العدسة – ياسين وجدي:

شعارها “أن تعرف أكثر” ، ولكن تخصصها بارز في نشر الفضائح الجنسية وإثارة الغرائز وتزوير الوعي العربي والتطبيع مع دولة الاحتلال الصهيوني “إسرائيل” ولن تجد المزيد.

“العدسة” يرصد جانب من السقوط المدوي للقناة في الفترات الأخيرة والتي تتوافق مع رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في رسم صورة مملكته القائمة على ثالوث واضح هو الجنس والترويج للكيان الصهيوني والفشل الاقتصادي.

الجنس أولا !

كان يمكن للقناة أن تتوقف عند خبر اتهام البرتغالي كريستيانو رونالدو، مهاجم يوفنتوس الإيطالي، في مزاعم الاغتصاب التي ادعتها كاثرين مايورغا، عندما قالت إن أفضل لاعب 5 مرات في العالم اغتصبها في غرفة فندق ولم يكترث بتوسلاتها، لكن الأمر خاضع لاستراتيجية تستهدف ترويج الجنس في صدارة القناة، التي ذهبت سريعا لعرض “الفضائح الجنسية التي لاحقت مشاهير الرياضة قبل رونالدو” .

 

الفضائح الجنسية مادة ثابتة في القناة وموقعها الرسمي ، وفي فبراير الماضي نشرت تقريرا مصورا بعنوان ” الفضائح الجنسية تطال أطباء بلا حدود” ، وفي ديسمبر 2017 نشرت تقريرا ركز على ذات العنوان ولكن لشخصية أخرى هو جوزيف بلاتر رئيس الفيفا السابق : ” الفضائح الجنسية تطال بلاتر.. لاعبة شهيرة تكشف قصة تحرشه بها “.

وكان يمكن أن تمر قصة أنتوني وينر، السياسي السابق والمدان بجريمة جنسية مرور الكرام أو باقتضاب في شاشات ومنصات أخرى ، ولكنها أبرزت القصة تحت عنوان مثير في نوفمبر 2017 هو ” قصة “الرجل المتعري” من الكونجرس إلى السجن”.

” أشهر الفضائح الجنسية التي أطاحت بسياسيين أميركيين” كان عنوانا آخرا في سياق الاستراتيجية الإعلامية للقناة التي تضع الجنس في المقدمة ، كما يبرز التوجه في الموقع الرسمي للقناة كذلك ، حيث استضاف إعلانات جنسية مثيرة لإحدى شركات التسويق الإلكتروني وعرضها في جانب مميز من الموقع .

ورصد مراقبون ترويج القناة لقصص الدعارة والرذيلة والشذوذ الجنسي، وما أسموه ” بناء ثقافة جنسية قذرة في وعي المراهقين العرب من الجنسين” تحت تأثير الإفراط في تناول قصص وأخبار تتعلق بالفضائح الجنسية والشذوذ الجنسي بغرض “حب إشاعة الفاحشة” في المجتمعات العربية، وترويج الرذيلة والتبشير بتفشي الشذوذ الجنسي في المجتمعات العربية والإسلامية، بالتزامن مع صور متداولة لقبلات ساخنة في استديو القناة أثناء البث المباشر لها.

ومن أبرز العناوين المرصودة في تقارير القناة وموقعها الرسمي:” الأسبان: ممارسة سريعة للجنس لكنهم راضون،  “خلطة العريس” تدير الرؤوس.. الهوس الجنسي العربي يثير النعرات الوطنية، خلطة العريس أصابت يمنيين بالهستيريا الجنسية.. ولجوء زوجاتهم للقضاء، ابتكار أساليب جديدة لمواجهة “فض البكارة” قبل الزواج، دراسة علمية تقترح أن مثلية الجنس فطرية وليست وليدة الخبرة، باكستانية تتعرض لاغتصاب جماعي بموافقة عريسها وأسرته”.

أحضان “إسرائيل”

وللقناة سوابق في مساندة الاحتلال الأمريكي للعراق، ثم وقوفها في الاتجاه المعاكس للمقاومة اللبنانية في حرب 2006م، ثم الارتماء في أحضان الكيان الصهيوني بشكل كامل ومثير للاستهجان بفضل تعليمات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الجديدة .

كانت الفضائح أكثر فجاجة، في 27 سبتمبر 2009 ، عندما رصد مراقبون سقوط قناة العربية في تبني الروايات الصهيونية في اقتحام المسجد الأقصى، بطريقة مستفزة لمشاعر العرب والمسلمين، عندما اقتحمت مجموعات صهيونية متطرفة ساحات المسجد الأقصى، واعتدوا على المصلين فيه، ثم جاء الخبر تحت عنوان (قبيل عيد الغفران المقدّس عند اليهود.. إسرائيل تحتوي صدامات بين فلسطينيين ويهود حاولوا اقتحام الأقصى).

وفي هذا الإطار رصد متابعون للشأن الفلسطيني الفارق بين مصطلحات الكتابة في قناتي “الجزيرة” و”العربية” في تغطية العدوان الصهيوني على غزة؛ حيث تسمى قناة العربية التي يطلق النشطاء عليها ” العبرية” شهداء القطاع بالقتلى، وتصف “العدوان الصهيوني” بـ”الهجوم”، وصمود القطاع بـ”ورطة غزة”، وتستبدل ضرب المساجد بعبارة استهداف موقع قريب من المساجد، وبينما تصف قناة الجزيرة استهداف المدنيين العزّل في بيوتهم بأنه “عدوان على الأبرياء العزل “تصنفه قناة العربية بأنه “هجوم على (منزل لقائد قسامي)، وبينما تسمي “الجزيرة ” القصف الجوي على الجامعة الإسلامية بأنه “استهداف للجامعات الإسلامية” تسميه قناة العربية بأنه “هجوم على موقع لصناعة المتفجرات”!!

