شهد عام 2024 في الإمارات استمرارًا للقمع الداخلي الممنهج ضد الناشطين والمطالبين بالإصلاح. تجلى ذلك في محاكمة عشرات المواطنين ضمن القضية المعروفة إعلاميًا بـ”الإمارات 84″، التي وصفتها منظمات حقوقية بأنها انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
ورغم الادعاءات المتكررة من النظام الإماراتي بنشر ثقافة التسامح، فإن الوقائع تكشف عن ممارسات تناقض هذه الادعاءات، بما في ذلك قمع احتجاجات العمالة البنغلادشية، ومحاكمة معتقلي الرأي لفترات تصل إلى المؤبد.
لم تقتصر الانتهاكات على المحاكمات الجائرة؛ بل رافقتها تقارير عن تعذيب المعتقلين وعزلهم عن العالم الخارجي، واستخدام تهم جديدة كـ”غسيل الأموال” لترهيبهم.
هذا التصعيد الحقوقي قوبل بانتقادات منظمات دولية كـ”هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية، التي وصفت المحاكمات بأنها استهزاء بالعدالة. كما أكد خبراء أمميون أن محاكمة هؤلاء تنتهك الحظر الدولي على المحاكمة المزدوجة.
تواطؤ خارجي وتأجيج الصراعات
على الصعيد الخارجي، لعبت الإمارات دورًا بارزًا في زعزعة استقرار المنطقة، بدءًا من السودان، حيث وجهت اتهامات مباشرة لأبوظبي بدعم قوات الدعم السريع في صراعها مع الجيش السوداني. هذه الممارسات أثارت استياءً شعبيًا ورسميًا، ما أدى إلى إلغاء السودان اتفاقيات شراكة مع الإمارات.
في فلسطين، استمرت الإمارات في تعزيز علاقتها مع الاحتلال الإسرائيلي، متحدية الغضب العربي والإسلامي. لم تكتفِ أبوظبي بدعم الاحتلال سياسيًا واقتصاديًا، بل صمتت عن مجازره في غزة، في وقت شهد فيه القطاع إبادة جماعية وفرض مجاعة على سكانه. تصريحات المسؤولين الإماراتيين، وعلى رأسهم أنور قرقاش، أكدت استمرار العلاقات مع إسرائيل، رغم الجرائم الوحشية المرتكبة.
كذلك لم تخلُ ساحة العام المنصرم من فضائح دولية مرتبطة بأبوظبي، أبرزها قضية وكالة “ألب سيرفس” التي استخدمت للتجسس على ناشطين ومعارضين في أوروبا، إلى جانب تهريب الذهب من أفريقيا عبر دبي، ما كشف عن شبكة فساد مالي واسعة. كما تعرض النظام الإماراتي لانتقادات حادة بسبب استغلال سوق العقارات في دبي لإخفاء الأموال غير المشروعة، ما أثار قلقًا دوليًا بشأن دور الإمارات في غسل الأموال.
في الوقت ذاته، واصلت أبوظبي التضييق على الفلسطينيين والمناصرين للقضية الفلسطينية داخل البلاد وخارجها، بما في ذلك مراقبة المقيمين العرب وتضييق الخناق عليهم. هذه السياسات تعكس استراتيجيتها للقضاء على أي صوت معارض لسياساتها الداخلية والخارجية، وسط صمت دولي مريب.
أهم الأحداث بـ 2024
- 3 يناير: أعلن المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة، أنور قرقاش، موقف الإمارات الرافض لقطع العلاقات مع إسرائيل رغم استمرار المجازر الوحشية في قطاع غزة. تصريحات قرقاش أثارت موجة غضب في الأوساط الحقوقية العربية والإسلامية.
- 6 يناير: قرر النائب العام إحالة 84 إماراتيًا، بينهم أكثر من 60 معتقل رأي ممن انتهت محكومياتهم، إلى محكمة أمن الدولة. هذه الخطوة أثارت استياءً عالميًا، ووصفتها المنظمات الحقوقية بأنها محاولة لاستمرار التضييق على المعارضين.
- 8 يناير: أكد مركز “مناصرة معتقلي الإمارات” أن قضية “الإمارات 84” أصبحت علنية نتيجة الضغوط الكبيرة من المنظمات الحقوقية الدولية.
- 11 يناير: انعقدت جلسة محاكمة جديدة لأعضاء “الإمارات 84″، حيث أضافت السلطات إليهم تهمة “غسل الأموال”. خلال الجلسة، تم تسريب تقارير عن تعرض المتهمين للتعذيب والعزل عن العالم الخارجي.
- 20 يناير: أبدى خبراء أمميون قلقهم من الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي في محاكمة “الإمارات 84”. وأكدوا أن التهم الجديدة تمثل انتهاكًا صارخًا للحظر الدولي على المحاكمة المزدوجة.
- 5 فبراير: وصفت منظمة العفو الدولية المحاكمات الجارية ضد معتقلي “الإمارات 84” بأنها استهزاء كامل بالعدالة، ووجهت دعوة للإمارات لاحترام حقوق الإنسان.
