يبدو أن قمة تونس وفق مؤشرات عديدة رصدها “العدسة” ستتمخض وتولد بياناً!..

ويبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيمضي بعد هذه القمة في مخططاته كما هي سواء اغتصاب مزيد من الأراضي والحقوق سواء بإعلانات أو عبر صفقة القرن المزعومة..

وبناء عليه يعول كثيرون على أن الشعوب هي من ستواجه الأخطار الصهيوأمريكية بآلياتها المتاحة حتى حين.

تحديات كثيرة!

تواجه القمة التونسية التي تحمل الرقم (30) تحديات كثيرة أبرزها بحسب المراقبين القرارات المتتابعة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصفقة القرن المزعومة وتوابع الحصارات التي قادها المحور السعودي الإماراتي في المنطقة ضد الربيع العربي واستقلال قرارات الدول.

“ترامب” لم يعطي فرصة للقمة أن تمر مر الكرام ، فقد أصدر قبلها قراره المشبوه باعتبار الجولان أرضا تحت السيادة الصهيونية ، وسط تخوف لبناني من إمكانية إعلان ترامب سيادة الكيان الصهيوني على مزارع شبعا وتلال كفر شوبا ، و حديث فلسطيني عن احتمالية ضم الضفة الغربية للسيادة الصهيونية بعد أن اعترف “ترامب” في وقت سابق بسيادة دولة الاحتلال الصهيوني على القدس.

في نفس السياق ألقى جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالكرة في ملعب العرب والقمة ، حين أعلن ملامح خطة السلام المزعوم بمنطقة الشرق الأوسط في  25 فبراير الماضي والتي اتضح تركيزها على “ترسيم الحدود” وتقديم تنازلات مجحفة لصالح الكيان الصهيوني خاصة بشأن وضع مدينة القدس المحتلة، وحق عودة اللاجئين، و ما زاد الطين بلة أن التسريبات تتحدث عن إعلان تفاصيل صفقة القرن بعد الانتخابات العامة المقررة في الكيان الصهيوني في 9 أبريل المقبل ، ما يعني أن القمة بحسب البعض باتت في “خانة اليك” ومطالبة بإصدار موقف.

كما تأتي القمة كذلك بعد شهر من حديث السلطة الفلسطينية المنتهية ولايتها عن استيلاء الكيان الصهيوني ، على نحو 139 مليون دولار (سنويًا) من عائدات الضرائب (المقاصة)، كإجراء عقابي على تخصيص السلطة الفلسطينية جزءًا من تلك الإيرادات لدفع رواتب للمعتقلين وعائلات الشهداء، وبالتزامن مع حصار جائر متصاعد ضد قطاع غزة مرشح للانفجار في الفترات المقبلة .

ولازالت توابع حصار انتفاضات الربيع العربي حاضرة، حيث من تفرض التطورات في سوريا وليبيا واليمن نفسها على  القمة  فيما غابت انتهاكات حقوق الإنسان والقمع المتزايد في مصر والسعودية والامارات والبحرين عن القمة ، فضلا عن بدء حراك الشعوب فيما صنف بالموجة الثانية للربيع العربي في الجزائر.

كما يشكل حصار قطر تحديا كبيرا أمام قمة تونس التي استبشر مسؤول دبلوماسي تونسي  بإمكانية التصدي لها ، وهو ما دفع البعض إلى التفاؤل الحذر من إمكانية تحقيق كسر مبدئي للحصار ووضع أفق للحل ، غير أن هذا يبدو بعيدا ليظل التحدي قائماً طبقا لمحللين .

“طق حنك”!

رسميا أعلنت تونس أمام كل هذه التحديات وغيرها ” مواقف كلامية ” مؤكدة أن اجتماعات القمة ستشهد مناقشة تطورات الأوضاع فى المنطقة العربية، وكيفية العمل على المضي قدما فى تدعيم مسيرة العمل والتعاون العربي المشترك فى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يحقق الأولويات العربية فى هذه المجالات، ويسهم فى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية للدول والشعوب العربية، ويعزز الجهود الجارية لمواجهة التحديات المشتركة غير المسبوقة التي تواجهها المنطقة خلال الفترة الدقيقة الحالية.

و رغم أن المتحدث باسم القمّة العربية المقررة في تونس، محمود الخميري كشف عن إجراءات عملية منها وجود اتّفاق على تفعيل شبكة الأمان المالي العربية لفلسطين ودعمها بـ100 مليون دولار شهريا إلا أن القرار موجود في أدراج الجامعة العربية منذ 2010 دون تفعيل ولا يتوقع تفعيله في ظل أزمات اقتصادية حادة بالمنطقة.

