العدسة – ياسين وجدي:

متهمون عديدون يشاركون في قمة العشرين بالأرجنتين يتقدمه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، على خلفية جرائمه في الحرب الدائرة في اليمن وإشرافه وفق قرائن عديدة في جريمة قتل بلاده للكاتب الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي.

تحديات عديدة ومجرمو حرب أياديهم ملوثة بالدماء، نرصد في هذا التقرير أبرز المتورطين منهم والتحديات التي تلاحق القمة التي فيما يبدو غير مؤهلة لأن تقدم للعالم خارطة أكثر عدالة فيما يؤدي إلى استمرار الدمار والدماء .

المتهم الأخطر !

يتصدر ولي العهد السعودي أبرز المتهمين باستباحة الدماء في القمة التي تعقد تحت حراسة أكثر من 24 ألف شرطي أرجنتيني لضمان أمن القمة بعد عام على قمة هامبورغ التي شهدت أعمال عنف واحتجاج واسع على هامشها.

جرائم الحرب التي تورط فيها اليمن ومقتل “خاشقجي” كان الأبرز في سجل اتهام”بن سلمان“، وهو ما استدعى بعد تقديم منظمة هيومن رايتس ووتش بلاغا موثقا ضده يستند إلى بند خاص بجرائم الحرب في دستور الأرجنتين ، تحرك من القضاء هناك حيث طالب مكتب القاضي الاتحادي الأرجنتيني الأربعاء من وزارة الخارجية الأرجنتينية جمع معلومات من اليمن وتركيا والمحكمة الجنائية الدولية  للحصول على معلومات عن أي قضايا مفتوحة متصلة بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي أو بجرائم الحرب في اليمن.

الرئيس الصيني تشي جينبينغ صاحب أيدي ملوثة كذلك بالدماء ، حيث انحاز إلى بورما في رفض ”تدويل“ قضية مسلمي الروهينجا رغم المذابح المستمرة هناك ، كما يقود  حملة قمع دموية تستهدف أقلية الإيغور المسلمة،في إقليم شينغيانغ الذي كان يعرف سابقا بتركمانستان الشرقية والذي يعاني تحت طائلة القتل خارج إطار القانون والاحتجاز والتعذيب منذ بداية الاحتلال وصولا إلى تحويل المنطقة حديثا إلى معسكرات مفتوحة للاعتقال ، وصلت إلى احتجاز ما يصل إلى مليون أو أكثر من الإيغور وغيرهم من الأقليات العرقية المسلمة في مراكز دون محاكمات.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ثالث المتهمين البارزين في القمة، وقراراته توصف بالدموية ضد المسلمين في إقليم جامو وكشمير المحتل من قبل الهند ، آخرها مواجهات أمنية أسفرت عن قتل 22 مسلما خلال احتجاجات رافضة للاحتلال فضلا عن المواجهات الدائرة ضد المسلحين منهم المقاومين للاحتلال الهندي، وهو ما كشفه تحالف منظمات المجتمع المدني في جامو وكشمير مؤكدين أن  العام 2018 هو أكثر الأعوام دموية منذ العام 2009، ما يبرز تدهور دموية” مودي” في المنطقة ذات الأغلبية المسلمة التي تحتلها الهند بحوالي نصف مليون جندي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كذلك يحل في قائمة المتهمين باستباحة الدماء على خلفية دعمه للديكتاتور السوري بشار الأسد، كما يوصف لدى رئيس الائتلاف السوري خالد خوجة بأنه “مجرم حرب” ، بعد سلسلة المجازر التي ارتكبها “بدم بارد” في مختلف المناطق السورية و خصوصاً الغوطة الشرقية، وهو الوصف كذلك الذي وصفته بها  منظمة العفو الدولية مؤكدة أن روسيا ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الغوطة الشرقية وريف ِحلب وإدلب ودرعا.

ولا يغيب عن القائمة بطبيعة الحال ، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، الذي كان له دور بارز في إراقة الدماء عبر صفقات السلاح المتدفقة إلى المنطقة ، والتي كانت سببا في مطالبة البعض بمحاكمته بعد اتهامه بأنه مجرم حرب، حيث ذهبت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى اتهام “ترامب” بـ”التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب في اليمن”.

تحديات عدة !

تحديات اقتصادية وأمنية عسكرية وأخلاقية تواجه قادة مجموعة العشرين خلال قمتهم في بوينس آيرس منها أزمة بحر أزوف بين أوكرانيا وروسيا، وأبعاد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة ، وحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للقمة.

