الولايات المتحدة لإطلاق أجندة استراتيجية للشرق الأوسط لتوسيع التعاون الدبلوماسي والتجاري والأمني.
وإلى جانب الولايات المتحدة، تشترك إسرائيل والإمارات العربية المتحدة في نظرة مماثلة فيما يتعلق بالتهديدات والفرص في المنطقة، فضلا عن الالتزام المشترك بتعزيز الاستقرار من خلال المشاركة الدبلوماسية وزيادة التكامل الاقتصادي والتنسيق الأمني الوثيق، كما قال البيان
تتويج لجهود سرية
وكشفت صحيفة عبرية عن بعض التفاصيل السرية التي أدت إلى التوصل إلى اتفاق التطبيع بين الاحتلال ودولة الإمارات، الذي أعلن عنه الخميس.
وأكد تقرير نشر بصحيفة “إسرائيل اليوم”، من إعداد أرييل كهانا، أن “تحركات هادئة وعلنية” سبقت الإعلان الرسمي، الخميس، عن “إقامة علاقات بين الإمارات وإسرائيل”.
وأوضح أن “هذا الاختراق جاء بعد سنوات من الجهود السرية التي قادتها المؤسسة الإسرائيلية، وكان هناك خط طويل من خطوات بناء الثقة بين الطرفين”.
وكشف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المتهم بالفساد، “زار في العامين الماضيين على الأقل الإمارات مرتين، كجزء من الاتصالات (السرية) لصياغة الاتفاق”، موضحا أن “الزيارات استغرقت عدة ساعات، وكان يرافقه رئيس مجلس الأمن القومي ومستشاره للأمن القومي، مئير بن شبات”.
وزعم كهانا أن الإعلان عن “البيان المشترك بين إسرائيل والإمارات” جاء بعد أن “وافقت إسرائيل على التخلي (تعليق) لفترة غير محددة من الوقت عن الضم الذي تعهد به رئيس الوزراء”.
ولفت إلى أن “نتنياهو اتصل برئيس “الموساد” يوسي كوهين، وشكره على دوره في صياغة الخطوة مع الإمارات.
وبحسب السفير الأمريكي لدى “إسرائيل”، ديفيد فريدمان، فإن مخطط الضم “معلق”، وقال: “السيادة معلّقة، ولا أريد تحديد إلى متى”.
وبيّن السفير أن “الرئيس ترامب اعترف بفرصة للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والإمارات، وكان علينا أن نقرر أولوياتهما، وكان من المستحيل تنفيذ الأمرين (السيادة والاتفاق) في الوقت ذاته”، مؤكدا أن “هذا اتفاق سلام سيكون ذا أهمية كبيرة لإسرائيل، وينبغي عدم تفويته”.
وفي سياق متصل، أكد موقع “i24” الإسرائيلي أن “بن شبات هو “أمين سر” نتنياهو، ومسؤول عن العلاقات السرية التي تربط إسرائيل بالدول الخليجية، ويعد من المقربين جدا منه”.
وأما عن طبيعة عمله، فأوضح الموقع أنه “مسؤول عن جميع القضايا الخارجية والأمنية، لا سيما العلاقات السرية التي تربط إسرائيل بالدول الخليجية، كما أنه يلعب دورا نشطا، بل ومركزيا، في أكثر المهام حساسية على جدولي الأعمال: الأمني والسياسي”.
تنديد تركي
وفي تنديد رسمي بالاتفاق التطبيعي، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الجمعة، إن بلاده قد تعلق العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، على خلفية اتفاقية التطبيع بين الأخيرة والاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أردوغان في تصريحات لصحفيين: “يمكن أن نتخذ خطوات لتعليق العلاقات الدبلوماسية مع إدارة أبوظبي أو سحب سفيرنا”، مشددا على أن تركيا تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وأضاف: “لم ولن نترك فلسطين لقمة سائغة لأحد أبدا”.
من جانبها أصدرت الخارجية التركية صباح الجمعة بيانا تنتقد فيه بشدة اتفاق الاحتلال الإسرائيلي والإمارات على “تطبيع العلاقات”، معتبرة أن الأخيرة “خانت” بذلك القضية الفلسطينية من أجل “مصالحها الضيقة”.
وشدد البيان، على أن التاريخ، فضلا عن ضمائر شعوب المنطقة، “لن ينسى، ولن يغفر، أبدا، هذا السلوك المنافق للإمارات”، التي قدمت الفلسطينيين “قربانا” لحسابات “سريّة”.
وأكد البيان على أن خطوة الإمارات، التي تأتي في إطار الخطط الأمريكية فاقدة الصلاحية، تتجاهل إرادة الفلسطينيين، فضلا عن كون أبو ظبي غير منوطة بالتفاوض مع إسرائيل نيابة عن الشعب المحتلّ.
أما ياسين أقطاي، مستشار الرئيس رجب طيب أردوغان في رئاسة حزب العدالة والتنمية، فقال: “الخلاصة، الدولة الوظيفية العربية تطبع علاقاتها بعد عقدين من السرية مع الدولة الوظيفية العبرية”.
وأضاف، عبر تويتر: “يقولون وبلا حياء إن التطبيع العربي -العبري لصالح القضية .. أي قضية على وجه التحديد”، وتابع في تغريدة لاحقة: “القضية الفلسطينية هي لب الصراع والحق الفلسطيني لن يعود بالتطبيع الفردي او الجماعي بل بدعم الشعب الفلسطيني “
اقرأ أيضًا: وول ستريت جورنال تكشف كواليس اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل
اضف تعليقا