ويبدو أن نصيب فلسطين سيكون بحسب “الخميري” هو ” البيان” حيث أوضح أن “القضية الفلسطينية ستنفرد ببند مهم في إعلان تُونس (البيان الختامي للقمة)، كما سيجري التأكيد على خيار السلام، ومبدأ حل الدولتين ودعم النازحين سواء في دولهم أو في الدول المضيفة.

وحول سوريا أكد أن التوافق العربي منصب على تسريع الحل السياسي في سوريا في ظل عدم وجود اتفاق على عودة النظام السوري إلى مقعد سوريا في الجامعة العربية، فيما كشف عن أن القمة العربية ستبعث برسائل لليبيين، بأن بقاء القضية الليبية دون حل يشكل خطرا على دول الحوار وعلى الأمن العربي.

وفي إطار المزيدات الكلامية المتوقعة كشفت منصات سعودية عن أن هناك محاولات أخرى من التحالف السعودي والاماراتي للتحريض ضد تركيا وايران على خلفية مزاعم بانتهاك القوات التركية للسيادة العراقية، والتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وهو ما يحمل المؤتمر مزيدا من “طق الحنك” كما يقول أهل الشام.

آمال بلا واقع

المثير أنه رغم تلك العوائق يرصد المراقبون حركة تونسية غير عادية لتحقيق النجاح، حيث يرى مراقبون موالون لها أن النجاح في تنظيم هذه القمة في هذا الظرف الدقيق سيكون بمثابة شهادة نجاح على بداية تعافيها الأمني والسياسي وحتى الاقتصادي، كما سيكون لمواقفها الهادئة التي تدفع نحو ترسيخ تضامن عربي قوي دور في رسم وعي جديد يقوم على قاعدة المصالح المشتركة.

وهو ما يفسر التنقل الكثيف لمبعوثي الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، بين الدول العربية بإيقاع سريع ومتواتر في الأيام الأخيرة، لبحث مختلف وجهات النظر بشأن عدد من الملفات، ونقلها إلى مختلف الفرقاء، في محاولة لتحقيق حد أدنى من التوافق قبل القمة، يضمن نجاحها الإعلامي على الأقل طبقا لرغبة شخصية من الرئيس التونسي في تحقيق إنجاز شخصي تاريخي، على غرار الرئيس الراحل، الحبيب بورقيبة، من دون إسقاط العامل الداخلي المهم قبيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية نهاية العام الحالي.

ورغم كذلك لازالت توقعات المراقبين دون المستوى المأمول تونسيا ، في ظل المشهد الحالي والمطروح رسميا والتحديات الموجودة ، حيث يؤكدون اصطدام الحسابات التونسية بالواقع العربي والدولي، وهو ما ظهر في الملف السوري وحصار قطر ، فاستمرار “بشار الأسد” ومعطيات الأزمة السورية الراهنة ، وكذلك عدم وجود رغبة حقيقية لدى دول معسكر الحصار بإنهاء الأزمة الخليجية أحبطا محاولات الرئيس التونسي في تحقيق نجاحين في هذين المسارين على وجه التحديد خاصة في ظل الخطوط الحمراء الأمريكية التي ترى أن استمرار الأزمة الخليجية يعمل لصالحها في جوانب صفقات السلاح وتحصيل مكاسب مالية من كل الدول المتصلة بالأزمة الخليجية.

ويرى محللون أن ليس هناك ثمة موقف قوي في الملف الفلسطيني ضد “ترامب” في ظل المطروح خاصة أن المجلس الوزاري للجامعة العربية المنعقد في القاهرة مؤخرا أدرج 20 مشروعاً على جدول أعمال القمة تشكل نسخة طبق الأصل عن القمة السابقة وتتصدرها الموضوعات التي يثيرها ترامب ضد إيران وما يسميه مكافحة الإرهاب، ويذهبون بناء على ذلك إلى أن تكون القمة إجراء معتاد لتوطيد أواصر التبعية للولايات المتحدة.

موقف الشعوب!

وفي المقابل يعول المراقبون على خيارات الشعوب في مواجهة قرارات الرئيس الأمريكي وحلفائه في المنطقة الذين يدعمون الاستبداد والقمع، وفي مقدمتها الانتفاضات الشعبية والتي تبرز في كثير من التحليلات في الفترة الأخيرة وتتجسد مقدمتها في الجزائر.

كما يطرح البعض إحياء الشعوب لملف مقاومة التطبيع والمقاطعة الاقتصادية للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة الصمت الرسمي وعدم القدرة على التصدي والتحدي فيما طرح البعض التحرك في مسار سحب مبادرة السلام العربية والتي يبدو أنها لن تلقى اهتماما في ظل التأكيد الرسمي عليها.

وفي هذا السياق عبر النائب التونسي “عماد الدايمي” عن موقف شعبي تونسي رافض لحضور “قتلة الشعوب ومدبري الانقلابات” وعلى رأسهم رئيس نظام الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي، وسجل دعما كبيرا لتحرر الشعوب.