ويرى كثيرون أن حضور “محمد بن سلمان للقمة يشكل اختبارا أخلاقيا حقيقيا لقادة العالم في أول جولة خارجية له منذ أزمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي ، في ظل المطالبات المستمرة بالإطاحة به وتوقيفه.

وبعيدا عن “بن سلمان” تفرض أزمة  بحر أزوف على أجواء القمة ، في ظل تصعيد عسكري بارز بين روسيا وأوكرانيا على خلفية احتجاز موسكو لثلاث سفن حربية أوكرانية في بحر أزوف منذ الأحد الماضي، وهو ما دفع أوكرانيا إلى رفع حالة الطوارئ بالتزامن مع تهديد “ترامب” بإلغاء لقاء ثنائي مع نظيره الروسي.

ولا يزال الترقب سيد الموقف انتظارا لمصير معاهدة إزالة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى  في ضوء عزم واشنطن الانسحاب منها  حيث يهدد الانهيار التام لهذه المعاهدة بتعطيل معاهدة “ستارت الجديدة” الأمريكية – الروسية للعام 2010 حول التخفيض المتبادل لترسانات الأسلحة النووية الاستراتيجية، وتحديدا الرؤوس الحربية الهجومية، إذ يستحيل تمديدها، ما سيضع العالم أمام سباق تسلح جديد.

المواجهة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية ، ولقاء الرئيس الأمريكي مع نظيره الصيني تشي جينبينغ هو من أبرز الملفات كذلك في ظل التصعيد المتبادل بين البلدين واشتعال الحرب التجارية بينهما ، ومن المرجح بحسب مراقبين عدم التوصل إلى اتفاق ، وبالتالي دخول الحرب التجارية بين البلدين مرحلة تصعيد أخطر من سابقتها، لا بد من أن تؤثر على بقية دول العالم، التي ستواجه خطر تشتت التجارة الإقليمية والعالمية على حد سواء وظهور “ستار حديدي عالمي” وركود اقتصادي طويل بدءً من نهاية 2019 – وبداية 2020.

كما تظل اتفاقية المناخ أبرز التحديات في القمة ، حيث تقود فرنسا مواجهة “حياة أو موت” ، ضد “ترامب” حيث تسعى باريس للدفاع عن الاتفافية في بوينس آيرس قبل أن يفتتح الملف في الثاني من ديسمبر المقبل عند عقد مؤتمر المناخ الكبير في بولندا، في ظل تراشق حاد من الرئيس الأمريكي ضد نظيره الفرنسي على خلفية احتجاج أصحاب السترات الصفراء.

البطالة في ظل التقدم التكنولوجي وتزايد الاعتماد على الآلات والاستغناء عن العنصر البشري، بات بحسب جدول أعمال القمة تحدي كبير، في ظل استطلاع حديث لمركز بيو للأبحاث في واشنطن حول القمة، قال المشاركون فيه أن لديهم حالة من التشاؤم إزاء المستقبل، وكذلك تطرح أزمة تأمين الغذاء نفسها بقوة على القمة في ظل امتلاك دول المجموعة 60 في المئة من الأراضي الزراعية حول العالم و80 في المئة من التجارة العالمية في الأغذية والسلع الزراعية بينما المجاعة تضرب اليمن ومناطق أفريقيا بشكل صارخ .

وبين هذا وذاك يرى مراقبون أن القمة باتت تشكل صورة لغياب الأمل في حسم أي أزمة دولية ، وهو ما رصدته صحيفة “ديلي تليجراف” البريطانية في مقال افتتاحي تحت عنوان “أمل شحيح لمجموعة العشرين” مؤكدة أن القمة السابقة للمجموعة انتهت بصورة شهيرة باتت رمزا على انهيار التوافق العالمي في هذه القمة عندما وقفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تنظر بصرامة وكأنها توبخ ترامب الذي يجلس أمامها مكتوف اليدين.

وتقول الافتتاحية أن القمة التي ستشهدها العاصمة الأرجنتينية لم تظهر أي علامة على أنها ستكون أفضل من سابقتها في ظل حرص ترامب على رفع شعار “أمريكا أولا” وقيادة حرب تجارية، وإحراج الزعماء الأوروبيين وحضور “بوتين” الذي يعد في حكم “المنبوذ” من قبل معظم القادة الأوروبيين فضلا عن وجود ثمة آمال قليلة في انتهاء اللقاء بين الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني بتقليل التوترات ، مستبعدة أن تنتهي التهديدات للسلم والرخاء العالميين في محادثات ودية في الأرجنتين!.