- 8 فبراير: أُعلن أن أعضاء “الإمارات 84” هددوا بالإضراب عن الطعام احتجاجًا على استمرار الانتهاكات داخل المعتقلات.
- 12 فبراير: ناشدت أربع منظمات حقوقية عالمية الأمم المتحدة والدول الأعضاء والاتحاد الأوروبي الضغط على الإمارات لإسقاط الاتهامات الموجهة ضد المتهمين في القضية.
- 18 فبراير: أُجلت محاكمة أعضاء “الإمارات 84” إلى شهر مارس، حيث أعلنت المحكمة الحاجة إلى مزيد من الوقت للاستماع إلى مرافعات المحامين.
- 22 فبراير: أصدرت “هيومن رايتس ووتش” تقريرًا اتهمت فيه الإمارات باستخدام قوانين مكافحة الإرهاب كسلاح لقمع المعارضة السياسية والنشطاء الحقوقيين في الداخل والخارج.
- 7 مارس: انعقدت الجلسة السابعة لمحاكمة أعضاء “الإمارات 84″، والتي شهدت سابقة خطيرة حيث تمت مناداة المتهمين بأرقام بدلًا من أسمائهم، ما أثار انتقادات واسعة بشأن معاملة المعتقلين.
- 12 مارس: أرسلت الأمم المتحدة رسالة شديدة اللهجة إلى الإمارات تنتقد فيها استخدام التعذيب والمعاملة القاسية لانتزاع اعترافات قسرية من المتهمين.
- 25 مارس: أدان مقرر أممي محاكمة “الإمارات 84″، وأكد أنها تفتقر إلى قضاء مستقل، داعيًا إلى إسقاط التهم المتعلقة بالإرهاب عن المتهمين.
- 3 أبريل: أعادت الأمم المتحدة فتح ملف وكالة “ألب سيرفس”، وهي شركة سويسرية قامت بأنشطة تجسس نيابة عن الإمارات لتشويه صورة الإسلاميين في أوروبا.
- 25 أبريل: شهدت الجلسة التاسعة لمحاكمة “الإمارات 84” ظهور المتهمين في حالة صحية سيئة، مما أثار المزيد من القلق الدولي بشأن معاملتهم.
- 3 مايو: أصدرت منظمة “مراسلون بلا حدود” تقريرًا يظهر تراجع الإمارات 15 مركزًا في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2024.
- 10 مايو: حُدد العاشر من يوليو موعدًا للنطق بالحكم في قضية “الإمارات 84″، وهو ما اعتبره مراقبون استكمالًا للسياسات القمعية ضد حرية التعبير.
- 12 يونيو: أرسلت منظمات حقوقية دعوات للإمارات لإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان، مع تركيز خاص على قضية “الإمارات 84”.
- 10 يوليو: أصدرت محكمة أبوظبي أحكامًا بالسجن المؤبد على 43 معتقل رأي، فيما تلقى آخرون أحكامًا تتراوح بين 10 و15 عامًا. أثارت هذه الأحكام موجة استنكار واسعة من قبل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.
- 11 يوليو: أكدت وكالة “أسوشييتد برس” أن المحكمة الإماراتية لم تقدم أي دليل ملموس يدين المتهمين.
أغسطس: تضييق على مناصري فلسطين
- 13 أغسطس: نشرت مواقع عربية شهادات عن ملاحقة الإمارات للمناصرين للقضية الفلسطينية من الفلسطينيين والعرب، حيث واجهوا التضييق والتحقيقات.
- 12 سبتمبر: قدمت بعثة السودان إلى مجلس الأمن وثائق تثبت وجود مدرعات إماراتية مع مليشيات الدعم السريع.
- 29 سبتمبر: تصاعدت الاتهامات المتبادلة بين السودان والإمارات، حيث اتُهمت أبوظبي بدور مشبوه في تأجيج الصراع.
- 10 أكتوبر: أقامت الإمارات حفل وداع لسفير الاحتلال الإسرائيلي السابق أمير حايك، مما أثار استياءً واسعًا في الأوساط العربية.
- 3 نوفمبر: ألغت الحكومة السودانية اتفاقية شراكة مع الإمارات لإنشاء ميناء على البحر الأحمر، بعد اتهامات بدعم أبوظبي للمليشيات المسلحة.
- 10 ديسمبر: تصاعدت دعوات حقوقية للكشف عن مصير معتقلي الرأي، وسط تقارير عن تعرضهم لانتهاكات جسيمة داخل السجون الإماراتية.
- 15 ديسمبر: اتُهمت الإمارات باحتجاز عشرات السائقين اليمنيين لسنوات دون محاكمات، مما أثار استنكارًا حقوقيًا دوليًا.
الخلاصة لم يكن عام 2024 بالنسبة للإمارات سوى امتداد لسياسات قمعية تهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة داخليًا، مع استمرار لعب دور سلبي في تأجيج الأزمات الإقليمية. وبرغم محاولات النظام الإماراتي تحسين صورته، فإن الحقائق على الأرض تكشف عن تدهور خطير في سجل حقوق الإنسان والحريات.
اقرأ أيضًا : 2024.. عام الإعدامات وارتفاع وتيرة القمع بالسعودية
اضف تعليقا