في تطور لافت أعلن تحالف 2M المكون من خط ميرسك الحاويات وخط MSC، أكبر خطين ملاحيين فى العالم، تحويل مسار سفن تابعة له، لرأس الرجاء الصالح كخط بديل لـ قناة السويس للمرور بين أسيا وأوروبا.
يأتى ذلك بعد إعلان خط CMA- CGM الفرنسى مطلع أبريل الماضى عن تحويل خط سير سفينة واحدة لطريق رأس الرجاء الصالح، بهدف خفض تكاليف التشغيل لأن الإبحار لمسافات أطول أصبح أرخص بعد انخفاض أسعار الوقود، بعد احتساب رسوم عبور قناة السويس.
وتمثل الخطوط الثلاثة أكثر من 26.5% من إجمالي حجم التجارة، وتم دمج غالبية خدمات خطى ميرسك وإم سى إس فى تحالف «2M».
ويري محللون أن هذه الخطوة ستؤثر سلبا ًعلي إيرادات قناة السويس التي أجرت تخفيضات قبل أسبوع واحد فقط تراوحت بين 17% و75% فى رسوم عبور سفن الحاويات القادمة من شمال غرب أوروبا والمتجهة إلى الشرق الأقصى يستهدف تحالف “ميرسك وإم سى إس”، وكذلك حاويات الشرق الأمريكي، لكن دون فائدة.
فنكوش التفريعة
وبعد مرور ما يقارب 5 سنوات علي إنشاء السيسي لمشروع “تفريعة قناة السويس”، مازال المصريون يتساءلون عن جدوى هذا المشروع الذي دفعوا فيه 64 مليار جنيه، وماذا حقق لهم، خاصة وقد وعدهم السيسي وإعلامه ومسؤوليه بأن تدر القناة الجديدة 100 مليار دولار سنويًا، على لسان مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس آنذاك.
قصوه من 10 إلى الآخر
ليست هذه هي المبالغة الوحيدة في تصريحات مميش، فقد وعد بأن دخل القناة سوف يرتفع من 5.3 مليارات دولار في 2015 إلى 13.2 ملياراً في 2023.
حيث أظهرت بيانات حكومية رسمية تراجع إيرادات قناة السويس المصرية من 5.17 مليارات في عام 2015، إلى 5 مليارات فقط في عام افتتاح التفريعة 2016، ثم ارتفع بشكل طفيف في 2018 إلى 5.7 مليارات دولار بسبب ارتفاع أسعار النفط وعودة السفن العملاقة للمرور في القناة بدلاً من رأس الرجاء الصالح، لكن تلك الزيادة بعيدة جداً عن حدود 100 مليار.
وفيما يتعلق بعدد السفن التي تمر من القناة يومياً فقد كان قبل افتتاح التفريعة 54 سفينة، وبعدها لم يرتفع عن ذلك، بل انخفض في بعض الأيام، عدا اليومين اللذين أعقبا الافتتاح فقد وصل فيهما إلى 63 و65 سفينة.
ويتلاعب رؤساء هيئة السويس في أرقام عوائدها، منذ تولّي السيسي الحكم عام 2014، من خلال تقييم العوائد بالجنيه (العملة المحلية) بدلاً من الدولار تارة أو تحويل العوائد من الجنيه إلى الدولار مع نهاية العام تارة أخرى، لا سيما أنّ نهاية عام 2019 شهدت أقل سعر للدولار مقابل الجنيه، منذ قرار تحرير سعر الصرف قبل نحو ثلاث سنوات.
ويرجع المحللون سبب الخسارة إلي ضخامة المبلغ المقترض بالعملة الأجنبية، 1.4 مليار دولار، وهو ما كان يساوي 15 مليار جنيه مصري تقريباً في وقت ذروة أزمة الاحتياطي الأجنبي، فضلاً عن شهادات استثمار بقيمة 60 مليار جنيه، في حين لم تكن هناك أية مبررات لضغط التنفيذ في عام واحد والاستعانة بشركات أجنبية للإسراع في التنفيذ، حيث تعمل القناة أصلاً بنحو 60% فقط من طاقتها.
وقد تغيّرت تصريحات السيسي وإعلامه عن المشروع ، حيث أن الهدف لم يكن اقتصادياً، بل لرفع الروح المعنوية للمصريين وإقناعهم بقدرتهم على العمل، وفقاً لتصريحات السيسي في لقاء إعلامي عام 2016.
كورونا يعقد الأزمة
وتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير سابق له، أن تتراجع إيرادات قناة السويس المصرية بسبب أزمة وباء كورونا وتداعياته على حركة التجارة العالمية.
وقد قررت هيئة قناة السويس أكثر من مرة، تخفيض رسوم العبور لناقلات الغاز الطبيعي المسال المحملة والفارغة، التي تعمل بين الخليج الأمريكي وموانئ ومناطق الخليج العربي والهند، بنسب تتراوح بين 30 – 50%، كما سبق وأن منحت القناة في عام 2016، تخفيضات لناقلات النفط وسفن الحاويات القادمة من الساحل الشرقي الأمريكي، والمتجهة مباشرة إلى منطقتي جنوب وجنوب شرق آسيا عبر القناة.
ومنذ تفشي فيروس كورونا، انهارت السياحة، وهوت أسعار الغاز الطبيعي، وتهددت تحويلات العاملين في الخارج مع تراجع إيرادات النفط بدول الخليج، حيث يعمل عدد كبير من المصريين.
وجراء انتشار الفيروس، انكمشت أنشطة القطاع الخاص غير النفطي في مارس/ آذار بأسرع وتيرة منذ يناير كانون الثاني 2017، بعد فترة وجيزة من تطبيق مصر إجراءات تقشف يدعمها صندوق النقد الدولي بحسب مؤشر آي.اتش.اس ماركت لمديري المشتريات بمصر، ما ينذر بفقدان الدولة مليارات الدولارات خلال الأشهر المقبلة.
وقالت وكالة “رويترز”، إن فيروس “كورونا” تسبب في خفض توقعات نمو الاقتصاد في مصر للعالم الحالي، وأوضحت أنه من المتوقع أن ينمو اقتصاد مصر بنسبة 3.5% في السنة المالية، التي تبدأ في تموز/ يوليو، انخفاضا من 5.9% التي توقعها اقتصاديون قبل ثلاثة أشهر فقط قبل اجتياح فيروس كورونا للعالم.
ووفق خبراء، فإن فيروس كورونا يهدد بالتخلف عن سداد الديون التي من المقرر أن تسددها مصر خلال العام الجاري تتجاوز الـ18.6 مليار دولار، بعد إصابته قطاعات حيوية تمثل المورد الرئيسي للنقد الأجنبي للدولة، التي فتحت باب الاقتراض على مصراعيه منذ وصول السيسي إلى الحكم قبل نحو ست سنوات، رغم التحذيرات المتزايدة من خطورة الاقتراض غير المحسوب.
وهكذا فإن إعلان خطوط ملاحية كبرى تحويل مسار سفنهم إلى طريق رأس الرجاء كمسار بديل عن قناة السويس يزيد من تعقيد المشهد فيما يخص الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تعيشه البلاد ، مما يطرح أسئلة متكررة عن جدوي المشاريع الفاشلة التي ينفذها السيسي ويعد المصريين أرباحا طائلة ثم يحنث بقسمه كعادته.
اقرأ أيضاً: ضربة قاصمة للسيسي.. أكبر خط ملاحي يعلن مغادرة قناة السويس لرأس الرجاء الصالح
اضف تعليقا