وفي العدوان على قطاع غزة في العام 2014، واصلت قناة العربية السقوط، ورصد مراقبون  استخدام القناة وصف “المواجهات المفتوحة في غزّة”، في نشراتها، ووصفت الشهداء بـ”القتلى”، حتى إنها بدت وكأنها تجاهلت تحدي المقاومة للاحتلال وإخطاره إياه بأنها ستقصف تل أبيب عند التاسعة مساء، فلم تنقل الحدث مباشرةً، وإنما نقلته في سياق نشراتها، فيما عنونت نشرتها التالية: “إسرائيل سترد على مصادر القصف الصاروخي على تل أبيب”، وهو ما اعتبره مراقبون مشاركة في العدوان على غزة ودعمًا للإعلام الصهيوني.

 

ومؤخرا أعلنت قناة العربية فضيحتها الكبرى على الملأ، وبثت فيلمًا وثائقيًّا من جزءين حمل اسم “النكبة عرضت فيه رواية “إسرائيل” الكاذبة حول احتلال فلسطين وتشريد الشعب الفلسطيني في الشتات، وأفردت مساحة كبيرة عبر فيلمها لمؤرخين “إسرائيليين” كبار؛ نشروا كل الأكاذيب الممكنة لتشويه حقيقة النكبة الفلسطينية، وأغفل الفيلم الوثائقي عشرات المذابح التي قامت بها العصابات الصهيونية عام 48، وما تخلّلها من مجازر، فيما شارك في الفيلم الشاعر الصهيوني حاييم غوري، الذي أدلى باعترافات سابقة له بأنه شاهد زملاء له من لواء المظليين يقتلون عجائز احتموا بمسجد في بئر السبع في يوليو 1948.

المركز الفلسطيني لمقاومة التطبيع وصف قناة العربية بأنها شاشة تصر على تزييف الحقائق التاريخية التي تتعلق بنشأة الكيان الصهيوني، والتطبيع المجاني، مشددا في بيان له على أن “تاريخ القضية الفلسطينية تاريخ حاضر وواضح، ولن تنجح قناة العربية ولا غيرها في تزييف وقائع التاريخ”.

مملكة بن سلمان !

ولكي نفهم لماذا تفعل قناة العربية ذلك ، نقف مع المراقبين أمام ملامح المملكة العربية السعودية في نسختها الجديدة القائمة على “إسرائيل” و”الجنس” و”المعاناة الاقتصادية” ، وهو ثالوث يؤسس له بطريقة ممنهجة من فريق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وأحيانا يكون سببا فيه.

ديفيد بولوك الخبير البارز في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ، المقرب من دوائر صنع القرار في واشنطن أكد بناء على ملاحظات ميدانية في زيارة مؤخرا للمملكة وجود تحولات معينة في سلوكيات على الأقل بعض الشخصيات السعودية ذات النفوذ تجاه “إسرائيل”، وتجاه اليهود على نطاق أوسع، وهو صدى وفق ما هو مرصود لما أعلنه أكد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في حواره  مع مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية  أن بلاده تتقاسم المصالح مع إسرائيل، لافتا إلى أنه حال التوصل إلى سلام في المنطقة، فإنه سيكون “الكثير من المصالح بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي”.

الجنس كذلك بات ذات أهمية كبرى في أجندة بن سلمان وبالتالي قناته العربية  ، وشهدت المملكة في الفترة الماضية حملات متتالية ومقاطع فيديو تتعامل مع جسد المرأة من زواية الجنس ، يتم تدوالها بطريقة ممنهجة وفق مراقبين وناشطين ، وآخرها فيديو انتشار لـ “​شابة سعودية​ ” وهي تخلع ملابسها وتتعرى أمام الكاميرا بشكل جنوني على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تداوله تحت عنوان “موظفة تتعرى أمام الكاميرات” ليصبح الأكثر مشاهدة ، وهو انتشار لاقى تغطية واسعة من المواقع المحسوبة على النظام السعودي ولم يصدر بشأنه تصريحا كعادة المسئولين السعوديين في مثل تلك المواقف بالتزامن مع حملات لحرق النقاب.

المراقبون صنفوا ما حدث بأنه “لعبة جديدة: وهي الانحلال الممنهج ، بالتزامن مع تهميش “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” ذات النفوذ القوي في المجتمع منذ سنوات طويلة،  وتحت عنوان ” تليين الصور النمطية الجنسية إلى حد ما” تطرق تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إلى ما أسماه “سهولة  مع الجنس الآخر” وهي منتشرة في السعودية ، فضلا عن أن التليفزيون السعودي الرسمي، في هذا الإطار استضاف المغنية والراقصة الاستعراضية اللبنانية “ليلى إسكندر”، التي لها مشاهد من إحدى أغانيها، تظهر شبه عارية مع إيحاءات جنسية واضحة، ليكون الجنس الآلة الجنهمية التي تسير علنا بكل وضوح، وتسير عليها قناة العربية بدون مواربة أو حياء.